الوطن
2013 ....غضب شعبي في مواجهة سلم إجتماعي "مزيف"
إضرابات، احتجاجات وأعمال شغب قابلته مجرد وعود من الحكومة
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 30 ديسمبر 2013
عام 2013 المنقضي كان عام الإضرابات بإمتياز حيث مست هذه الأخيرة كل القطاعات، على غرار التربية، الصحة، النقل، لتتحول إلى موضة العمال لهذه السنة.....حراك إجتماعي متسارع، واحتجاجات وصلت إلى ذروتها وأعمال شغب مست مدن وولايات عديدة تداخلت وتعددت أسبابها من أزمة السكن والبطالة والحق في التنمية إلى احتقان شعبي وانفجار صاحبته أعمال تخريب لأسباب "تافهة" تنتهي بفتنة، هذا التوتر الشعبي قابلته مجرد وعود للمسؤوليين يتنصلون منها بمجرد التصريح بها، و"تبديد" ملايير الدينارات فقط لشراء سلم إجتماعي "مزيف" كوسيلة للمناورة وكسب الوقت، لنودع عام 2013 ونستقبل العام الجديد على وقع تصعيد للشارع الجزائري والطبقة العمالية تحملها معها كثير من الغضب والسخط على حكومة .
السنة الدراسية تبدأ بالاحتجاجات وتنتهي بفضيحة !
ولعل أهم ما ميز السنة الدراسية لعام 2013 هو عدد الإضرابات والاحتجاجات القياسية التي عرفها قطاع التربية، حيث شهد هذا الأخير ومنذ بداية السنة الدراسية المئات من الحركات الإحتجاجية وإضرابات مفتوحة وصلت إلى 8 أسابيع متتالية بالجنوب زد إلى ذلك التهديد بمقاطعة امتحانات نهاية السنة "البيام والسنكيام والباك" ومقاطعة كل ما هو إداري لتسارع وزارة التربية من أجل احتواء الوضع وتتراجع النقابات ومنه عمال القطاع إحساسا منها بالمسؤولية النبيلة المنطوة بهم، لكن التطورات "التراجيدية" في قطاع التربية لم تتوقف عند هذا الحد حيث عرف هذا الأخير سنة 2013 فضيحة من العيار الثقيل وهي عملية الغش الجماعي والفوضى التي حدثت في أهم امتحان نهاية السنة، حيث تورط المئات من تلاميذ القسم النهائي في عدة ولايات في عمليات غش ضربت بمصداقية شهادة البكالوريا، لتقرر وزارة التربية إقصاء التلاميذ المتسببين في هذه الفضيحة لخمسة سنوات ومعاقبة الاساتذة الذين تورطوا وكانت لهم يد في مهزلة بكالوريا 2013، وتتوالي التقارير حول هذه المسألة وردود الأفعال من الفاعليين والشركاء الإجتماعيين لتصل الأمور إلى حد تبادل التهم بين جمعيات أولياء التلاميذ ونقابات القطاع حول أيادي خفية دفعت بالتلاميذ إلى هذا التمرد لتشير مصادر بتدخل رئيس الجمهورية شخصيا للسماح للغشاشين بإعادة السنة، من خلال تصريحات الوزير الأول الذي قال "لن نقسى على التلاميذ الغشاشين، فهم أبناؤنا"، لكن بابا أحمد وحفاظا على ماء الوجه قرر منح القرار الأخير للجنة التحقيق.
احتجاجات عمال الصحة تدخل القطاع "المريض" الإنعاش
وغير بعيد عن قطاع التربية شهد قطاع الصحة هو الأخر سنة 2013 سلسلة من الإحتجاجات دفع ثمنها المواطن الجزائري المريض، حيث عرف القطاع وطيلة أشهر من السنة المنصرمة إضرابات مفتوحة دامت لأسابيع متتالية فضحت سياسية "البريكولاج" التي كانت تسير قطاع حساس يهتم بألام المواطن، لتتوحد نقابات قطاع الصحة تحت غطاء تنسييقة للي ذراع وزير الصحة ويبدأ مسلسل التصعيد وتبادل التصريحات النارية والاستفزازية بين الطرفين ويقع المواطن ضحية لهذا الصراع الذي لم ينقضي إلا بتعيين وزير جديد، لكن رغم أن "الإحتجاجات" توقفت إلا أن قطاع الصحة لم يشهد إي تطور خلال سنة 2013 حيث لا يزال الوضع يراوح مكانه عمليات تجرى بالمعريفة وأطباء "يبزنسون" في صحة المواطن وعيادات تستثمر في ألام المرضي من أجل المال وفقط كل هذا واجه الوزير الجديد الذي يحاول هذه المرة العمل على إصلاح القطاع بزيارات فجائية وقف خلالها على الواقع المتعفن لقطاع الصحة أين أعترف في عديد من المناسبات بهذه الحقيقية الأمر الذي دفع إلى إقالة عدد من مدراء المستشفيات.
شباب يثورون على سياسية العمل الهش
حراك إجتماعي أخر ميز سنة 2013 وهو حراك الشباب البطال الذي بدأ بولايات الجنوب وامتد في ما بعد إلى ولايات داخلية، ووصل إلى العاصمة حيث بدأ شهر فيفري من العام المنصرم وحمل الشباب مطالب اجتماعية بحثة لا علاقة لها بالسياسية متمثلة في توفير مناصب شغل للبطالين في الجنوب وإعطائهم الأولوية في التشغيل بالمؤسسات البترولية الناشطة هناك، لتسارع الحكومة في أمتصاص غضب هؤلاء الشباب الذين بدؤا فئة صغيرة ليتحولوا إلى قاعدة شعبية مثّلثهم لجنة لم تعتمد حكوميا قدر إعتمادها شعبيا بتوفير مناصب شغل في سلك الأمن والشرطة، الأمر الذي لم يكن مقنعا للبطاليين الذين يواصلون نضالهم عن طريق التظاهر والخروج للشارع، فئة أخرى ممثلة في الشباب تبنت موقف تصعيدي تجاه الحكومة في 2013 وهي فئة الشباب العامل بصيغة عقود ما قبل التشغيل الذين ومنذ بداية 2013 دخلوا في سلسلة من الإحتجاجات لإفتكاك حق الإدماج قابلته قمع من طرف رجال الأمن في كل مرة، لتحطم تصريحات وزير العمل بن مرادي باستحالة تحقيق المطلب التي جاءت نهاية العام أمال هؤلاء الشباب في الإدماج الأمر الذي دفعهم بتصعيد احتجاجهم كحل أخير.
هل ستلتزم عدل بإسكان الجزائريين في غضون 2015 ؟
من جهة أخرى كان الحدث الأبرز في سنة 2013 بالنسبة لطالبي السكن مشروع الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره عدل، ببرنامج عدل 02، والذي من المنتظر أن يسلم قبل 2015 بإنجاز 150 ألف سكن. مشروع استحسنه الكثيرون ممن هبوا إلى التسجيل على موقع الوكالة الوطنية لتحسين السكن وتطويره فور إعلان الوكالة عن مشروعها ومباشرتها لعملية التسجيل منذ تاريخ، 16 سبتمبر من سنة 2013، حيث تلقت الوكالة 700 ألف مسجل، منذ إعلانها عن بداية التسجيل. 300 ألف طلب قبلت ملفاتهم وحسب وكالة عدل، في انتظار استكمال دراسة بقية الملفات ببعض الولايات والتي لا تزال قيد الدراسة، من ضمن 230 ألف وحدة سكنية، بعد إضافة كوطة 80 ألف وحدة أمام زيادة الطلب على هذه الصيغة السكنية، في الوقت الذي تعهدت الوكالة بإسكان المكتتبين قبل 2015، وبالمقابل شحنت سنة 2013، بسلسلة من الاحتجاجات من مكتتبين لم تفي عدل بوعودها تجاههم، أين كان في الموعد المقصون من عملية تحيين ملفاتهم من المسجلين الأوائل لسنتي 2001، و2002، ممن دفعوا الأقساط الأولى من حق السكنات ولو تستدعيهم الوكالة لتحيين ملفاتهم، ما أجج الوضع وجعلهم يخرجون للاحتجاج كل يوم اثنين أمام مقر الوكالة، في الوقت الذي احتج المقصون من العملية من المسجلين الأوائل من الأرامل والأشخاص المسنين من قائمة المستفيدين.
"الرحلة" مؤجلة إلى إشعار لاحق
على الرغم من إطلاق الولاية لأكبر مشروع سكني بالعاصمة، يضم 45 ألف وحدة سكنية اجتماعية، منها 20 ألف في إطار أكبر عملية ترحيل في العاصمة، و15 ألف أُخرى تخصص للسكنات الهشّة، و10 آلاف تندرج ضمن المخطط الخماسي 2005-2009 المُتأخر، والتي تقررت في البداية قبل اكتوبر 2013، لتمدد إلى أواخر ديسمبر قبل أن يستقر تاريخ الترحيل في 20 ديسمبر من ذات السنة، إلا أن المصالح الولائية للجزائر العاصمة لم تتمكن من تنظيم عمليتها، وترحيل السكان الذين انتظروها طويلا، وراحوا يتهافتون على تصريحات زوخ علّه يشفي غليلهم ويسرع في تنظيم العملية، التي خصصت ولاية العاصمة لهذه العملية الكثير من المواقع السكنية التي تمّ إنجازها وهي مشروع 1078 مسكن في بن طلحة ببراقي، و1088 مسكن في الرمضانية في الكاليتوس، و928 مسكن بالدالية في الكاليتوس، وحيين بهراوة يضمّ الأوّل 668 وحدة سكنية والثاني 762 وحدة سكنية، وكلها سكنات جاهزة بمرافقها بنسبة فاقت 90 بالمائة، غير أن عملية الترحيل لم تبرمج طيلة السنة، على غير العادة سنة بلا ترحيل مرت على العاصميين.
أزمة السكن تحدث فتنة وأعمال شغب
لم يستوعب المعنيون بالترحيل، تأجيل العملية، وراحوا يعبّرون عن سخطهم في عديد الأحياء الفوضوية وساكني الشاليهات، ولعل اخطرها الأحداث الدامية التي شهدها حي ديار البركة ببراقي، والذي دامت به الصراعات مع رجال الشرطة لأزيد من أسبوع خلفت جرحى واعتقالات في صفوف المحتجين، الذين خرجوا للمطالبة بتعجيل ترحيلهم إلى سكنات لائقة، كانت إشاعة ترحيل قاطني الفوضوي بالسمار، الحراش، وباب الواد، إلى المشروع السكني 1100 مسكن ببن طلحة، وهو ما لم يهضمه سكان الحي المذكور والذين طالبوا بأحقيتهم في الاستفادة من المشروع السكني، بالمقابل خرج سكان حي "الجمهورية" بالكاليتوس، عن صمتهم الذي طال أمده، وطالبوا بتحسين ظروفهم بسبب افتقارهم لأدنى شروط الحياة الكريمة، وانتشالهم من السكنات الهشة والبيوت القصديرية التي تشكل خطرا على حياة الكثير من السكان، فهي آيلة للسقوط لا محالة في حالة حدوث أي تغير مناخي طارئ بالمنطقة، وطالبوا بترحيلهم لسكنات لائقة، كما صاحب الإفراج على قائمة المستفيدين من السكنات الإجتماعية إحتجاجات وأعمال عنف خلال سنة 2013 في أكثر من ولاية على غرار ولاية وهرانـ بسكرة، تيارت، تيبازة، وفي سياق متصل أقدم سكان حي دلاس بالرغاية، نهاية العام على قطع طريق السكة الحديدة على مستوى النقطة الفاصلة بين بلدية الرغاية بالعاصمة وبلدية بودواو التابعة لولاية بومرداس، والتي شلت حركة سير القطار لأزيد من أسبوع، الأمر الذي دفع بالشركة الوطنية للنقل بالسكة الحديدية بتجنيد حافلات لنقل المسافرين القادمين من الولاية الشرقية من الثنية نحو العاصمة، وذلك للاحتجاج على انطلاق أشغال مشروع نقل المفرغة العمومية بأولاد فايت إلى بلدية الرغاية. وقام المحتجون بمنع المقاولة المكلفة بالإنجاز من الانطلاق في المشروع، مستنكرين كل “الوعود والضمانات التي أطلقها المسؤولون المحليون بعدم إنجاز هذا المشروع حفاظا على البيئة”.
الجنوب يودع العام على وقع مواجهات طائفية
هذا ولم يخلوا عام 2013 من أعمال الشغب والمواجهات وكذا الصراعات الطائفية بين أبناء المنطقة الواحدة، كان أعنفها الذي يحصل بولاية غرداية بين العرب أتباع المذهب المالكي والأمازيغ أتباع المذهب الإباضي، حيث شهدت الولاية منذ قرابة الاسبوع مواجهات طائفية إستعملت فيها الزجاجات الحارقة والأسلحة البيضاء مواد أخرى سريعة الالتهاب، تسببت في إصابة عشرات الأشخاص بجروح خاصة في صفوف رجال الشرطة، كما دفعت أعمال العنف هذه عدداً من العائلات المقيمة في أحياء وسط المدينة، إلى النزوح إلى أحياء أخرى أكثر أمنا واضطر عشرات التجار في أحياء متفرقة من مدينة غرداية إلى إخلاء محلاتهم من البضائع، لتفادي عمليات النهب. ن استعداد الوزير الأول عبد المالك سلال لطرح مبادرة حكومية تختص بإنهاء حالة التوتر التي تشهدها غرداية منذ نحو أسبوع، لتستقبل الولاية العام الجديد على وقع شرخ بين فئتي من المجتمع يمثلان تاريخ ولاية غرداية.
إعداد: س.زموش/مني.ب