الوطن
الخليفة.. بين المحاكمة غير السياسية وبين رائحة الرئاسيات
توقيت استلام مؤمن خليفة وموعد محاكمته محل خلاف
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 25 ديسمبر 2013
تختلف وجهات نظر السياسيين والأكادميين والقانونيين في النظر إلى قضية يحجم "فضيحة القرن"، أو محاكمة رفيق مؤمن خليفة، الذي استلمته الجزائر من بريطانيا الثلاثاء، فالأفالان بجناحيها تقول إن مجرد تسلمه هو نجاح للعدالة الجزائرية، وليس له ارتباط بالإنتخابات، كما أن المستفيد من فتح الملف هو الضحايا والشعب عموما، بينما تراه أحزاب معارضة بأنه متعلق باستحقاقات 2014، وأن المحاكمة ستكون عادلة في نظر البعض وآخرون يرون أنها لن تتم أبدا وإنما الأمر يتعلق بالاستعداد لتسليم الرئاسة لأصحاب المال، بينما تحمل بعض الأحزاب مسؤولية القضية إلى السلطة التي اعتمدت مجمع الخليفة، بينما يعتبرها خبراء في الإعلام أنها أعادة نفخ فر رماد بغية اعادة أطراف في السلطة إلى الواجهة واستهداف آخرين، وترى أن صفقة بريطانية فرنسية كانت وراء استلامه، أما من وجهة نظر القانون، فيرى القانونيون أنه سيحاكم بعد الرئاسيات وعقوبته تتراوح بين 10 و20 سنة.
سعيد بوحجة: لدينا ثقة في العدالة وفي المحاكمة
يرى المكلف بأمانة الإعلام والاتصال بحزب جبهة التحرير الوطني (جناح الأمين العام عمار سعداني) سعيد بوحجة، بأن تسليم عبد المومن خليفة هو انجاز كبير وله اثر ايجابي في نفس المواطن، كما يضع حدا للعديد من التساؤلات خاصة في هذا الظرف الذي تمر به البلاد، واستبعد بوحجة أن تكون عملية استلام المتهم الرئيسي في قضية بنك الخليفة لها علاقة بالرئاسيات، أو أي بعد سياسي، حيث يعتبر أن شروط المحاكمة العادلة متوفرة بدليل أن كل الاجراءت القانونية قد تم استنفاذها قبل تسليمه من طرف بريطانيا، كما أن الأفلان من منظوره له ثقة في العدالة الجزائرية، بينما يرفض المتحدث باسم الحزب العتيد أنه يكون للقضية تاريخ محدد، حيث سواء تمت محاكمة مومن خليفة قبل أو بعد الإنتخابات، لأن الأهم هو استكمال الإجراءات القضائية هنا بالجزائر ثم بعدها يحال على المحاكمة، ولا توقيت محدد برأي بوحجة، وعن الأطراف المستفيدة من القضية في هذا التوقيت بالذات، يؤكد القيادي في الأفلان أن لا طرف مستفيد سوى الشعب الجزائري الذي يريد أن يرى محاسبة للمتورطين في القضية بعيدا عن أية تأويلات أخرى.
قاسة عيسي: تسلم الجزائر للمتهم ليس له ارتباط بالرئاسيات
قاسة عيسي المكلف بالإعلام (جناح عبد الرحمان بلعياط)، لا يختلف كثيرا في رأيه عن ما قاله بوحجة، إذ يرى أن اعادة عبد المومن خليفة إلى الجزائر هو اجراء قامت به السلطات القضائية بالتنسيق مع نظريتها في المملكة المتحدة (بريطانيا)، وحاول المتحدث أن يستبعد أية علاقة بالظروف التي تعيشها البلاد وقرب موعد الإستحقاق الرئاسي وتسلم الخليفة هو كون أن الوقت حان لتسلمه هذا هو السبب الحقيقي، بينما من يقول أن لذلك علاقة بحسابات الرئاسيات فهذا في نظر قاسة عيسي خطأ، أما من سيستفيد من طرح الملف فحسبه، هو ضحايا الخليفة فقط وطبعا مؤسسات الدولة، بينما توقيت محاكمة المتهم فهذا يتعلق بالإجراءات القانونية، كما أنها ستكون عادلة بالنظر إلى كونها تفتح على طرفي النزاع (متهم- ضحية)، ولن يؤثر موعدها سواء كان قبل أو بعد الرئاسيات.
ذويبي (حركة النهضة): الخليفة لن تنهي قضايا الفساد في البلاد
وفقا لمنظور محمد ذويبي أمين عام حركة النهضة، فإن الأولى ليست فتح هذه القضية في هذا الوقت بالذات، بل يجب مراجعة ومعالجة قضية ابعد منها وهي الفساد ككل، حيث يفضل قبل محاكمة الخليفة أن نعود، حسبه، إلا أصل المشكل، وهو تورط المسؤولين في الدولة، حيث اتسمت السنوات الماضية يظاهرة الفساد والنصب والاحتيال، وما بنك الخليفة إلا وجه وجوه هذا الفساد، وتتعلق القضية بمنظومة الحكم وبحث مستقبل بقائه فيه( في إشارة للعهدة الرابعة )، ويعتقد ذوبي أنه سواء تمت محاكمة مومن خليفة أم لا، فإن الوضع سيظل قائما، ويشكك في حدوث محاكمة أصلا، تذهب حركة النهضة لتحميل السلطة المسؤولية في ما اقترفه الخليفة، ما من سيستفيد من فتح الملف في هذا الوقت بالذات هم أطراف في السلطة معروفين (دون ذكر من هؤلاء)، وسواء كانت المحاكمة قبل أو بعد الانتخابات، فهذا لا يهم لأن إرادة التغيير بعيدة، وما السكوت عن قضايا فساد أخرى إلا دليلا قاطعا على ذلك.
موسى تواتي: جهتان في السلطة تستفيدان من قضية الخليفة
يعلق موسى تواتي (رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية) على القضية بربطها بالانتخابات الرئاسية وكذا مشروع العهدة الرابعة، وقال إن فتح ملف قضية الخليفة من جديد واستلامه من طرف الجزائر في هذه المرحلة، هو اعادة ترتيب البيت بين اصحاب المال ولا نفوذ في السلطة، وتوزيع الأدوار، بحيث، وفقا لتواتي، أن منظومة الحكم ستتغير وستمنح لسلطة المال، وما تسليم عبد المؤمن خليفة إلا بداية لتسليم شكيب خليل ايضا من طرف الولايات المتحدة، حيث يوجد هناك تراضي وتوافق بين الجهتين المتنافستين في السلطة، واتفاق مبني على ضمان مصالح كل طرف، وهم في الحقيقة المستفيدون من فتح هذا الملف في الوقت الراهن، ويقلل تواتي من شأن المحاكمة وإن كان يرى أنها لن تكون أصلا.
بن خلاف: من هم في السلطة يريدون الاستمرار في الحكم بهذه القضية
يقول لخضر بن خلاف القيادي في جبهة العدالة والتنمية أنه بقصد أو بدون قصد وبتخطيط أو بدونه، فإن قضية الخليفة وفتحها في هذا التوقيت بالذات هو أمر غير عادي، ومرتبط برئاسيات 2014، حيث تلقي بضلالها على هذا الموعد الهام، وأكثر المستفدين من القضية هم مؤيدون ومطالبون بالعهدة الرابعة للرئيس الحالي، خاصة وأن مسؤولين بالدولة تلطخت اسمائهم بالفساد وتورطوا في القضية، ويضيف بن خلاف في هذا الشأن قائلا إن من يريد أن يحاكم الرجل الهارب (مومن خليفة) يريد أن يستمر في الحكم، أما عن توقيت المحاكمة (قبل أو بعد الرئاسيات)، يستبعد المتحدث أن يكون قبل الموعد الرئاسي بالنظر لبطء الاجراءات القانونية، خاصة أن المتهم صدر في حقه حكما غيابيا، وستطول إجراءاتها كون هناك حق معارضة الحكم من طرف المتهم، وفي ما يخص مسألة أن تكون المحاكمة عادية من عدمها، موضحا أن الجزائر تكون قد قدمت ضمانات لبريطانيا بتوفير شروط المحاكمة العادلة.
جمعها: مصطفى. ح
المحلل السياسي والأستاذ بجامعة الجزائر عبد العالي رزاقي لـ"الرائد":
السلطة ستستعمل قضية الخليفة لـ"ابتزاز" معارضي العهدة الرابعة
• قضية إبراهيم حجاس سيكون لها بعد سياسي أيضا
قال المحلل السياسي والأستاذ بجامعة الجزائر عبد العالي رزاقي إن عبد المؤمن خليفة سيحاكم محاكمة سياسية في الجزائر بعد جلبه من بريطانيا مساء أول أمس، مؤكدا أن الهدف من إعادة بعث هذه القضية في هذا التوقيت بالذات هو استعمالها للضغط على بعض الأطراف سواء داخل السلطة أو خارجها وإعادة إدخالهم "الصف" والمشي في الخط الذي يريده دعاة العهدة الرابعة تحديدا.
وتوقع رزاقي في تصريح لـ"الرائد" أن يتم محاكمة الخليفة قبل الرئاسيات تحديدا شهر جانفي بعد استدعاء الهيئة الناخبة، مضيفا أن هناك صفقة بريطانية فرنسية واضحة في قضية الخليفة، مسجلا أن الخليفة أول متهم مطلوب من الانتربول يتم تسليمه من بريطانيا للجزائر، رغم أن فرنسا هي الأخرى كانت تحاول استلام عبد المؤمن خليفة من بريطانيا بحكم أنه مطلوب لديها لتورطه في قضايا فساد أخرى، وفي نفس السياق أضاف رزاقي أن التوقيت الذي تم فيه جلب خليفة يحمل الكثير من الخلفيات باعتبار أن عملية التسليم سبقتها تصريحات متناقضة لمسؤولين جزائريين أكدوا خلالها أنه بإمكان المتهم التقاضي لدى المحكمة الأوروبية، وهذا يستغرق فترة زمنية طويلة، وبعد أقل من 48 ساعة نتفاجأ بمجيئه، يضيف رزاقي الذي أجزم أن قضية عودة الخليفة مرتبطة ارتباطا وثيقا باقتراب الرئاسيات، حيث تسعى السلطة الداعمة للعهدة الرابعة لبوتفليقة حسبه للاستفادة هذه القضية. وقال رزاقي في السياق ذاته إنه عندما أسس الخليفة الإمبراطورية الإعلامية تعاون مع وجوه تملك الآن مؤسسات إعلامية سيتم إعادة إقحامها إن لم تسر في الخط الذي تريده السلطة، مشيرا إلى قضية أخرى قال رزاقي إن الإعلام والرأي العام تغاضيا عنها وهي قضية رجل الأعمال إبراهيم حجاس رئيس مجموعة يونين بنك الخاصة والذي تم توقيفه من طرف الشرطة الدولية بالمغرب وتسليمه للجزائر منتصف الشهر الجاري بعد حوالي 10 سنوات من فراره بعد انفجار قضايا فساد مرتبطة بمجموعة شركاته المتكونة من 11 فرعا. حيث قال رزاقي في هذا الصدد إن هذه المحاكمة أيضا سيكون لها بعد سياسي باعتبار المتهم الرئيس حجاس كان يسيطر على أغلب مزارع بوشاوي وهذا يعني أن هناك مجموعة من المتقاعدين في الجيش قد تذكر أسماؤهم في المحاكمة مما يمنعهم من دعم هذا المرشح أو ذاك في الرئاسيات القادمة، ليخلص رزاقي بالقول إن هناك ترتيبات واضحة من دعاة العهدة الرابعة من أجل استغلال كل الأوراق لإبعاد المعارضين في السلطة عن لعبة الرئاسيات وإعادة ما جرى في 2004 بين بوتفليقة وبن فليس والصراعات التي جرت في المؤسسة العسكرية.
سارة زموش
المحامي خالد برغل يؤكد لـ"الرائد"
الخليفة سيحاكم بعد الرئاسيات وعقوبته تتراوح بين 10 و20 سنة
إستبعد المحامي خالد برغل أن يتم محاكمة صاحب قضية القرن في الجزائر عبد المؤمن خليفة قبل الرئاسيات إلا إذا تم ذلك بإرادة سياسية، مرجعا السبب لحجم القضية من جهة وكون محكمة الجنايات لم تفصل بعد في القضية الأولى المتعلقة بالمتهمين الآخرين، الأمر الذي يستغرق وقتا يفوق الثلاثة أشهر نظرا لعدد المتهمين والشهود قبل التفرغ لمحاكمة الخليفة بمفرده.
وأضاف المحامي برغل الذي كان من بين المحامين الذين رافعوا في محاكمة الخليفة التي جرت أطوارها سنة 2007، في اتصال هاتفي لـ"الرائد" أن الإجراءات القانونية التي تلي جلب مؤمن خليفة من بريطانيا تعد إجراءات روتينية حيث سيتم إفراغ أمر القبض وتقديم طعن من طرف المتهم أمام المحكمة الجنائية حتى لا يصبح الحكم الأول الذي صدر في حقه نهائيا، ثم ينتظر المحاكمة وتاريخ الجلسة، مشيرا في السياق ذاته إلى أن القضية الأم تم الفصل فيها حضوريا بالنسبة للمتهمين وغيابيا في حق الخليفة، والحكم الذي صدر من المحكمة الجنائية حضوريا في حق بقية المتهمين تم الطعن فيه بالمحكمة العليا واستغرق حوالي أربع سنوات ثم استجابت المحكمة العليا لطعون المتهمين فتم إحالتها إلى محكمة البليدة وقد تم جدولتها في أفريل الماضي ثم أجلت، مضيفا في السياق ذاته أن الخليفة في هذه الحالة سيحاكم لوحده لكن بناء على الملف الاول ويستدعى باقي المتهمين كشهود بعد الفصل في قضيتهم، الأمر الذي دفع بالمحامي برغل للقول إن محاكمة الخليفة قبل الرئاسيات مستحيلة ليس من الناحية القانونية كون القضية لا تتعلق بآجال محددة قانونيا بل كون أن محكمة الجنايات لم تفصل في القضية الأولى بعد الطعن، الامر الذي يستغرق وقتا للمرور لمحاكمة الخليفة لوحده، خاصة بالنظر لحجم القضية وعدد المتهمين وكذا الشهود، من جهة أخرى وفي رده على سؤال حول العقوبة التي تنتظر الخليفة قال برغل إنه لا يريد استباق الأحداث لأن الملف فيه زوايا غامضة، مضيفا أن الحكم الاول وهو حكم السجن المؤبد في حق الخليفة كان حكما غيابيا كأقصى عقوبة، لكن بالنظر إلى التهم الموجهة إليه فقد يتراوح الحكم بين 10 سنوات و20 سنة كأقصى عقوبة هذه المرة، كما لم يستبعد برغل أن يستفيد الخليفة من البراءة قائلا "هذا يرجع إلى تقدير المحكمة الجنائية انطلاقا من الوقائع والدفوع التي سيقدمها المتهم".
س. زموش
قال أن الجزائر اولى بمحاكمة الخليفة قسنطيني يؤكد
تسليم الخليفة يعتبر خطوة هامة في مسار العدالة الجزائرية
اعتبر أمس، رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الانسان فاروق قسنطيني، أن موافقة المملكة المتحدة على تسليم رفيق عبد المؤمن خليفة للجزائر، اعتمدت على تقديم العدالة الجزائرية ملفا مؤسسا ومدعما بوثائق وسندات دامغة وهو خطوة هامة في مسار العدالة الجزائرية كما أكد ان هذه الأخيرة أولى من غيرها بمحاكمة عبد المؤمن خليفة.
أوضح فاروق قسنطيني، أن تسليم رجل الأعمال السابق الذي لجأ إلى بريطانيا منذ سنة 2003 والذي صدر في حقه أمر توقيف دولي أن هذه الموافقة تعني أن العدالة الجزائرية، اكتسبت على الصعيد الدولي المصداقية اللازمة لما تتمتع به من حياد واستقامة حيث ان حقوق الشخص المسلم مضمونة وستمارس دون أدنى قيد.
وأكد قسنطيني، أن تسليم الرعية الجزائري يبين بوضوح أن "الجزائر تقترب من دولة الحق والقانون التي تتطلع لها مستطردا هذا إن لم تكن فعلا كذلك" واعتبر أن هذا سيساعد على اختتام السنة الحالية وولوج العام الجديد بتفاؤل حيث أن الأمر يتعلق بانتصار قضائي فريد".
وجاء في بيان لوزارة العدل أن تسليم عبد المؤمن خليفة للسلطات الجزائرية تم "وفقا للإجراءات القانونية وأحكام الاتفاقية القضائية" بين الجزائر وبريطانيا التي دخلت حيز التنفيذ سنة 2007.
وأفاد البيان أنه "تبعا لاستنفاذ كافة إجراءات الطعن المتعلقة بتسليم ا عبد المومن رفيق خليفة فقد استكملت كافة إجراءات الاستلام من قبل الفريق الجزائري الذي تنقل الأحد الماضي إلى لندن لتسليم المعني بالأمر.
أنس. ح