الوطن

روسيا حاضنة للإسلام والمسلمين وليست عدوة

رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في روسيا، محمد هني لـ "الرائد"

 

السلطات الروسية لا تمنع بناء المساجد وعددها فاق 8 آلاف

نُتهم بموالاتنا للسلطة بسبب مواقفنا الرافضة لدعوات الانفصال 

 

يرى رئيس اتحاد المنظمات الإسلامية في روسيا، محمد هني، أن المسلمين في روسيا، يتمتعون بالحرية في ممارسة شعائرهم الدينية ومعتقداتهم دون أي تضييق، من الدولة الروسية التي تعتبرهم مواطنين روسا كغيرهم من المواطنين الآخرين، وهذا ما يجسد حسب قوله تعايش القوميات في هذه البلد القارة والتي تفوق 160 قومية ولغة وإقليم، معتبرا الاتحادية الروسية من أحسن النماذج التي يحتذى بها في التعايش.

 

هل يمكن أن تحدثنا عن اتحاد المنظمات الإسلامية في روسيا والذي ترأسه؟

الاتحاد هو منظمة إسلامية مقرها موسكو تأسست من الطلبة والمهاجرين المسلمين الذين أتوا لروسيا بغرض الدراسة أو العمل أو الاستقرار بها، ونال هذا الاتحاد اعتماده من طرف الدولة الروسية في سنة 2008، ويضم الاتحاد 11 منظمة في مناطق مختلفة من التراب الروسي، حيث يتكون من جمعية عمومية تضم 30 عضوا ومجلس شورى من 9 أعضاء، وأسس هذا الاتحاد من أجل نشر الفكر الاسلامي الوسطي في روسيا، وتعليم الدين الاسلامي الصحيح ،بالإضافة إلى مساعدة المسلمين في هذا البلد على ممارسة شعائر دينهم ومعتقداتهم وذلك في حدود ما يسمح به القانون هنا .

من خلال حديثكم عن الاتحاد يبدو أنه يقوم بأعمال كبيرة تتطلب الكثير من الامكانات المادية فما هو مصدر تمويلكم؟

المصدر الرئيس لتمويلنا هو التبرعات التي تأتينا من طرف المسلمين هنا، بالإضافة إلى بعض الجهات الرسمية الخارجية كوزارة الاوقاف الكويتية والتي تعد من أهم الداعمين لنا وهذا بعلم من السلطات الروسية التي لا تحظر في قانونها التمويل الخارجي .

باعتبار منظمتكم الاسلامية تنشط في روسيا، هل يمكن أن تحدثنا عن واقع المسلمين فيها؟

المسلمون في روسيا هم كأي أشخاص آخرين يعيشون هناك حيث لا نلمس أي فرق في التعامل من طرف الجهات الرسمية الروسية، فهي توفر العدالة الاجتماعية للمسلمين كغيرهم من المسيحيين والوثنيين أو أي أقلية أخرى. وبالمناسبة فإن عدد المسلمين بحسب الإحصائيات الرسمية هو 20 مليون مسلم يتوزعون على كامل التراب الروسي حيث لا توجد مدينة هناك إلا ويوجد بها مسلمون وأكبر هذه المدن طبعا هي العاصمة موسكو والتي يبلغ عدد المسلمين فيها 4 ملايين .

قلت إن المسلمين يتوزعون على كامل التراب الروسي، ألا يعد هذا تحديا لمنظمتكم باعتبار أن روسيا بلد كبير جدا فكيف تعالجون ذلك؟ 

فعلا يعد هذا من أكبر التحديات التي تواجهنا، فتغطية روسيا بأكملها تعد ضربا من الخيال وتتطلب إمكانات كبيرة مادية وبشرية لكننا نسعى لفعل المستحيل للوصول إلى كل المسلمين فيها ومساعدتهم في تعلم الدين الصحيح وبناء المساجد لهم وتحفيظهم القرآن الكريم .

على ذكر المساجد هل تواجهون صعوبات في بنائها من طرف الجهات الرسمية هناك كما يشاع؟

كلا، هذا غير صحيح، بناء المساجد في روسيا لا يتطلب الكثير من العناء والسلطات الروسية لا تعيقنا في ذلك ولا تمنعه أبدا، على العكس فهي تشجع ذلك نظرا للحرج الذي يمس المسلمين في أعيادهم حيث نجد أن أعداد المصلين ضخمة وتصل إلى الشوارع والساحات العامة، لذا فهي لا تحب أن ترى مثل هذه المشاهد من الجانب التنظيمي طبعا وليس من جانب آخر.

كلامك هذا يدل على أن هناك نقصا كبيرا في المساجد؟ 

نعم هذا صحيح وهذه حقيقة لا يجب إخفاءها، ولكن السبب لا يعود لمنع السلطات الروسية لذلك كما يروج وإنما يعود بالدرجة الأولى إلى نقص التمويل، فعملية البناء مكلفة جدا خاصة الأرض التي هي الأساس في البناء.

هل لديكم إحصائيات بعدد المساجد هناك؟

نعم نملك إحصائيات تقريبية وهو ما يفند زعم البعض أن روسيا لا تسمح ببناء المساجد على أراضيها، فمثلا الإحصائيات تشير إلى ان عدد المساجد في سنة 1991 كان 129 بينما الآن فهو يفوق 8000 مسجد وهم في تزايد مستمر ونحن كمنظمة إسلامية نسعى ونساهم في ذلك .

ما هي التحديات التي تواجه المسلمين عموما في روسيا؟

التحديات التي تواجه المسلمين في روسيا بالإضافة طبعا إلى التحديات التي تواجه الدولة الروسية باعتبارنا مواطنين روسيين، هو التفكك الذي تعد روسيا من اكبر الدول المعرضة له بالنظر إلى التآمر والتواطؤ الذي تتعرض له من الداخل والخارج، حيث أن منظمتنا تنبذ وترفض كل أشكال الفرقة بين أبناء الشعب الواحد حتى ولو اختلفوا في الدين واللغة والعرق. فنحن ننكر كل المحاولات الانفصالية عن البلد الأم حتى لو قام بذلك مسلمون لأن ذلك يعد خطرا على الجميع دون استثناء بمن فيهم المسلمون.

ألا تتهمون بالموالاة للسلطة الروسية جراء آرائكم هاته من طرف المسلمين الذين يسعون إلى الانفصال؟

نحن لا يهمنا ذلك رغم أنه يقال فعلا، لكن الامر المهم بنسبة لنا هو الحفاظ على الوطن ووحدته الترابية، لأن ذلك هو الضمان الوحيد لكل الشعب الروسي لكي يعيش بسلام واطمئنان دون تفرقة، لأن الواقع الحالي هنا يثبت أن الدولة الروسية هي من أنجح الانظمة في العالم كله من جانب إرسائها لمبادئ التعايش بين الاديان والإثنيات والأعراق.

إذا كان هذا صحيحا، فلماذا الكثير من المسلمين يشعرون أن روسيا هي عدوة للإسلام؟ 

هذه الظاهرة لا يمكن أن ننكرها رغم أنها ليست صحيحة بتاتا، والسبب في ذلك أن الذين يتكلمون عن هذا الشعور لم يزوروا روسيا وإنما يكتفون بقراءة بعض الصحف أو بعض الصفحات على الانترنت ثم يحكمون على أن روسيا تعادي الاسلام والمسلمين، لذلك أنا هنا ومن جريدتكم أقول لكل هؤلاء تعالوا زوروا روسيا وسترون العكس تماما، لأن النقاط التي يلتقي فيها المسلمون مع روسيا هي أكبر من تلك التي يختلفون فيها، فالإسلام في روسيا ليس وليد الامس بل هو يعود إلى 1000 سنة، والذي لا يعرفه الكثير أيضا هو أن روسيا تسعى لأن تكون عضوا في منظمة المؤتمر الاسلامي .

ما هو شعور المسلمين الروس عندما يرون وطنهم كما تقول يحارب إخوتهم في الدين مثلا في الشيشان أو سابقا في افغنستان أو حتى في دعمهم غير المشروط لسوريا حاليا؟

شعورهم كشعور أي مواطن روسي آخر قد يبدي تأييده لسياسة ما تقوم به السلطة ازاء أي موضوع، أو معارضته، فالكل حر في رأيه والدولة الروسية تكفل ذلك لكل المواطنين ولا تقمع أي مخالف لسياستها ولا تتعامل مع أي أحد على أساس دينه أو عرقه بل تنظر للجميع كمواطنين روس وفقط. 

 

حاوره: عبد الباري. ع

 

من نفس القسم الوطن