الوطن

أحزاب ومنظمات جزائرية عرضة للمناورات المغربية

رجال أعمال مغاربة مخزنيون يكثفون من اتصالاتهم معهم

 

تعود المخزن المغربي أن يكثر ويفعل مناوراته تجاه الجزائر في كل مرحلة تحول سياسي كبير في الجزائر موظفا كل إمكاناته والأدوات المتعددة التي صنعت من أجل هذا الغرض، ويجمع العارفون بمناورات القصر أن أهدافه كانت دوما ترتكز على إظهار عدم الانسجام في المواقف السياسية الجزائرية بين المعارضة والسلطة، خاصة فيما تعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين وما تبقى منها، إلا أن الحس الوطني في مختلف القوى السياسية الوطنية إضافة إلى يقظة الجزائر الرسمية والإعلام الوطني أفشل كل المحاولات بما فيها دعوة الأحزاب الجزائرية للمغرب مؤخرا.

كانت ترتيبات زيارة أحزاب جزائرية مؤخرا إلى المغرب بهدف إجراء "مصالحة بين الشعبين" على حد تعبير القوى التي تجاوبت مع المبادرة والتي رتب لها رجال أعمال مغاربة ورحبت كل الأحزاب السياسية المغربية الكبرى بالزيارة وكذلك منظمات المجتمع المدني التابعة للمخزن، وتكفل رجال أعمال بتحمل تكاليف الزيارة، وهو ما فضح استراتيجية المخزن في التعامل مع الجزائر من خلال بلورة أدوات جديدة للتحرك في الجزائر من خلال توزيع مهمة التحرك من خارج المؤسسات الرسمية المغربية مما يرفع الحرج ولا يلزم الموقف الرسمي المغربي أي تكاليف سياسية أمام استمرار التخبط السياسي الذي عرفته السياسة الخارجية المغربية على جميع المستويات، ولا زالت تدفع ثمنه مثل ما هو الحال لغلق الحدود والتصريحات الملكية الأخيرة واستمرار خطابات الاستفزاز واستعداء الجزائر في كل المحافل الدولية. وقد عادت كل هذه الأخطاء على مخططيها بالوابل بل بالكارثية.

وترتكز المناورات المغربية في الاعتماد على الصالونات السياسية والمالية غير الرسمية، وقد اختير من بين القطاعات والفئات المؤثرة في صناعة هذه المقاربة رجال الأعمال المنتمون للأحزاب أو من لديهم تأثير على القوى السياسية. وقد اختير رجال أعمال مغاربة بعناية فائقة يعرف عليهم تبعيتهم وولاؤهم للقصر وفي نفس الوقت لهم امتدادات وعلاقات مع المجتمع المدني وخاصة المنظمات غير الحكومية وعلى المستوى المغربي والدولي حتى تعطى لهم فرص تحرك أوسع وقدرة على المناورة لتحقيق الهدف الذي رسم من القصر تجاه الجزائر خصوصا. وقد حددت مسارات التحرك من خلال التجارة والاستثمار ومجال الأعمال عموما، إضافة إلى الأنشطة الدولية لمنظمات المجتمع المدني.

وعلى سبيل المثال فقد تأسس فوروم تخصص في موضوع فتح الحدود من خلال "هيئة المغرب الكبير بلا حدود" التي يترأسها رجل الأعمال المغربي سعيد الفكيكي والذي حول فضاءه السابق الذي كان يحمل اسم  "الهيئة الوطنية للمناطق الشرقية المغربية المغتصبة" وكان يقصد بها جزءا من موريتانيا والصحراء الغربية. ويفسر هذا التحول بعدة أسباب أهمها التغيرات السياسية التي عرفتها المنطقة المغاربية بعد أحداث الربيع العربي وخاصة على مستوى النظم السياسية. وقد جعل هدف التنمية والموارد البشرية كمحور أساسي ظاهري في عمل الفوروم، كما تقرر إنشاء هيئات مماثلة في كل الأقطار المغاربية الخمس، على أساس أن تنشأ "رابطة هيئات المغرب الكبير بلا حدود" في المستقبل المنظور وأعطيت الأولوية للجزائر.

وتعتبر هذه الهيئة من أدوات الدبلوماسية الموازية التي تعمل على التواصل مع المجتمع المدني والمجتمع الدولي وفرض رؤيتها عليهم بما يخدم مصالح المملكة والمخزن خصوصا. ورغم أن فلسفة الفوروم قائمة على الحرية والكرامة لشعوب المغرب العربي، إلا أنه أصبح لا يتطرق من قريب أو بعيد لموضوع الصحراء الغربية رغم أنه هو نتاج معروف لفوروم قبله كما سلف الذكر.

ويبدو واضحا من تسمية الفوروم ارتباطه بقوى غربية وفرنسية على وجه الخصوص من خلال إبعاد كلمة "المغرب العربي" واستبدالها "بالمغرب الكبير" مما يؤكد على خطورة الأمر وامتداداته الدولية .

ورغم أن المطالب أو الأفكار التي ينادى بها قد تكون محل إجماع بين القوى السياسية، لكن الخلفية وطبيعة القائمين عليها هي التي تدعو الجميع إلى إعادة حساباتهم في مواقفهم، وخاصة أمام إصرار المخزن بل حتى الحكومة المغربية مؤخرا في التصعيد من جهة تجاه كل ما هو جزائري وتكليف أدوات مغربية أخرى بالتواصل مع جزائريين من أجل إحراج الجزائر الرسمية وخاصة في المحافل الدولية، مما يؤكد وجوب التشاور بين مختلف القوى والجهات الرسمية الجزائرية، وهو عمل مطلوب من الجميع لتجنيب البلاد أي مغامرات البلد في غنى عنها.

 

سليمان. ش

 

 

من نفس القسم الوطن