الثقافي
أقلام شابة تثري المشهد الأدبي بالجزائر
كتب جديدة تزين رفوف الصالون الدولي للكتاب نهاية الشهر الجاري
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 10 أكتوبر 2013
بقيت التجارب الإبداعية الجزائرية الشابة لفترات طويلة تحت ظلال الأسماء الكبيرة والمكرسة في المشهد الثقافي الجزائري، لكن العشرية الأخيرة شهدت ظهور أقلام شابة في الشعر والرواية والقصة قدمت إضافات مهمة وبشرت بجيل جديد واعد من المبدعين الجزائريين.
وإن كان أغلب الأدباء والكتاب يرفضون تصنيف الكتاب إلى أجيال تنسب للسنوات أو للأعمار، إلا أن الجميع يتفقون على وجود تيار إبداعي شاب وطموح لم يصل بعد لتكريس نفسه بقوة في المشهد الثقافي الجزائري ولم ينتج حراكا ثقافيا حقيقيا. ومع تهافت دور النشر على نشر الأعمال الأدبية وبشكل خاص الرواية، يحاول الكتاب لفت انتباه النقاد وفرض أنفسهم على الساحة الأدبية التي يقول عنها الكاتب إسماعيل يبرير إنها "تحتفي بالأسماء دون النصوص". ويؤكد الناقد حميد عبد القادر أن أهم ما يميز تجربة المبدعين الشباب هو الثراء والتعدد في الأفكار والأساليب، كما يظهر في العديد من الأعمال الروائية التي صدرت مؤخرا باللغة العربية والتي لم تستقبل المكتبات الجزائرية سوى بعض منها. ويشير عبد القادر في حديث إلى أن "موضوعات الرواية الجديدة -باعتبارها المجال الإبداعي الأكثر انتشارا- تتعدد، وتفتح آفاق الإبداع أمام عوالم جديدة عبر الأقلام الشابة وفق أساليب مغايرة، بعضها يعتمد على كثافة السرد وقوة الحكاية". وفي هذا السياق يستشهد الناقد الجزائري برواية الكاتب فارس كبيش "جيلوسيد" التي تصور شخصيات مختلفة (مثقفين ويساريين وشعراء ومجاهدين قدامى) تعيش حالة تأزم جراء التدهور الحاصل منذ ما تسمى بالعشرية السوداء التي عاشها الجزائريون خلال فترة التسعينيات، في حين ترصد رواية "ندبة الهلالي" للروائي والشاعر عبد الرزاق بوكبة -كما يقول- الأحلام المجهضة لجيل الثمانينيات في الجزائر.
وبحسب عبد القادر تشكل رواية "مملكة الزيوان" للقاص الصديق حاج أحمد في بنيتها اللغوية الخطاب المفتوح على التراث العربي والإسلامي، لاسيما القرآن الكريم والتراث المادي واللامادي لولاية أدرار المعروف بغناه وثرائه وتعدده. ولا تتناول باكورة أعمال الكاتب علاوة حاجي "في رواية أخرى" موضوعا بعينه، كما يرى الناقد الجزائري، فهي تحاول أن تتكئ على مناطق غير مطروقة في السرد، في شكل تجريبي يتجاوز البناء التقليدي للأحداث والشخصيات الروائية. من جهته ثمّن الكاتب عز الدين جلاوجي في حديثه للجزيرة نت تجربة هؤلاء الكتاب الشباب، واعتبرها "ضرورية ومهمة لاستمرار روح الإبداع في المجتمع والحياة"، وهذه المحاولات برأيه يجب أن تلقى الترحيب والاحتفاء ممن سبق في الميدان.
ودعا جلاوجي الكتاب والنقاد إلى الأخذ بيد أصحاب هذه التجارب الشابة، لكن هذا "الدعم لا يجوز أن يقوم على التطبيل للرداءة، بل على النقد الذي قد يكون شديدا أيضا، والساحة كفيلة بغربلة الموجود"، لأن عيون غربال الإبداع واسعة جدا، كما يقول. وبحسب جلاوجي فإن التميز لا يمكن أن يخلق في لحظة، بل هو ثمرة مكابدة ومجاهدة، وضرب مثالا في ذلك بالكاتب الراحل الطاهر وطار الذي قال عنه إنه "خاض تجارب مختلفة، وبقي يقدم الجديد حتى في آخر عمره، فلنا أن نوازن بين "اللاز" و"شمعة ودهاليز" مثلا.
وفي اعتقاده فإن "الواقع الإبداعي الآن أفضل ألف مرة، فسبل النشر متاحة جدا ومتوفرة، حتى بالنسبة للرديء من الأعمال الأدبية، الأمر نفسه ذهب إليه القاص الخير شوار الذي أكد للجزيرة نت أن "مسألة حرية النشر غير مطروحة في الجزائر".
ودعا الأديب الجزائري المبدعين الشباب إلى عدم الوقوع فريسة لوهم اسمه الشباب أو الشيوخ أو الكبار والصغار، وأن يكون همهم الأكبر هو الإبداع والعمل على تقديم الجيد دون الدخول فيما أسماها "مهاترات وصراعات دونكوشوتية".
من جانبه اعترف الدكتور عاشور فني بأن "الألفية الجديدة عرفت بروز أسماء عديدة في الأنواع الكتابية المختلفة شعرا ورواية، ونالت حظها من التكريم"، لكن هذه الفترة برأيه "عرفت تراجعا واضحا في القصة والمسرح والنقد" باستثناء ما قال إنها "أعمال أكاديمية لا تلقى النشر والاهتمام إلا في حدود ضيقة". وبرأيه فإن "ظهور أسماء ونصوص جديدة، لم ترافقه حركية ثقافية وأدبية مواكبة، تضفي عليها قيمة اجتماعية وأدبية حقيقية"، وأن "نجاحها إعلاميا يحتاج إلى العمل الضروري لتحويلها إلى حراك ثقافي". وسجل تخوفه من "بروز اتجاه يستعمل الأدب والكتابة كموطئ قدم للعبور إلى ساحات أخرى، مثل التجارة والأعمال والمناصب"، مما ألقى بظلال من الشك على كثير من التجارب والأسماء في ظل احتدام الحركات الاجتماعية والسياسية في السنوات الأخيرة"، لكن ذلك برأيه "لا يمس جوهر التطورات الجديدة، والتوجه نحو الذات والتجريب والمغامرة والتفرد والارتباط بالتحولات الاجتماعية الحاصلة".
فيصل.ش/ وكالات