الثقافي

"عصفوري" بين الرمزية والحنين إلى الأصل

اختتام المنافسة الرسمية للأفلام الطويلة

 

 

اختتمت أول أمس المنافسة الرسمية للأفلام الطويلة في الطبعة السابعة من مهرجان وهران للفيلم العربي وكان الفيلم اللبناني "عصفوري" للمخرج فؤاد عليان مسك ختام المسابقة التي شهدت مشاركة 12 فيلما طويلا.

 

تناول المخرج فؤاد عليان فكرة الوطن عبر البناية والتي تعتبر إحدى التيمات الأساسية في أفلام الذاكرة .

 

يبدأ الفيلم بمشهد لسرب حمام يطير بشكل دائري في سماء بيروت القديمة، تعطي شعور بالنوستالجيا والحنين إلى الماضي الجميل، يتبعها مباشرة لقطة لأحدى شرفات البناية ويكتب على الشاشة بيروت 75 أي قبل أيام قليلة من اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية. 

في البداية يتعرف الجمهور من خلال مشاهد ذات طابع اجتماعي على الأسر التي تسكن في البناية، والتي أهمها أسرة كريم حفيد أبو عفيف . لم ينجح أبو عفيف جد كريم الطفل وصاحب بناية عتيقة ، في تحقيق حلمه في إعادة ترميم ودهن هذه البناية بعد انتهاء الحرب الأهلية ، إلى أن عاد كريم من المهجر ، تزامنا مع بداية إعمار بيروت ، وهنا تدب حياة جديدة بالبناية ويستعيد الجميع الأمل في إمكانية رؤية البناية في رونق جديد يحفظ إرثها وذكرياتها لكن الرياح تجري بما لا تشتهي السفن. 

يعتمد الفيلم على سرد متقاطع يحاول أن يكسر الزمن عبر الفلاش باك سواء القادم من ذاكرة كريم أو بأسلوب الاستدعاء الحر دون أن يكون عبر ذاكرة أي من شخصيات الفيلم. 

 

عام 95 يعود كريم إلى لبنان ليواجه بالحديث المستمر عن إعادة الإعمار ويرى كم التغيير الذي طرأ على البناية خاصة على المستوى الديموغرافي، فالسكان تغيروا، بعضهم هاجر وبعضهم مات وجاء إلى البناية مهاجرون من مناطق النزاع الطائفي. 

 

 بمجرد أن ينتقل الفيلم إلى عام 95 يختار المخرج إعادة الإعمار ليحاول قراءة عملية هدم وبناء الوطن من جديد، أو بمعنى أدق هدمه لصالح الآخرين وليس لصالح أبنائه متمثلا الوطن في البناية. 

 

اختار المخرج الحقبة الزمنية الصحيحة لكنه لم يوفها حقها الدرامي أو البصري فصار الجزء الخاص بالتسعينيات أبعد من التناول الدرامي الهادف.  تعرف كريم على مذيعة شابة فرنسية من أصل لبناني، 

هذه المذيعة تقوم بعمل بعض الروبورتاجات عن إعادة الإعمار وفي سياق تليفزيوني برامجي بحت تلتقي مع بعض المتضررين من عملية هدم البيوت القديمة وعدم الحصول على بيوت جديدة . 

 

تفرد زلفي لنفسها مشاهد طويلة مع كريم وتنشأ بينهم قصة حب خلال تعرفه عليها في ملهى ليلي . 

 

في الفصل الأخير من الفيلم، تظهر شخصيتان كاريكاتوريتان هما محاسبا لجنة التعبئة والإحصاء التي شكلت بعد الحرب لتعداد السكان ببيروت، ولكن تجدهم بعد قليل في سيارة فاخرة وملابس أنيقة تحولا إلى مندوبي شركة مقاولات تريد شراء البناية وهدمها لبناء مركز تجاري. 

يبدأ كريم بعد زيارة مندوبي شركة المقاولات في رؤية كابوس طويل يرى نفسه فيه وكلا الرجلين يقومان بالحلاقة له دون إرادته ، ويقدم رؤية شعبوية تافهة عن فكرة "الحلاقة" بالمفهوم العامي أي النصب والاحتيال. 

أنهى المخرج الفيلم على الطريقة بشخصية الحلاق العجوز مع صديقه أبو عفيفي جد كريم.

فيصل شيباني


من نفس القسم الثقافي