الوطن

لماذا تستهدف المؤسسة الأمنية في الجزائر؟

بين سعداني "الآفة" أم طبال "الأفا"

 

 

لماذا يستهدف جهاز الأمن في الجزائر؟ سؤال يطرح بقوة في الآونة الأخيرة بعدما كان إلى وقت قريب الحديث عن المخابرات من المحرمات المسلم بها أو التطرق إليها والخوض فيها مهما كانت الاسباب والدواعي الواقفة وراء ذلك، لكن تصاعدت مؤخرا حملات منظمة في وسط مجموعة من التجاذبات السياسية التي تمر بها البلاد مع قرب الموعد الانتخابي الخاص بالرئاسيات، وربطها بالتغيرات الحاصلة على أعلى هرم المؤسسة الأمنية وتزامنه كذلك مع موجة من الانقلابات والتصحيحات الحزبية، أين سقطت رؤوس مقابل صعود أخرى إلى الواجهة السياسية والإعلامية، وكانت أبرزها أكبر حزبين في البلاد وهما الأرندي والأفالان، هذا الأخير جاء بعمار سعداني أمينا عاما خلفا لعبد العزيز بلخادم لتتغير الخارطة نوعا ما رغم التبعية والولاء للصف ذاته. 

هذه الهوشة السياسية والتغيير من على رؤوس الأحزاب الفاعلة في المشهد السياسي الجزائري أنتج خطابات "عصبوية" كان بطلها على الإطلاق من يدعى "السي سعداني" الذي يحاول التغول في كل مرة يعتلي فيها أحد المنابر ويحشر أنفه في جهاز الأمن الجزائري والمخابرات بصفة خاصة، وأصبح يهاجمها في كل مرة عبر منابر إعلامية ويدعو إلى "تمدين الحكم" وتحديد الصلاحيات بين أصحاب القرار، ليوجه بذلك سهامه إلى جهاز المخابرات ويستهدفه بصورة علنية في تصعيد غير مسبوق خصوصا وأن "السي سعداني" يتحدث من منصب رئيس أكبر حزب في البلاد وصاحب قاعدة جماهيرية في كل ربوع الوطن ويملك بعدا تاريخيا يدركه كل الجزائريين صغارا كانوا أم كبارا. وسط كل هذه المتغيرات والتوتر والمرحلة الحساسة التي تمر بها البلاد على كافة الأصعدة في صورة الصراع الموجود والقنابل الموقوتة  (غرداية مثالا) على حدودنا واستهداف الأمن الجزائري من طرف المخابرات الأجنبية وبالتحديد فرنسا التي تسعى بكل الطرق للتشويش على الجزائر، وما حدث في جنوب الجزائر والحرب في مالي خير دليل على ذلك. وبغض النظر عن مطالب زعيم "الأفا" وجماعته بتمدين الحكم- يشك الكثيرون في إدراكهم لمعناه الحقيقي- فهم أنفسهم دعاة العهدة الرابعة ولا يستطيعون حتى مخاطبة الشعب، وهم من طالبوا بتعديل الدستور في يوم واحد، فهل يعقل وهل يوجد إنسان يملك ذرة عقل على الأقل أن يتقبل أمرا مثل هذا. فأين هو التمدين، والمتابع لمسيرتهم طيلة سنوات نضالهم يدرك أنهم بعيدون كل البعد عن أمور كهذه، ويظهر ذلك جليا خلال خطاباتهم وكلامهم في المناسبات والصالونات، فهل صادفنا يوما أحدا فيهم يتحدث عن التداول السلمي للسلطة عبر انتخابات نزيهة وشفافة، وهل سمعنا أحدهم يتطرق للشباب وينظر لضرورة منحه الثقة في إدارة دواليب القرار، لكن العكس هو الذي يحصل. إن استهداف المؤسسة الأمنية في الجزائر يأتي لكونها الوحيدة التي تحافظ على أمن الدولة وسلامتها من كل المتربصين بها والمطبلين من كل الجهات خصوصا وبأنها تملك مفاتيح إدارة الأزمات وملفات الفساد الضخمة وهي من أثارتها مؤخرا، ولا نستغرب إذا علمنا أن هؤلاء الدعاة لهم ضلع في هذه الملفات أو ما يصطلح عليهم  "أصحاب المال الفاسد" وهم من يقفون وراء خراب البلاد، لذا يسعون بكل الطرق لعدم فضح أسمائهم أو كما يقال في المثل الشعبي "يطلع خزها فوق ماها" بل على العكس ترغب في استمرار الوضع كما هو عليه لتجد فيه مناخا سهلا وملائما لتكريس استراتيجيتها المبنية على النهب والسيطرة على المجتمع. ليس غريبا رؤية المؤسسة الأمنية مستهدفة لأنها تملك بعدا وطنيا وهي من حاربت الارهاب وحافظت على استقرار الوحدة الترابية واستطاعت تجنيب الجزائر العديد من الهزات خاصة الاختراق الصهيوني للبلاد، ولم تتورط في الأماكن المشتعلة على حدودها، رغم الخطر المحدق بها من كل الجوانب، سواء في مالي أو ليبيا، لهذا نجد أن المؤسسة الأمنية الجزائرية هدف للاستخبارات الأجنبية وعلى رأسها الفرنسية الآن أكثر من أي وقت مضى لأنها آخر قلاع الوطنية في المنطقة ككل. وسط كل هذا والرؤية المقدمة، لا يعني أن المؤسسة الأمنية الجزائرية "كاملة" بل تشوبها مجموعة من النقائص ومطالبة بمراجعة الكثير من الأمور خصوصا مع المستجدات الحالية، كما أن ضرورة إصلاح المنظومة الأمنية باتت أيضا من أولويات المؤسسة الأمنية في الجزائر، لكن يجب أن لا يكون هذا وفق أجندة فرنسية أو حسب أهواء كل من خولت له نفسه التدخل في صلاحيات الغير. فيصل شيباني 

من نفس القسم الوطن