الوطن

العلاقات الفرنسية- الجزائرية... تعاون أم تبعية؟!

 

للحديث عن العلاقات الفرنسية-الجزائرية وأطوارها المختلفة من المواجهة إلى التعايش إلى التنسيق والتعاون الكامل، فلابد من الحديث عن الروابط الاقتصادية والسياسية والثقافية والمصالح الجيوسياسية التي تدفع إلى الاهتمام بمسار العلاقات الجزائرية-الفرنسية وهل هي علاقات صحية مبنية على الاعتماد المتبادل أم أنها علاقات تبعية بين المركز والأطراف.

في أحدث تقرير لها كشفت المنظمة الدولية للفرنكوفونية حول وضع اللغة الفرنسية في الجزائر أن عدد الفرنكوفونيين في بلادنا يقدر بنحو 11.2 مليون جزائري. وجاء في التقرير أن الجزائر هي الثانية بعد تونس من حيث عدد الفرنكوفونيين بنسبة % 57 من عدد السكان. هذه الأرقام ومعطيات تكشف وبجلاء حجم التأثير الفرنسي على المشهدين الثقافي والاجتماعي وبالتالي التأثير على المشهد السياسي، ولا نذيع سرا إذا كشفنا مثلا أنه جاء في قانون المالية الفرنسي لعام 2010 أنه تم تخصيص مبلغ مليار أورو لدعم الفرنكوفونية في العالم ومنها الجزائر، هذا الاهتمام الكبير بنشر الثقافة الفرنسية يؤكد أحد أهم معالم السياسة الفرنسية بتحولها من إمبراطورية تحكم نصف الكرة الأرضية إلى ثقافة. 

في الجزائر تؤكد كل التحاليل والدراسات أن السياسة الخارجية الفرنسية لم تتغير وكانت دائما وفي كل الحقب التاريخية ترى في الجزائر منطقة نفوذ. فهي تمثل مجالا استراتيجيا حيويا لفرنسا سواء على الصعيد الاقتصادي أو الأمني. كما يمثل النفط والغاز الجـزائريان مصدرا أساسيا للطاقة الفرنسية. وإن الحديث عن النفوذ الفرنسي في الجزائر يقود بالضرورة إلى الحديث عن بؤرة النفوذ الفرنسي في الجزائر وهو ما اصطلح على تسميته بحزب فرنسا في الجزائر وهو كيان افتراضي لمجموعة من الإطارات الجزائرية المتشبعة بالثقافة الفرنسية متواجدة في الإدارة والاقتصاد والإعلام وقطاعات أخرى بالغة الحيوية. هؤلاء بحكم مواقعهم الحساسة في مؤسسات الدولة الجزائرية وبحكم ميلهم الثقافي لفرنسا فهم يعملون على مسايرة السياسات الفرنسية المختلفة في الجزائر وفي المنطقة، وهذا ما يعطي لفرنسا قوة تأثير كبرى على عملية صنع القرار في الجزائر مما جعل منها محجا ضروريا للمسؤولين الجزائريين خاصة عند الاستحقاقات السياسية الكبرى لبلادنا. وهو ما يعني عند المتتبعين أنه ستكون لباريس كلمة فاصلة في تحديد المسار السياسي في الجزائر والمساهمة الفعالة في تحديد هوية من سيقيم في قصر المرادية، وهو ما يشير له الدور الفعال للسفارة الفرنسية في الجزائر عبر متابعة وتحليل المشهد السياسي للقيام بما يلزم لضمان استمرارية النفوذ الفرنسي في بلادنا.

محمد دخوش

من نفس القسم الوطن