الوطن

مناوشات بين المحافظين ورفض علني لجماعة سعداني

سعداني يواصل الضغوطات من اجل تعديل الدستور والعهدة الرابعة

 

أكد اللقاء الذي جمع أمس، الأمين العام لجبهة التحرير الوطني، عمار سعيداني، بمحافظي الحزب الموزعون عبر 54 محافظة، على مدى الهوة والصراع الداخلي الذي عصف بالحزب العتيد منذ تزكية سعيداني كأمين عام للأفالان، وهو ما أشارت إليه بعض قيادات الحزب في حديث لهم مع"الرائد"، عقب اطلاعهم على البيان الذي صدر عن المحافظين والذين دافعوا فيه عن خيارات سعيداني وتصريحاته التي أطلقها منذ تنصيبه، حيث أعلن هؤلاء عن مساندتهم المطلقة لما صدر منه في الندوات الجهوية في كل من وهران، سطيف، ورقلة والبليدة، وهي الخطوة التي وصفها جناح المنسق العام السابق عبد الرحمان بلعياط بالمشبوهة.

ويأتي هذا الاتهام الذي يوجهه هذا الجناح الذي يضم بين أعضاءه محافظين ونواب وأعضاء في اللجنة المركزية، يقدر عددهم بحوالي 130 عضو، بأن السياسة التي أضحت عليها القيادة الحالية للحزب العتيد لا تنبئ بأن الأمور الداخلية للأفالان ستتحسن في أسبوع أو شهر بل ستحتاج إلى أشهر طويلة يستطيع من خلالها هؤلاء أن ينضجوا أكثر تجاه المسؤوليات الملقاة على عاتقهم وعلى حزبهم، ويأتي هذا التحامل من قبل هذا الجناح، بعد أن رفض محافظو الحزب الوقوف في وجه الأمين العام وسياسته التي أدخلت الحزب في ضبابية لازالت لم تنقشع عنها الغيوم بعد، بل ولم يكتفي هؤلاء أي المحافظون، بعدم الردّ على سعيداني ومحاسبته على التصريحات التي تصدر عنه، بل أصدروا بيانا يساندون فيه سياسته منذ تنصيبه خلفا لعبد العزيز بلخادم قبل أشهر من الآن، وأوضحوا من خلاله بأن" أمناء 54 محافظة لحزب جبهة التحرير الوطني الذين اجتمعوا بمقر الحزب يوم 9 نوفمبر، يعلنون عن تأييدهم المطلق للأمين العام معربين له عن كامل تضامنهم واتحادهم معه في مسيرته النضالية التي يخوضها دون هوادة لإرساء دعائم الحزب والحفاظ على أرض الواقع"، ورغم أن المحافظين لا يختلفون عن القيادات الأخرى للحزب في كونهم يجهلون حقيقة التصريحات والمبادرات التي تصدر عن الأمين العام سواء في السابق أو في المستقبل إلا أنهم يؤكدون عزمهم المضي قدما نحو دعمها وهو ما يوضح الطموحات التي يسعى إلى تحقيقها هؤلاء من خلال الانحياز لطرف دون طرف آخر.

أمناء الحزب يطالبون الرئيس بالتعجيل في تعديل الدستور 

وكان اللقاء الذي جمع سعيداني بأمناء محافظاته، فرصة ليطلب هؤلاء من رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة بأهمية التعجيل بتعديل الدستور، وأشار هؤلاء إلى أن تحقيق هذا المطلب اليوم أضحى أكثر من ضروري، حيث يسعى هؤلاء إلى أن يتم هذا التعديل قبل استدعاء الهيئة الناخبة لرئاسيات 2014، والتي من المرتقب أن تتم شهر جانفي القادم، وفي سياق متصل، دعا هؤلاء الرئيس الشرفي ورئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، إلى الترشح لعهدة رئاسية رابعة، خاصة وأن حزب جبهة التحرير الوطني يبقى دائما متبنيا لبرنامجه، وذلك إيمانا منهم بالانجازات التي حققها منذ اعتلاءه سدّة الحكم سنة 1999 في كل المجالات التي تتعلق بالتنمية، ويأتي هذا النداء الذي وجهه هؤلاء بالرغم من أن سعيداني قد أعلن في آخر الندوات الجهوية التي عقدها مع مناضلي وإطارات الحزب عن كون الرئيس سيكون مرشحا لعهدة رئاسية رابعة في الاستحقاق الانتخابي القادم، معتبرين ذلك إجراء مهم لتحقيق الاستقرار واستكمال مرحلة البناء والتشييد التي باشرها بوتفليقة.

هذا ونوه البيان ذاته إلى حرص الحزب وقياداته على الاعتراف بالدور الكبير الذي يقدمه أفراد وقيادات الجيش الوطني الشعبي ومختلف أسلاك الأمن، في سبيل الدفاع عن الوطن ورجاله ووقوف هذه المؤسسات كل باسمها في وجه المحاولات الفاشلة التي تريد المساس بسمعة الجزائر وشعبها.

وفي هذا السياق أضاف نفس المصدر أن ملامح الدولة الجزائرية قد تغيرت وأصبحت مزارا للدول العظمى للاستشارة والاستفادة من تجربتها في مختلف المجالات، بفضل هذه الانجازات التي يقدمها رجال ومؤسسات الدولة، وهو ما دفع بمناضلي وإطارات الأفالان أن تقف وقفة الرجل الواحد من أجل حماية رموز الدولة خاصة الراية الوطنية التي ندد عدد من المحافظين بالسياسة غير المسؤولة التي جاءت من المغرب مؤخرا خاصة وأن هذه الحادثة صادفت احتفاء الجزائريين بذكرى الفاتح من نوفمبر المجيد.

سعيداني سيقلص أعضاء المكتب السياسي إلى 11 عضو بدل 15

وعلى هامش هذا اللقاء الذي عرف مناوشات عديدة بين المحافظين والأمين العام عمار سعيداني، بسبب توجيه بعض المحافظين جملة من الاتهامات للمحيطين به بالعمل ضدّ الحزب من خلال منحهم الضوء الأخضر من قبله للعمل وتوجيه قيادات الحزب بالرغم من أنهم لا يحوزون على الشرعية لذلك، إلا أن قربهم منه ومن محيطه جعلهم يتصرفون كقادة لا كأعضاء في اللجنة المركزية شأنهم في ذلك شأن باقي الأعضاء الذين فضلوا الابتعاد عن الجو السائد حاليا داخل محيط سعيداني والبحث عن فرصة الإطاحة به وبجناحه متى توفرت الظروف لذلك، وبالرغم من أن اللقاء عرف مشادات كلامية كبيرة بين المحافظين والأمين العام إلا أن سياسة الصمت التي ظهرت عليهم في الندوة الصحفية التي سعى سعيداني إلى التأكيد على شرعية ما بدر منهم في هذا البيان التي أوضحت مصادرنا بأنه مبادرة من محيط آخر لجناح الأمين العام ويتعلق الأمر بكل من السيناتور إبراهيم بولحية وشقو عبد القادر، حيث طالبهم بالتصويت الايجابي أمام وسائل الإعلام على ما جاء فيه دون أن يعترض الحضور على هذه المبادرة التي أدت إلى خروج سعيداني منتصرا على جناح التقويمية في انتظار أن يؤكد هذا النصر في اللقاء الذي سيجمعه يوم 11 نوفمبر الجاري بنواب الغرفتين بفندق الأوراسي بالعاصمة، ليبعث من خلاله رسائل إلى أطراف خارجية بأحقيته في أن يكون رجل المرحلة المقبلة من خلال فرض نفسه كرقم صعب في معادلة التموقع الذي سيحدث في هرم السلطة بعد رئاسيات 2014.

هذا وقد أكدت ذات المصادر على أن سعيداني قد فصل نهائيا في قائمة المكتب السياسي التي قرر أن يكون عدد أعضاءها 11 عضوا بدل 15 حيث أن تواجد 11 عضو سيخدم طموحاته المقبلة داخل الحزب وخارجه، خاصة إذا ما نجح هذا الجناح في عقد لقاء الـ 16 من نوفمبر الجاري بالعاصمة وتشكيل المكتب السياسي الذي سيعمل معه في المرحلة المقبلة دون حدوث وقاطعات من جناح التقويمية والمكتب السياسي القديم الذي يسعى بدوره للإطاحة به بكل الطرق.

الأفالان يحضر منتخبيه للحملة الانتخابية قبل نهاية السنة

هذا وقد أكد سعيداني في اللقاء ذات على شروع الحزب في الترتيب لندوة وطنية للهيئة المنتخبة الخاصة بالحزب استعدادا لتحضيرها للحملة الانتخابية المقبلة لمرشح الحزب، حيث كشف المتحدث عن نية الحزب في عقد ندوة وطنية تضم منتخبي الحزب في 48 ولاية للحديث عن هذا الموعد وتجنيدها لهذا الاستحقاق الذي يعد الأفالان اللاعب المحوري فيه خاصة إذا ما استطاعت هذه المجموعة اقناع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الترشح لعهدة رئاسية رابعة.

 هذا وقال سعيداني في تصريح للصحافة في ختام هذا الاجتماع، أن الانتخابات الرئاسية المقررة سنة 2014 ستكون شفافة وحرة، كما أنها ستكون مفتوحة أمام الجميع لتؤكد على حقيقة الممارسة الديمقراطية التي تتمتع بها الجزائر، كما تأسف في سياق متصل للاعتداء الذي تعرض له مقر القنصلية الجزائرية بالمغرب، والتي تم فيها تدنيس العلم الوطني حيث أوضح سعيداني بأن هذا التصرف لا يشرف المغرب.

تقويميو الأفلان بقسنطينة يتبرؤون من جميع تصريحات سعيداني 

من جانب أخر استنكر مكتب التنسيق الولائي لحركة تقويم وتأصيل جبهة التحرير الوطني بولاية قسنطينة، التصريحات التي تصدر بين الحين والآخر عن الأمين العام للأفالان، وأوضح بيان صدر عنه بأن ما يقوم به سعيداني من محاولات التطاول "الدنكشوتية" على مؤسسة نظامية رسمية، يعود لها الفضل في حماية مؤسسات الجمهورية والحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطن، يعتبر مؤامرة مؤكدين في الوقت ذاته على أن تصريحاته تلزمه هو فقط، لأن كل ما يقوم به إشهار رخيص لتلميع صورته، والبحث عن "عذرية سياسية مفقودة".

وأكد أعضاء المكتب برئاسة المنسق الولائي عيساوي التوفيق، أن "سعيداني مجرد صدى لجهات لا تؤمن إلا بمصالحها الشخصية"، حيث اتهمه الأعضاء بالعمل وفق أجندات مشبوهة، والإساءة إلى تاريخ وتاريخية الحزب العتيد.

خولة بوشويشي

 

من نفس القسم الوطن