الوطن

ترويض الأفافاس وحمس وحزب حنون "المهمة الصعبة" قبل معركة الرئاسيات

في ظل تمسك بعض التشكيلات بخيار بقاءها في صف المعارضة

 

رمى المشهد السياسي في الآونة الأخيرة، بعض ملامح الخارطة السياسية التي ستكون عليها الجزائر في الاستحقاق الانتخابي المقبل، وبين التطلع لمعرفة فرسان هذا الموعد وأرانبه من قبل الساسة الجزائريين وأصحاب المصالح الخاصة والضيقة، تحاول فئة أخرى أن تستثمر في حالة الضبابية هذه لتدفع بنفسها لأقصى الحدود التي تضمن لها فرصة لعب الأدوار الأولى في التحضير لهذه الانتخابات وإن كان هذا على حساب قواعد اللعبة السياسية التي ترفض أن تضع حدا لأدواتها، وبالرغم من أن المشهد قد دفع ببعض شخصيات هذا الاستحقاق إلا لعب بعض الأدوار قبل موعد الحسم إلا أن البعض لازال يترقب خارطة الطريق التي عليه انتهاجها للوصول إلى اللحظة المنشودة، خاصة وأن هؤلاء هم مطالبون اليوم وأكثر من أي وقت مضى إلى ترويض التيار الراديكالي المعارض للسلطة سواء كان هذا التيار موجود في الأحزاب ذات التوجه الإسلامي أو ذات التوجه العلماني، في انتظار توزيع الأدوار الرئيسية على هؤلاء بعد استدعاء الهيئة الناخبة لرئاسيات 2014، مطلع السنة المقبلة، وبالتحديد في شهرها الأول منها، ولا تهتم هذه الفئة من الساسة بشخصية المرشح بقدر ما تهتم بالدور المنوط بها لتعبيد الطريق أمامه للوصول إلى قصر المرادية، وهو الذي دفع بها في البداية إلى إعلان ترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة قبل أن تغير من لغة الخطاب في الآونة الأخيرة وتؤكد دعمها لبرنامجه وقراره إن أراد التواجد في سدّة الحكم لعهدة رئاسية أخرى.

تستهدف هذه الأحزاب المحسوبة على السلطة، حسب مصادر من محيطها، كل من حزب العمال بقيادة زعيمته التاريخية لويزة حنون، وحركة مجتمع السلم بقيادة عبد الرزاق مقري، وجبهة القوى الاشتراكية بقيادة أحمد بيطاطاش، حيث يحاول كل من الأفالان وتاج وبدرجة أقل الأمبيا، مهمة ترويض هذه التيارات التي تبدو المهمة لدى بعضهم سهلة ولدى البعض الآخر صعبة إلى درجة كبيرة، فالخطوة التي قام بها أمين عام جبهة التحرير الوطني عمار سعداني تجاه القيادي التاريخي لتيار المعارضة في الجزائر حسين آيت أحمد، لإعادته للمشهد السياسي من جديد عبر دعم خارطة الطريق التي جاء من أجلها سعداني إلى الواجهة السياسية ارتدت عليه بشكل عكسي خاصة وأن آيت أحمد رفض الردّ على رسالة الرجل ووضعها في خانة اللا حدث، بينما اعتبرتها قيادة الأفافاس الحالية حسب أمينها العام أحمد بيطاطاش في حديث له معنا بأن الخطوة تم تصنيفها في الخانة الشخصية التي لا تتعلق بالأمور الداخلية للحزب، مؤكدا على أن الدا الحسين وحده من يمكنه الردّ على هذه الخطوة وتصنيفها في الخانة التي يشاء.

وبالمقابل يبدو أن المهمة الثانية التي قام بها تجاه زعيمة حزب العمال لويزة حنون قد كان ايجابيا لحدّ الساعة فالكثير من المعطيات تؤكد على أن الدور الذي ستعلبه حنون هذه المرة لن يختلف عن الأدوار السابقة، في كل الاستحقاقات الرئاسية التي خاضتها ولكن الخطوة الايجابية التي صنعها أمين عام الجبهة تجاه هذه الشخصية المعارضة هو إبعادها عن التيارات المعارضة الأخرى التي تشكلت فيها بينها للحدّ من خطر هذا التيار الذي يضم أكثر من 19 تشكيلة سياسية وتواجد حنون معهم كان سيضيف على الشرعية التي يحوزون عليها شرعية أكثر عن التي لديهم الآن، وقد أكسبت حنون بزيارتها التاريخية لمقر جبهة التحرير الوطني بالعاصمة، ولغة الحوار الذي صدر عنها منذ ذلك اليوم رصيدا إضافيا لسعداني الذي تفوق في مهمته هذه بعد فشله في المهام الأولى التي كلف بها.

وبالرغم من أن سعداني يحاول أن يعبد اليوم الطريق أمام استحقاقاته الشخصية التي تخوله كأمين عام الحزب العتيد لتولي القاطرة الأمامية المؤدية إلى رئاسيات 2014، عن طريق استهداف أحزاب وقيادات سياسية أخرى ذات وزن ثقيل في المشهد الوطني، إلا أن مهمة حليفه في المشروع وغريمه في السلطة عمار غول تبدو بسيطة بالنظر إلى أنه فضّل استهداف الأحزاب ذات الوزن الخفيف في المشهد السياسي، التي عقد مع بعضها تحالفات في العلن وتبقى تحالفات أخرى تحاك في الخفاء وسيعلن عن مشروعها في الأيام المقبلة التي ستشهد صراعا محموما بين أحزاب السلطة مع بداية العد العكسي لمعركة الرئاسة الحقيقية مطلع السنة المقبلة.

وفي سياق متصل، رفض الأمين العام للحركة الشعبية الجزائرية، عمارة بن يونس، الدخول في جناح التحالفات السياسية التي سارع لعقدها كل من غول وسعداني من منطلق أن هذا الائتلاف لم يخدم المسار السياسي لهؤلاء في السابق ولازالت ذات القناعة راسخة لدى الرجل الذي يرفض أن يغامر بالنتائج التي حققها حزبه في الاستحقاق الانتخابي الفارط، الذي مكنه من أن يكون القوى السياسية الثالثة في الجزائر، وربطها بأحزاب اعتادت أن تمارس اللعبة السياسية بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة لتحقيق التواجد في مصاف الساسة الكبار، فاللعبة السياسية عند بن يونس حسب مقربين منه لم تتغير بعد خروجه من الأرسيدي وتأسيسه لحزبه الجديد، فالرهانات السياسية عنده تبدأ مع الشركاء الحقيقيين الذين يمتلكون ذات الأفق السياسي والتوجه بالدرجة الأولى، وربما هذه القناعات هي التي ستجعل منه رقما صعبا في قادم الأيام ضمن معترك الرئاسيات وحرب المواقع التي ستخلفها.

خولة. بو

من نفس القسم الوطن