الوطن

سفارات تبحث عن الرئيس الجديد ومرشحين في العواصم الغربية

محللون سياسيون، مؤرخون وأساتذة جامعيون يؤكدون في فوروم "الرائد"

 

وصف عدد من المحللين السياسيين والأساتذة الجامعيين الوضع السياسي في الجزائر بغير العادي عكس ما يحاول النظام الترويج له، بسبب الغياب المطول لرئيس الجمهورية عن الساحة السياسية وما خلفه من ركود في مؤسسات الدولة، وكذا الجمود الموجود في كل الأنشطة الرئاسية، والحديث عن العهدة الرابعة وسط كل هذا، حيث أكدوا في "فروم الرائد" الأول، أن المشهد السياسي قبل خمسة أشهر من الرئاسيات كارثي، أزمته حالة الغموض والضبابيية التي تكتنف مواقف السلطة وكذا المعارضة في الوقت ذاته، كما قدم المشاركون في الندوة قراءة لواقع الساحة السياسة والتحديات التي تواجه الجزائر هذه الفترة وكذلك السيناريوهات المحتملة لرئاسيات 2014، كما تحدثوا عن علاقة النخبة بما أسموه الأزمة السياسية التي تمر بها الجزائر، والمبادرات التي طرحت في هذا الصدد، ليخلصوا في الأخير لقناعة واحدة مفادها أن الجزائر تعيش على "فوهة بركان" إسمه الانتخابات الرئاسية.

تحدث عدد من المحللين السياسيين والأساتذة الجامعيين الذين نزلوا ضيوف على فروم يومية "الرائد " عن الوضع السياسي الذي تمر به الجزائر في الفترة الحالية، حيث وصفوه بالمريض والعليل، نتيجة "التهريج" الموجود حول الرئاسيات، وفتح ملفات مستفعلة لا تمثل أولوية الشعب في المرحلة الحالية، كموضوع الصراع الذي يتكلم عنه بعض الساسة في وسائل الإعلام المحلية والأجنبية بين الرئيس عبد العزيز بوتفلقية وجهاز المخابرات، واضعين ثلاثة سيناريوهات محتملة للرئاسيات القادمة.

وقال وزير الاتصال والثقافة الأسبق، عبد العزيز رحابي، أن هناك أزمة سياسية حادة واضحة تتعمد النخبة من رجال السلطة أو حتى المجتمع المدني إخفاءها،  مؤكدا أن المشكل الحقيق يكمن في دور هذه الاخيرة التي أصبحت مؤهلة للحديث عن القضايا الدولية وغيرها من القضايا التي لا تمت للجزائر بصلة، وهذا أن دل على شيء فهو يدل -يضيف رحابي- أن النخبة في الجزائر أصبحت عاجزة عن تشخيص الوضع الحالي والمشاكل التي تحيط به، متسائلا في الوقت ذاته عن السر وراء فتح ملفات ثقيلة كملف دائرة الإستعلامات والأمن ومحاولة الحد من سلطتها في صناعة المشهد السياسي في توقيت حساس كهذا، بالرغم من أن مثل هذه القرارات التنظيمية كان من المفروض مناقشتها في نطاق رسمي وداخلي كما يحدث في كل الدول المتقدمة والنامية، من جهته تحدث المحلل السياسي والأستاذ بكلية علوم الإعلام والإتصال عبد العالي رزاقي لرؤية ودور العواصم الغربية في ما يحدث في الجزائر، حيث قال أن عدد من السفارات الأجنبية بالجزائر منها السفارة الأمريكية والفرنسية والبريطانية بدأت تتحرك لتكون في صورة الإنتخابات الرئاسية المقبلة، حيث تستقبل بصفة دورية أطراف لها علاقة بالشأن الداخلي سواء من قريب أو بعيد لإمدادها بالمعلومات عن هذه الاستحقاقات ومن له أكثر الحظوظ من بين المرشحين المحتملين، بالمقابل يضيف رزاقي هناك تحرك على مستوى أوروبا لبعض المرشحين المحتملين للحصول على الدعم، مؤكدا في السياق ذاته أنه لا يمكن إغفال دور فرنسا وأمريكا في صناعة رؤساء الجزائر، من جانبه تحدث الدكتور أحمد عظيمي عن التحديات التي تمر بها الجزائر وعلاقتها بالوضع الامني غير المستقر على الحدود مع تونس، مالي ومشكل المخدرات على الحدود مع المغرب، حيث قال أن كل حدود الجزائر البرية أصبحت ملغمة بسبب تغييب دور الدبلوماسية الجزائرية خلال أكثر من عشرية خاصة على مستوى دول الساحل، مؤكدا أن الجزائر في عهود سابقة كانت قبلة للمشاكل المطروحة من أجل ضمان أمن حدودها، معطيا مثال حول انكماش دور الدبلوماسية الجزائرية أثناء الأزمة الليبية حيث أوضح أن الجزائر تدفع الآن ثمن كبير نتيجة لموقفها السطحي وغياب الإستراتجية للدفاع عن مصالحها، مضيفا في نفس المجرى أن الجزائر تعيش اليوم وضع حساس وخطير في ظل تحديات داخلية وإقليمية ودولية هامة جدا، هذا وناقش الكاتب والمؤرخ محند أرزقي فراد خلال ندوة "الرائد"، الخلفيات التاريخية التي أنتجت الواقع السياسي التي تعيشه الجزائر هذه الفترة، كما أكد أن هذه الوضعية تتدخل فيها عدة عوامل لا يمكن اختزالها في شخصية رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، مضيفا أن تعطيل المادة 88 من الدستور والإقدام على تعديل دستوري وأجراء تعديل حكومي غايته غلق اللعبة السياسة وكذا عامل التضييق على الأحزاب والصحافة، كل هذا يضيف فراد ساهم في تأزم الوضع أكثر، كما قال فراد أن الجزائر لا تملك أرضية ديمقراطية، مؤكدا حسب تصوره أن الحل الديمقراطي لن يكون على مرى حجر على حد تعبيره، نفس التصور عبر عنه أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر زوبير عروس، خلال مداخلته، حيث وصف الساحة السياسية وما تعرفه هذه الفترة "بالمسخرة" مؤكدا أن المجتمع فقد كل الثقة في الأحزاب التي حولها النظام إلى وسيلة لتكريس الدعاية والإحباط النفسي للمجتمع، وتمكن من حصر الجزائر في شخص الرئيس الحالي، ليتحول كل من يبدي نيته في الترشح للرئاسيات القادمة موضوع تهكم، من جهته قال الناشط السياسي عز الدين جرافة أن الإكثار من التشخيص للوضع السياسي الحالي الذي إعتبره مأساوي وكارثي على حد قوله، لن يكون إيجايبا إلا أذا حصرناه في الحديث عن ماذا سنعمل في ظل هذا الواقع لتجنب المزيد من التردي، حيث أشار لمبادرة مستقلة للبحث على أكبر توافق ممكن على شخصية وطنية ذات مصداقية وكفاءة وبموصفات يتم الإتفاق عليها للدخول بها معترك الرئاسيات التي لم يعد يفصلنا عنها سوى 5 أشهر، مضيفا أن هذا التوافق يجب أن يكون بين مختلف الشركاء والفاعلين السياسيين لسير وتنظيم الانتخابات المقبلة من أجل أن تكون هذه الأخيرة ذات مصداقية ولأبعاد كل ما من شأنه أن يطعن فيها.

س.زموش

من نفس القسم الوطن