الوطن

الثلاثية... "تمخض الجبل فولد فأرا"

جاءت مخيّبة للتوقعات وكرّست أكثر للحلول الترقيعية

 

بالرغم من أن الثلاثية التي عقدت أول أمس جاءت في ظروف يمكن أن نصفها بالاستثنائية والحساسة كون الجزائر تعيش نوعا من الضغط السياسي والاجتماعي طبعته حالة من الترقب لما ستكون عليه الأوضاع بعد رئاسيات 2014 ، والحركية غير مسبوقة لدى النقابات التي تمثل فئة عريضة من العمال الجزائريين سواء في القطاع العمومي أو الاقتصادي، جاءت القرارات التي خرجت بها الثلاثية صادمة للكثيرين كونها شكلت "اللاحدث" عكس ما كان ينتظر انطلاقا من التصريحات التي سبقت الثلاثية والتي أرجعت حلول كل المشاكل الاقتصادية التي يتخبط فيها الجزائريون لما ستأتي به هذه الاخيرة، بالمقابل جاءت النتائج عادية، حيث دعت الأطراف الثلاثة المشاركة المتمثلة في الحكومة وأرباب العمل والاتحاد العام للعمال الجزائريين إلى مواصلة التشاور وتعزيزه وتوسيعه إلى فاعلين اقتصاديين آخرين بما يسمح التوصل إلى تحقيق إجماع وطني واسع حول القضايا الأساسية للمآل الاقتصادي خلال" الأعوام المقبلة"، وبالتالي فإن ما قدمته ثلاثية عهد سلال لن تظهر ثمارها إلا بعد سنوات ليبقى المواطن البسيط يتخبط في مشاكل اقتصادية واجتماعية، في انتظار نتائج التشاور وما سيجنيه بعد عقد من الزمن.

 

أجمع عدد من المراقبين أن نتائج الثلاثية التي عقدت أول أمس لم تكن في مستوى التطلعات، معتبرين نتائجها صورة جديدة للحلول الترقيعية التي تدخل ضمن الترتيبات لمواجهة التحدّيات القادمة، وكان خطاب الوزير الأول عبد المالك سلال فارغا من محتواه، حيث حرص سلال في كلمته الافتتاحية بجنان الميثاق على التذكير بإنجازات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة خلال السنوات الماضية وكذا التعليمات والتوجيهات التي أسداها الرئيس أثناء الاجتماع الاخير لمجلس الوزراء بخصوص إنجاح هذه الثلاثية، كما ركز الوزير في تدخله على التحدي الهائل الذي يتعين رفعه في هذا الظرف الصعب وغير المستقر الذي يتطلب حسبه إجماعا معززا بين كل الشركاء حول معركة النمو وتفعيل التنمية الاقتصادية الوطنية والانعاش الصناعي واستحداث مناصب العمل وبناء اقتصاد قوي ومتنوع ومستقل عن المحروقات، وهي التصريحات التي ما فتئ الوزير الأول يكررها منذ توليه زمام الوزارة الأولى حيث لم تأت بالجديد لا على الصعيد السياسي ولا على الصعيد الاقتصادي، كما إعترف سلال في السياق ذاته بهشاشة الاقتصاد الوطني متطرقا الى سلسلة التدابير التي سبق واتخذتها الحكومة من أجل تعزيز النمو الاقتصادي والتشغيل الذي يبقى دون المستوى، من جهته دعا الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين الى تعبئة كل القدرات الوطنية المنتجة قصد التوصل الى انعاش صناعي سريع والى نمو اقوى من شأن نتائجه أن تنعكس ايجابيا على التشغيل وكذا على القدرة الشرائية، معتبرا أن نجاح هذا المسعى سيتحقق عبر إبرام معاهدة ثقة بين مختلف الشركاء، هذه المعاهدة التي لم تتحدد معالمها بعد لتبقى مجرد وعود ويبقى المواطن هو الضحية الأكبر لهشاشة الاقتصاد والذي أثر بشكل مباشر على فرص التشغيل وعلى جيوب الجزائريين، أما قادة منظمات أرباب العمل وكعادتهم فقد أبدوا مساندتهم ودعمهم للمسعى الاقتصادي الذي تنتهجه الحكومة وعبروا عن استعدادهم لانعاش الاقتصاد الوطني بالمبادىء التي وضعتها الحكومة والتي لن ترى نتائجها النور إلا بعد عقود من الزمن، كما أبدى المشاركون استعدادهم للمساهمة بفعالية في المساعي الرامية إلى تفعيل التنمية الاقتصادية الوطنية، كما اتفقوا على مواصلة التشاور وتعزيزه وتوسيعه إلى فاعلين اقتصاديين آخرين لتحقيق إجماع وطني واسع حول القضايا الأساسية للاقتصاد خلال الأعوام المقبلة.

س.زموش

من نفس القسم الوطن