الوطن
تعثر مفاوضات جنيف 2 أمام عقبة تشكيل هيئة حكم انتقالي
مؤتمر جنيف يترنح مع عدم توقع معجزات
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 28 جانفي 2014
• الوفد الحكومي: الأسد خط أحمر و لا شرعية للمعارضة
• الغارديان: المحادثات لانهاية لها والأسد هو المستفيد
استأنف أمس وفدا النظام والمعارضة السوريان إلى مؤتمر جنيف2 المفاوضات بالبحث في مقررات جنيف1 التي لا يتفقان على تفسيرها وفق ما أعلن الموفد المشترك إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، في حين اصطدمت المفاوضات الصعبة بعقدة أولويات البحث إذ يطرح النظام ضرورة مناقشة سبل "مكافحة الإرهاب" بينما تمسكت المعارضة بتشكيل هيئة حكم انتقالية.
يأتي ذلك غداة اتهام المعارضة وفد النظام بمحاولة إضاعة الوقت بعد تقديم ما سمي بوثيقة المبادئ الأساسية. ففي مؤتمر صحفي عقده الموفد الاممي والعربي إلى سوريا الأخضر الابراهيمي بعد انتهاء جلسات التفاوض، قال الإبراهيمي إن بيان جنيف1 كان هو محور المفاوضات أمس، مشيرا إلى أن الطرفين يعرفانه جيدا. وأوضح أنه "بعد ذلك سنقرر معهم كيف نناقش البنود العديدة في هذا البيان، وبينها تشكيل هيئة الحكم الانتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة". لكنه أشار إلى أنه "لن نبدأ بالتأكيد بهذا الموضوع إنه الموضوع الأكثر تعقيدا". وأقر بعدم توقع "معجزة". وينص اتفاق جنيف1 الذي تم التوصل اليه في مؤتمر غاب عنه كل الأطراف السورية في جوان 2012، على تشكيل حكومة من ممثلين عن النظام والمعارضة بصلاحيات كاملة تتولى المرحلة الانتقالية. وتعتبر المعارضة أن نقل الصلاحيات يعني تنحي الرئيس السوري بشار الأسد، لكن النظام يرفض مجرد التطرق إلى مسألة الرئيس، كما يشكك في تمثيلية المعارضة.
وكانت الجلسة المشتركة التي عقدت صباح الإثنين اصطدمت بخلاف على أولويات البحث، ما دفع الإبراهيمي إلى رفعها حيث عقد بعدها اجتماعات مع كل وفد على حدة بعدما عبر الطرفان عن إرادتهما البقاء في المفاوضات التي تدخل ها الرابع رغم العقبات. وقالت مصادر مطلعة في جنيف إن المعارضة قد تطالب الإبراهيمي باللجوء إلى الفصل 21 من قرار مجلس الأمن 2118 وهو ما يعني العودة إلى المجلس الذي يمكنه في هذه الحالة إصدار قرار تحت الفصل السابع. لكن المراسل استبعد صدور قرار قوي يفرض على دمشق القبول بمقررات جنيف الأول وفي مقدمتها تشكيل هيئة حكم انتقالية. وفي وقت سابق قالت عضو الوفد السوري المفاوض ريما فليحان إن وفد النظام أصر على مناقشة "الإرهاب" بدلا من الانتقال السياسي. وكانت تشير إلى "وثيقة مبادئ أساسية" عرضها وفد النظام صباح الاثنين, وأرادها أن تكون أساسا للمؤتمر. وتنص الوثيقة على أن السوريين "لهم الحق الحصري في اختيار نظامهم السياسي بعيدا عن أي صيغ مفروضة" في إشارة إلى تشكيل هيئة حكم انتقالية تحل محل نظام الأسد وهو ما نصت عليه مقررات مؤتمر جنيف الأول. وقد اتهم وفد المعارضة وفد النظام بمحاولة تضييع الوقت في الوثيقة التي قدمها. وقال كبير المفاوضين هادي البحرة إن ما سمي بوثيقة المبادئ الأساسية أمر خارج إطار مؤتمر جنيف 2 الذي يركز على تحقيق انتقال سياسي في سوريا، كما وصف. من جهتها اتهمت سهير الأتاسي العضو وفد المعارضة الطرف الآخر بخرق إطار المفاوضات من خلال اعتراضه على تشكيل هيئة حكم انتقالية تضم معارضين ومسؤولين في نظام الأسد. كما أن الإبراهيمي نفسه وصف تلك الوثيقة بأنها مجرد ورقة مبادئ عامة معظمها موجود في بيان جنيف الأول. ولا تتضمن الورقة التي عرضها وفد النظام أي إشارة إلى عملية سياسية انتقالية محتملة, وإنما تؤكد على سيادة سوريا وعدم التدخل في شؤونها, فضلا عن وقف "الإرهاب" وامتناع الدول عن تسليح وتمويل وتدريب "الإرهابيين". وأضافت المصادر إن وفد المعارضة طلب من الإبراهيمي بحث تشكيل هيئة حكم انتقالية وتحديد جداول زمنية لذلك. وقد أكد فيصل المقداد نائب وزير الخارجية السوري أن وفد النظام باقٍ ولن يغادر طاولة التفاوض كما قالت عضو وفد المعارضة ريما فليحان إن المعارضة ستبقى بجنيف حتى تحقيق الهدف من المؤتمر, وهو تشكيل هيئة الحكم الانتقالية. وكان وفد النظام السوري قد اعترض منذ بدء المفاوضات بمؤتمر جنيف الثاني على تشكيل هيئة حكم انتقالية، متعللا بالتأويلات المختلفة لإعلان جنيف للعام 2012. وكما هو الحال بالنسبة إلى الشق السياسي لم يشهد الشق الإنساني الخاص بإغاثة المدن المحاصرة ومنها حمص وإطلاق المعتقلين أي تقدم. وأقر الإبراهيمي مساء الاثنين بعدم حدوث تقدم مشيرا إلى عدم إعطاء النظام ضوءا أخضر حتى الآن بإدخال مساعدات إلى حمص. من جهته قال المتحدث باسم وفد المعارضة منذر أقبيق إن المحادثات بشأن الممرات الإنسانية في حمص وقضية المعتقلين لم تحرز أي تقدم. من جهته استنكر وزير الإعلام السوري عمران الزعبي ما وصفه باستغلال وفد المعارضة موضوع إيصال المساعدات إلى حمص قائلا إن هذه القضية تتم مناقشتها بين الحكومة والأمم المتحدة. في سياق متصل يشير خبراء ومراقبون أن النقطة الايجابية الأبرز الي يمكن التوقف عندها في مؤتمر جنيف 2 بعد ما يقرب من أسبوع من انعقاده تتمثل في بدء العملية التفاوضية وكسر الحاجز النفسي بين الجانبين وجلوسهما وجها لوجه. مؤكدين أن الفصل الثاني من جنيف قد يكون مختلفا. من جهة أخرى نشرت صحيفة الغارديان البريطانيا مقالا بعنوان "محادثات السلام في جنيف التي لا نهاية لها لعبة في يد بشار الأسد". وقالت فيه إن الأسد على يقين بأن محادثات جنيف غير مجدية، وأوضحت أن المشاركة في محادثات السلام من دون شك أفضل من القتال إلا أن ما من شيء في محادثات جنيف 2 بين النظام السوري والمعارضة من شأنه أن يخفف من معاناة الشعب السوري أو البدء في إنهاء الحرب. وتتساءل إن كانت محادثات جنيف محاولة حقيقة لحل الأزمة السورية ولماذا لم تصر الدول الكبرى على التزام النظام السوري بالتوصيات الأساسية لمحادثات جنيف 1 في عام 2012، بما في ذلك تقديم المساعدات الإنسانية والإفراج عن سجناء الرأي إضافة إلى وقف الغارات الجوية التي يشنها الأسد بلا هوادة على المدنيين. وأضافت أن هذه هي مطالب المعارضة السورية لغاية ال، مؤكدة أن الأسد يعتقد أن مرور الوقت في مصلحته وذلك عبر الدعم السياسي والمالي والعسكري من الدول المؤثرة عالمياً مثل: روسيا وإيران ومع اكتفاء الولايات المتحدة وحلفائها بالإدانات، وقالت الغارديان إن محادثات السلام في جنيف التي تعتبر غير قادرة على اتخاذ قرارات حاسمة يمكن أن تستمر لشهور إن لم يكن سنوات وخلال هذا الوقت سيستمر النظام السوري بقصف السوريين. وفي الوقت نفسه ستواصل المعارضة القتال مرة أخرى ليس فقط ضد قوات الأسد ولكن ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، وختمت بالقول "أسوأ شيء يمكن أن يقوم به المجتمع الدولي هو الدفع بمحادثات من أجل المحادثات، ولغسل أيديه من المشكلة التي هي سوريا".