الثقافي

استعراض واقع الشعر الشعبي في المغرب العربي

القافلة المغاربية تختتم أيامها اليوم بمدينة برج منايل

 

تشهد اليوم القافلة المغاربية للشعر آخر أيامها وذلك بتنظيم أمسية شعرية بالمجمع الثقافي لمدينة برج منايل وذلك بالتنسيق مع جمعية دزاير الخير الثقافية، وكانت القافلة قد حطت رحالها الأسبوع الماضي في الجزائر وقدمت العديد من الأمسيات الشعرية والمحاضرات، أهمها استعراض واقع الشعر الشعبي التي نظمت بمقر الجمعية الثقافية الجاحظية ودارت حول واقع الشعر الشعبي في المغرب العربي. 

 

واستعرض الشاعران خديجة شاكر وأحمد زنيبر، واقع الشعر الشعبي المغربي بالجاحظية، في ندوة أدبية تدخل ضمن نشاطات القافلة المغاربية، والتي جاءت لتسلط الضوء حول "واقع الانتاج الفكري والادبي بالمملكة المغربية"، وقد كانت الندوة فرصة متفردة، استطاع فيها كل مهتم بالشأن الأدبي المغاربي على وجه الخصوص التعرف عن قرب على الأدب المغربي بما فيه الشعر الشعبي في هذا البلد . استهلت الندوة الدكتورة والشاعرة الزجلية المغربية خديجة شاكر، متسائلة فيما إذا كنا أوطانا متقدمة، وكيف تنظم أمور المجتمع والدولة ومن يتدخل في مصائر العباد، مستعرضة أهم عمالقة الأدب العربي القديم على غرار الجاحظ وكتاباته الساخرة التي توجه نقدا لاذعا للواقع، وجاذبية مقامات بديع الزمان الهمذاني وأبي حيان وغيرهم، التي كانت تجسد أنماطا كتابية في قمة الروعة . وفي المقابل وإذا تكلمنا عن الأدب المغربي وعلى وجه الخصوص الزجلي، فإننا سنتحدث عن فن العيطة التي برزت مع المد الاستعماري، حيث تعد من أهم الفنون الشعبية بالمغرب ذلك لأنها فن مقاوم للاستعمار الفرنسي في تلك الحقبة المريرة من تاريخ البلد، والعيطة في مفهومها الأصلي والقديم تعني النداء بصوت جهوري الغرض منه جذب الانتباه، والشعر الشعبي الزجلي استطاع بقوة الكلمة النابعة من عمق اجداد عبروا بحق عما كان يختلج في نفوسهم وفي مجتمعاتهم، وهو ما أهله أن يكون ذا قيمة مزدوجة، فنية وجمالية، ثم ثقافية وحضارية يستأنس بها كل سامع لكلماتها. من جهته كشف الدكتور المغربي أحمد زنيبر أن هناك أنماطا كثيرة تمس الذات، الوطن والطبيعة...الخ، فحينما نتحدث عن الأدب الشعبي أو الملحون فإننا نتحدث بالضرورة عن نظيره الفصيح، وهو ما يحتم علينا التعريج عليهما مع بعض باعتبارهما فنا مكتملا وهذا ليرسخوا في الذاكرة، فكثير الدراسات التي تناقش الشعر الملحون - يقول المتحدث - نلمس فيها آراء مختلفة، ولكن هذا الفن ارتبط بين الجملة وكيفية ربطها باللحن، حيث ارتبط ارتباطا وثيقا باللحن الموسيقي الجذاب الناظم، يلحن ويغنى، وعليه يمكن القول إنه طرب لأن فيه أوزانا تشد السمع، والشاعر بكفاءته يوصله بأشكال مختلفة. نشأ الشعر الملحون في مناطق ريفية ونما بنسق سريع، واستطاع إلى حد كبير أن يتفاعل مع المتلقي بروعة الحرف والكلمة المنتقاة بدقة لامتناهية، كان على شكل مقطوعات تلقى في المساجد والكتاتيب القرآنية، كما اتسم بالاتزان، لأنه تغنى بالاخلاق والدين والوطن، وكل شعر مخالف للعرف والمجتمع آنذاك صاحبه يستحق الشتم وهو ما تعرض له احد الشعراء الذي ألف شعرا ملحونا تغزل فيه بامرأة، وبعدها اعتبر الشعراء هذا الشخص فاسقا وقامت القيامة عليه لدرجة أن العديد منهم نظموا أشعارا تدعو لرجمه بالحجر وتصليبه . فهذا النوع الفني القيم كان له رواده وعمالقته، ممن صنعوا مجده في المغرب، المولوعين به، من يبحثون في خفاياه، المنشدين وغيرهم، فشعراؤه تجدهم يستعملون لغة عامية راقية وهو ما يثبت أهمية الحس الذوقي الذي يتصفون به، وهو ما يجعل الآخرين يسبحون في الذاكرة الشعبية التي تأبى أن لا تمحى، وهناك ايضا يضيف زنيبر الشعر السوسي الذي يعد أبياتا مسترسلة . وقد عرج المتحدث أيضا على السرابة أو ما يعرف بمقدمة القصيدة التي يجب أن تكون من نفس جنس القصيدة والسرابة غير موقعة بالاسم وكثيرا ما اشتهرت، والترجمة التي ينسجها الشاعر من خياله الواسع ويخرج قصة فيها صراعات وتناقضات ومفارقات مثل موضوع صراع بين عجوز وزوجة ابنها يحتدم الصراع ليتضح في الأخير أنها من نسج خيال الشاعر . من جهة أخرى استعرض لنا أهم الأغراض التي تستعمل في الملحون، والتي عددها في الصلاة والدين والقرب الإلهي ومدح الرسول وغيرها من المواضيع وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر قصيدة بني سليمان، كما توقع المرأة حضورها في الشعر العربي ويتجلى ذلك في الغزل أيام عنتر وعبلة وقيس وليلى، وفي الملحون الكثير منهم تغنى بخدوج وفاطمة .

فيصل.ش

من نفس القسم الثقافي