الوطن

بوتفليقة يؤكد التزامه بالدستور ويؤجل الإعلان عن موقفه

في انتظار تحقيق التزامه بتسليم المشعل إلى جيل الاستقلال

 

  • الطبقة السياسية بين منتقد ومرحّب بقواعد اللعبة المسطرة من الرئيس! 

رحبت، الطبقة السياسية المحسوبة على السلطة، بخطوة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، بخصوص احترامه للآجال القانونية والدستورية حول استدعاء الهيئة الناخبة لرئاسيات أفريل المقبل، وفق ما ينص عليه قانون الانتخاب الجديد وبموجب أحكام المادة 133 من القانون العضوي المؤرخ في 2012، بعد أن ساد في الأيام القليلة الماضية حالة من الترقب والغموض التي خلفها تواجده خارج التراب الوطني في رحلته العلاجية بالمستشفى العسكري فال دو غراس بالعاصمة الفرنسية باريس، غير أنه رفض الكشف عن قراره تجاه هذا الاستحقاق الذي سيتم إجراؤه في الـ 17 أفريل المقبل، حتى إشعار آخر، يكون فيه صراع الأجنحة الذي يحاك في أعلى هرم السلطة قد وصل إلى مرحلة التوافق التي تسمح لجميع الأطراف بأن تدعم مرشح السلطة القادم بغض النظر عن شخصيته، وهي الخطوة التي لازال الفصل فيها لم يتم لحدّ كتابة هذه الأسطر، ما يوحي بأن مسألة إعلان بوتفليقة عن موقفه من المنادين للعهدة الرئاسية الرابعة له كرئيس للجمهورية، سيأخذ بعض الوقت مادام الوقت الراهن لا يسير لصالح خياره سواء كان إيجابيا أم سلبيا فيما يتعلق بهذه الدعوات والمساندات التي تأتي من هنا وهناك، وقد اعتبرت الطبقة السياسية بأن الأهم ليس احترام الرئيس للآجال الدستورية لاستدعائه الهيئة الناخبة لهذا الاستحقاق ولكن توفير الجو المناسب لإجرائها في كنف الشفافية والديمقراطية التي تطالب بها أحزاب المعارضة غير أن أحزاب السلطة وجدت في خطوة الرئيس قراءة أخرى غير قراءة الساسة المحسوبين على تيار المعارضة تشير إلى أنه سيقبل بشكل ايجابي على دعواتهم لترشيحه رسميا باسمها لهذه الانتخابات.

وبالرغم من أن مسألة تقدم الرئيس نحو عهدة رئاسية رابعة، بحسب ما استقصته"الرائد" من مصادر متعددة غير وارد لأسباب عديدة تتحكم في هذه الخطوة منها ما هو داخلي ومنها ما هو خارجي، إلا أنّ إصرار بعض الأطراف في مصاف قيادات حزبية ذات وزن في حكومة سلال الحالية تحاول أن تدفع بطموحاتها إلى أقصى الحدود، نافية الحديث عن أسماء تم اقتراحها من قبل الفاعلين في السلطة لخلافة الرئيس على كرسي قصر المرادية والتي يتقدمهم الوزير الأول عبد المالك سلال الذي قد يكون الورقة الرابحة التي سيدفع بها المدافعون عن مشروع بوتفليقة لخلافة الرئيس على سدّة الحكم بينما ترفض أطراف أخرى أن تكون في منأى عن ما يحاك في محيط هذا الأخير وتعمل على الدفع بأنصارها إلى أقصى الحدود وهو ما يقوم به أمين عام جبهة التحرير الوطني عمار سعداني الذي قال لمقربين منه بحسب مصادرنا بأنه لن يجد حرجا في دعم شخصية أخرى في مصاف اللواء عبد الغاني هامل كبديل عن الرئيس نفسه إذا ما قرر عدم الترشح لعهدة رئاسية رابعة، دون ترجيح كفة دعمه أو دعم حزبه لشخص سلال الذي يحاول التقليل من رصيده السياسي بين أبناء الجبهة وفي أعلى هرم السلطة، وبينما تحاول تيارات السلطة البحث عن فرص جيدة للتموقع مع بداية العد العكسي لخروج مرشحي الرئاسيات عن مكاتبهم سعيا للتربع على كرسي قصر المرادية تحاول المعارضة الضغط أكثر على السلطة لتحقيق بعض المكاسب التي تجعلها تدخل المنافسة أو تخرج منها بماء يحفظ لها وجهها بين أنصارها.

وفي محاولة منها لاستقساء آراء الطبقة السياسية حول الخطوة القادمة للرئيس قال عبد الرزاق مقري، في تعليقه على خطوة استدعاء الرئيس للهيئة الناخبة للرئاسيات المقبلة في الآجال القانونية، إنّها خطوة لا تشكل الحدث بالنسبة لتشكيلته السياسية التي يرى بأن الأهم لديها الآن هو أن يتم تنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة في جو من الشفافية والديمقراطية التي طالما دافعت حركة "حمس" عنها، مشيرا إلى أن مسألة استدعاء الهيئة الناخبة في الوقت بدل الضائع هو تصرف معروف لدى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي يحب أن يلعب في المساحات الضيقة، وقال المتحدث في هذا الصدد أنّ"أسلوب الرئيس هكذا..اعتدنا عليه وعلى عقيدته السياسية فالعمل السياسي عنده غير واضح المعالم، كما أنه يراهن دائما على اختيار المساحات الصعبة، لذلك فإن توقعنا بأن يترك الرئيس مسألة استدعاء الهيئة الناخبة للرئاسيات المقبلة حتى الآجال الأخيرة كان في محله ولم نعلق على هذه الخطوة سابقا وصنفناها في خانة المسائل العادية".

ونوه رئيس حركة مجتمع السلم في تصريح له لـ"الرائد"، أمس، إلى أنّ الذي يهم الحركة اليوم والطبقة السياسية بشكل عام هو أن يتم إجراء الانتخابات الرئاسية القادمة بطريقة نزيهة، مادام هناك تضارب داخل منظومة الحكم، كما أن الوضع الصحي للرئيس يثير الكثير من التساؤلات التي لا تهمنا بقدر ما يهمنا تحقيق مطلبنا في إجراء انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة تكون فيها الكلمة للشعب، ويكون الشعب سيدا في خياره، لهذا فنحن اليوم متخوفون من أن لا يتم تحقيق هذا المطلب أكثر من أي شيء آخر، فحركة مجتمع السلم متمسكة بمطالب تحقيق الشرعية وطالما ضحت من أجل هذا المطلب من جهة ومن جهة ثانية ضرورة بناء مؤسسات الدولة الحقيقية منذ عهد الشيخ محفوظ نحناح رحمه الله، ونحن اليوم لن نقلب في مطالبنا بأن نخرج عن هذا المنهج ولن نقبل بأن تكسر الشرعية.

بدوره يرى رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية، موسى تواتي في حديث له مع"الرائد"، أنّ استدعاء الهيئة الناخبة للرئاسيات المقبلة في آجالها القانونية، أمر طبيعي خاصة وأن تأجيل هذه الخطوة كانت ستجعل منصب رئيس الجمهورية شاغرا وفق النصوص الدستورية التي تحكم البلاد، وجدد المتحدث تأكيده على أن مطالب تشكيلة حزبه السياسية التي لا تختلف عن الأحزاب الأخرى المنضوية في تيار المعارضة اليوم هو الحرص على ضرورة توفير جو مناسب لإجراء الرئاسيات في وقتها القانوني وفي جو من النزاهة بعيدة عن التزوير الذي دبّ في الجزائر وفي صناعة منتخبيها.

وعلق بدوره، الناطق الرسمي باسم جبهة التحرير الوطني، وعضو المكتب السياسي السعيد بوحجة، أن بعودة الرئيس إلى أرض الوطن بعد التأكد من وضعيته الصحية التي تحسنت بشكل إيجابي، ستخوله للمضي قدما نحو العهدة الرئاسية الرابعة التي لا يحول بينه وبينها الآن شيء، واعتبر بوحجة في السياق ذاته أنّ الأمور في الأفالان قد حسمت بشكل نهائي وأن جميع المنضوين تحت الحزب من قيادة ومنتخبين ومناضلين مرتاحون بخصوص مرشحهم نحو هذا الاستحقاق وخطوة الرئيس في استدعاء الهيئة الناخبة لهذا الموعد في الآجال المحددة التي تمليها النصوص الدستورية.

وأكد بوحجة في تصريح له لـ"الرائد"، أنّ الخطوات الجادة التي يقوم بها الرئيس تجاه الاستحقاق المقبل هي دليل على أن مسألة تدشينه للرئاسيات المقبلة تسير بطريقة جيدة بالنسبة له، وكل هذه الخطوات تبعث على الارتياح في صفوف الأفالانيين كل من موقعه، الذين هم الآن ينتظرون الخطوة الأخيرة من الرئيس وهي إعلان ترشحه للقيام بالتحضير الجيد لهذا السباق من قبلهم في جو أكثر جدية.

خولة بوشويشي

 

من نفس القسم الوطن