الوطن

فرنسا تنفخ نار "صراع داخل السلطة" باستخدام سعداني

كلامه عن فشل الأجهزة الأمنية في الجزائر وتبرئة حزب الفساد

 

 

لما يتحدث عمار سعداني أمين عام الأفالان في حوار مطول لـ "كل شيء عن الجزائر" عن الاغتيالات السياسية التي عرفتها البلاد سنوات الإرهاب في تسعينيات القرن الماضي، ويفتح النار على المؤسسة الأمنية ويطالب مديرها بالاستقالة ويحمله المسؤولية في الفشل على حسب روايته ويتبنى بالحرف والنص حملات التشويه في نفس القضايا طالما رافعت عنها مؤسسات إعلامية ولوبيات فرنسية، فهذا يعني أن فرنسا تنفخ في الرماد لتؤثر على المشهد السياسي عشية الانتخابات، وما دلالات كلام سعداني عن اغتيال رهبان تيبحيرين وتفجير مقر الأمم المتحدة بالعاصمة، واغتيال بوضياف وغيرها، لدلالة عن توجيهات أجنبية  (فرنسية)، تطرح تساؤلات عن من يقف وراء الرجل، ومن يدعمه، وتظهر هذه التصريحات صراعا داخل السلطة بين أطراف فيها تبحث عن بديل لإكمال المهمة، وتنفخ فرنسا فيها باستعمال سعداني الذي ظهر أنه يتحرك بجرأة ووقاحة زائدة عن اللزوم.

 جاء حوار سعداني الذي أجرته معه "كل شيء عن الجزائر" ونشر أمس، محملا بعبارات ودلالات تقف من ورائها بشكل واضح المصالح الفرنسية، وينم هذا عن وجود توجيهات تنحو منحى خطيرا يسيء للمؤسسة العسكرية والأمنية في البلاد، فورد في كلامه حديث عن الاغتيالات السياسية التي عرفتها الجزائر سنوات التسعينيات، أبرزها استهداف المثقفين والسياسيين، الصحفيين، النقابيين، وغيرهم، وذكر منهم عبد الحق بن حمودة أمين عام المركزية النقابية، الرئيس المغتال محمد بوضياف، مقتل رهبان تيبحيرين (وهم رجال دين فرنسيون ) اغتيلوا على يد "الجيا" في سنوات التسعينيات، وكذا تفجيرات استهدفت في 2007 مقر الحكومة ومقر الأمم المتحدة بالعاصمة، وغيرها من المجازر، كلها ذكرها سعداني وبطريقة غير مباشرة، وجه تهما خطيرة للمسؤول الأول عن جهاز المخابرات  (الدي، أر، أس). والمتأمل في كلمات وجمل استعملها سعداني في الرد على الأسئلة الموجهة إليه من طرف صحفي موقع "كل شيء عن الجزائر" في الحوار الذي أجري معه، يفهم بأن الحديث عن اغتيال رهبان تيبحيرين والمجازر المرتكبة في سنوات الإرهاب لدليل على وجود حملات منظمة لجهات دأبت التحامل على الجزائر أهمها وأبرزها فرنسا، فالخوض في ملف الإرهاب وفرضية (من يقتل من) التي روج لها الإعلام الفرنسي منذ تلك الفترة، يدرك أن أيادٍ فرنسية وراء هذا التحامل، مستغلة الوقت الراهن بالذات، أي قرب إجراء انتخابات رئاسية، وتبرز في ضوء التصريحات التي جاءت على لسان أمين عام حزب جبهة التحرير، عدة دلالات تصب في كون أن هناك صراعا بين أطراف في السلطة، وبالضبط الجهة التي تحرك سعداني، تبحث عن الاستمرار وإيجاد البديل الذي يضمن لها تحقيق أهدافها، فالتصريحات لم تخرج من فاه رجل (عبيط) مثلما يدعي البعض، بدليل أن سعداني بدا أنه يعرف ما يقول، ويقلب في الملفات بشكل منتظم مستهدفا المؤسسة الأمنية في البلاد، ثم يذهب لتحميلها كل ما عرفته الجزائر من فشل أمني، يكون بذلك يتحدث بلسان جهات أجنبية طعنت مرارا في مصداقية هذا الجهاز  (الدي. أر. أس)، ويتضح أن فرنسا تريد استعمال كل الأدوات الممكنة لخلط الأوراق على الجزائر واستقرارها في هذا الوقت الذي تستعد فيه البلاد لاستحقاق هام يحدد مصير الرجل الأول على رأس الجمهورية، كما يظهر أن الأطراف التي تحرك عمار سعداني تبحث عن بديل داخل السلطة قادر على استلام زمام الأمور، وإلا كيف يمكن تفسير استعمال أمين عام الأفالان في هذا الصراع، فالحزب الذي يقوده سعداني يعد أقوى في الساحة السياسية، فهو يمثل حزبا له من النضال رصيد كبير وأكثر تمثيل في البرلمان. 220 نائب في المجلس الشعبي الوطني، 120 في مجلس الأمة، وآلاف المنتخبين عبر مجالس شعبية ولائية وبلدية. 

ووجه سعداني الأنظار بأنه مستهدف بشخصه وشخص بوتفليقة من خلال استعمال جماعة "بلعياط" التي حسبه تريد زعزعة استقرار الأفالان، حيث قال بشأنها إنها تتحرك بإيعاز من المؤسسة الأمنية، ووصفهم بمجموعة لها علاقة بكل الانقلابات التي عرفها الحزب منذ عهدة عبد الحميد مهري على رأس الحزب، وتحدث أيضا عن الإخفاقات التي تؤخذ على مديرية الأمن الداخلي بالمخابرات، بدليل أنها فشلت في تجاوز وقوع عملية إرهابية استهدفت موكب الرئيس في باتنة، وعدّد سعداني الأحداث التي قال إن (الدي أر أس) أخفق في عملية تغنتورين، وهذه ايضا من علامات التحامل الفرنسي والغربي عموما على مقاربة الجزائر الأمنية، مما يزيد من فرضية تحريك فرنسي لأمين عام الأفالان لتحقيق مآرب خاصة، وأضاف أيضا بأن فتح ملفات سوناطراك والخليفة لها دلالات على إرادة أطراف تريد منع الرئيس بوتفليقة من عهدة رابعة.

وبالمقابل عمل سعداني على تبرئة محيط الرئيس بدءا من ان شقيق الرئيس لا يتدخل في شيء وان شكيب خليل بريء وانه هو وملفات الفساد التي أشارت إليها بعض وسائل الاعلام مصدرها الأمن، سعداني بدا مدافعا عن محيط الرئيس مورطا لجهاز الأمن، ولم يتوقف عن التحامل بل لدرجة الاتهام وتحميله المسؤولية ان تعرض للشر.

إلى ذلك،  قال المحامي عمار خبابة في تعليق له حول تصريحات الامين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعداني خاصة عندما تحدث هذا الأخير عن براءة وزير الطاقة والمناجم شكيب خليل المتهم في قضايا فساد قائلا إن الظروف هي التي أجبرت العدالة الجزائرية على إقحام اسم شكيب خليل في قضايا فساد سوناطراك رغم أنه بريء، أن مثل هذه التصريحات قد تضع عمار سعداني في مساءلة قانونية من منطلق أن العدالة الجزائرية هي وحدها المخولة قانونيا لتوجيه الاتهامات وهي وحدها التي تعاقب الاشخاص أو تبرئهم، وأن أي تدخل في عمل هذا الجهاز المستقل يعرض صاحبه للمساءلة القانونية.

وأضاف خبابة في اتصال هاتفي مع "الرائد" أن السلطة القضائية التي يؤسس عليها القاضي أحكامه طبقا لضميره المهني والقانون، يمليها عليه القانون الأساسي للقاضي والدستور، ولا يجوز لأي طرف التدخل في صلاحية السلطة القضائية تحت أي طائل، لأن ذلك سيمس بمصداقية استقلالية العدالة، مؤكدا في هذا الصدد أن الذي يوجه الاتهام هو جهاز العدالة والذي يعاقب الأشخاص أو يبرئهم هي ذاتها العدالة ولا يحق لأي شخص أن ينصب نفسه في مكان هذه الأجهزة، سواء كان رئيس حزب أو وزيرا أو أي كان، أما عن التراشق الذي يحصل في مجال السياسة والذي تعودنا رؤيته على أولى صفحات الجرائد فقد أوضح خبابة أنه من حق رجل السياسة أن ينتقد، الممارسات وأن ينتقد السياسات مهما كانت الاسماء المعنية بهذه الممارسات، وليس هناك استثناء، خاصة بالنسبة للمهام والمسؤوليات العمومية فمن حق السياسي أو اي كان من ذوي الحقوق في الجزائر أن ينتقد السياسات ويقترح البدائل من منطلق حرية التعبير ومبادئ الديمقراطية، لكن دون تجريح ودون قذف وسب لأنه إذا قام بهذه الأعمال فهو سيدخل في دائرة التجريم التي تعرض صاحبها للمساءلة القانونية ومن حق الشخص المستهدف من الحديث رفع دعوى قضائية، هذا وأضاف خبابة أن النقد المبني على قضايا شخصية واتهامات لا محل لها من الصحة تعرض صاحبها إلى المساءلة القانونية، مضيفا أن سعداني من حقه إنتقاد السياسات لكن دون تدخل في مهام الاشخاص الاخرين ودون تجريح لهم كذلك دون تشخيص المسائل.

مصطفى. ح/ س. زموش

 

 

من نفس القسم الوطن