الوطن

مجلس الامن يقرر بالإجماع نزع السلاح الكيميائي السوري

بعد التوافق الأمريكي الروسي

 

أصدر مجلس الأمن الدولي قرارا بالإجماع يوم أمس السبت يحمل الرقم 2118 يدين فيه استخدام السلاح الكيميائي في سوريا ويطالبها بنزعها وتدميرها.

 

إلا  أن القرار الأممي لا يهدد بتوجيه ضربة عسكرية عقابية تلقائية ضد حكومة الرئيس بشار الأسد إذا لم تمتثل للقرار، بل يشير إلى أنه في حال الإخفاق في الالتزام ببنود التخلص من الأسلحة الكيميائية فإن المجلس سيتوجه لاتخاذ إجراءات بموجب البند السابع. وبموجب هذا القرار الجديد سيتعين على مجلس الأمن في حال عدم التزام النظام السوري ببنوده التوافق من جديد على اتخاذ تلك الإجراءات، وليس الانتقال بشكل تلقائي للبند السابع. كما اعتمد القرار الذي جاء بعد جهود دبلوماسية مكثفة استمرت أسابيع على اتفاق بين روسيا والولايات المتحدة تم التوصل إليه بجنيف في وقت سابق من الشهر الجاري، في أعقاب هجوم بغاز السارين أسفر عن مقتل المئات في إحدى ضواحي دمشق في 21 أوت الماضي، واتهمت واشنطن النظام السوري بتنفيذه. ويمثل هذا التصويت اختراقا دبلوماسيا كبيرا في كيفية تعاطي مجلس الأمن مع الأزمة السورية، لكونه أول قرار يتبناه المجلس منذ بدئها في مارس 2011. وكانت موسكو وبكين أعاقتا ثلاث مرات إصدار قرار في المجلس بشأن سوريا باستخدامهما حقهما في النقض .

ويأتي القرار بعد وقت قصير من إقرار المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية خطة لنزع ترسانة السلاح الكيميائي السوري، مما مكن المجلس من إصدار قراره. وقال مايكل لوهان المتحدث باسم منظمة حظر الأسلحة الكيميائية للصحفيين أمام مبنى المنظمة في لاهاي إن "القرار تم إقراره وبات ساريا على الفور".

من جهته رحب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالقرار، وقال بعيد تبنيه "أنجز المجتمع الدولي مهمته"، مضيفا "هذه بارقة الأمل الأولى في سوريا منذ زمن طويل". وأكد بان عقد مؤتمر "جنيف 2" للسلام في سوريا في أواسط نوفمبر، وأشار إلى أن الرئيس السوري بشار الأسد كان قد قال إنه جاهز لإرسال وفد لمؤتمر جنيف 2، والائتلاف الوطني السوري أيضا مستعد. وفي هذا السياق أعرب وزير الخارجية السوري وليد المعلم عن أمله في أن يسفر مؤتمر جنيف الثاني عن تسوية سياسية للأزمة السورية، غير أنه قال إن من السابق لأوانه الحديث عن التوصل إلى اتفاق سلام في ظل استمرار المعارك على الأرض.

وردا على سؤال عن تنحي الأسد عن السلطة، قال المعلم إنه لا أحد يستطيع الحديث عن دور الرئيس الأسد، لأن دوره محدد في الدستور. كما قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن القرار لا يندرج ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لكنه أوضح أن مجلس الأمن سيكون مستعدا لاتخاذ خطوات عقابية في حال حدوث انتهاكات مؤكدة للقرار. وقال لافروف بعد أن وافق المجلس بالإجماع على القرار إن "مجلس الأمن الدولي سيكون مستعدا للقيام  بعمل بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة بوضوح تام". 

أما سفير سوريا بالأمم المتحدة بشار الجعفري فقال إن القرار الذي اتخذه مجلس الأمن للتخلص من الأسلحة الكيميائية السورية يغطي معظم مخاوف الحكومة السورية. وأضاف الجعفري أنه يتعين أيضا على الدول التي تساعد مقاتلي المعارضة أن تلتزم بقرار مجلس الأمن، مؤكدا أن الحكومة السورية "ملتزمة بشكل كامل" بحضور مؤتمر السلام في جنيف في نوفمبر لإنهاء الحرب السورية. وبدوره، أثنى وزير الخارجية الأميركي جون كيري على القرار، محذرا في الوقت نفسه النظام السوري مما أسماها أي تداعيات قد تترتب على عدم احترام القرار. وأضاف كيري "علينا العمل معا بالتصميم نفسه والتعاون نفسه الذي أوصلنا إلى هنا الليلة، بهدف إنهاء النزاع الذي لا يزال يمزق سوريا حتى يومنا هذا". أما وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس فقال إن مجلس الأمن الدولي "يستحق أخيرا اسمه"، مشيرا إلى أن هذا القرار الأول من نوعه في مجلس الأمن منذ اندلاع النزاع السوري في مارس 2011، "لن يخلص وحده سوريا".

وبمناسبة القرار، أكد ريتشارد باتلر كبير مفتشي الأسلحة السابق لدى الأمم المتحدة أن القرار الأممي يمكن فريق التفتيش في سوريا من زيارة أي مكان والتحقيق فيه، فضلا عن حرية التحدث إلى أي شخص يُحتمل أن يكون له دور في تصنيع أو إنتاج الأسلحة الكيميائية. وأضاف باتلر أنه من الممكن أن تتخذ الأمور مسارا طويلا كما حدث في العراق سابقا، إلا في حالة وجود تعاون تام من قبل النظام السوري.

في سياق أخر يحقق مفتشو الأسلحة الكيماوية التابعون للأمم المتحدة في سوريا في سبع حالات استخدام مزعوم لأسلحة كيماوية أو بيولوجية من بينها ثلاث حوادث قرب دمشق بعد هجوم 21 أوت االفارط الذي دفع الولايات المتحدة للتفكير في توجيه ضربات عسكرية للقوات السورية. وذكر بيان من الأمم المتحدة في دمشق يوم الجمعة الماضي لأن من المتوقع أن ينتهي الفريق من عمله في سوريا يوم الاثنين وانه يعكف على اعداد تقرير شامل يأمل الانتهاء منه بنهاية أكتوبر من المنتظر أن يورد مزيدا من التفاصيل عن الهجوم الذي قالوا بالفعل إنه تضمن استخدام غاز السارين. وقالت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون إن التقرير الأولى أظهر ان دمشق كانت وراء الهجوم الذي قتل فيه مئات الاشخاص. ونفت حكومة الرئيس السوري بشار الأسد الاتهام وألقت بالمسؤولية عنه على المعارضين. وشملت الوقائع كذلك هجوما مزعوما بالسلاح الكيماوي في مارس آذار في بلدة خان العسل حيث تقول السلطات إن مقاتلي المعارضة قتلوا 25 شخصا منهم 16 جنديا. ويقول المعارضون إن قوات الحكومة وراء الهجوم. والواقعتان الاخريان حدثتا في وقت سابق هذا العام ووقعتا في شهر ابريل نيسان إحداهما في حي الشيخ مقصود في حلب والاخرى في بلدة سراقب في محافظة إدلب الشمالية. وقال بيان الأمم المتحدة إن أحدث ثلاثة هجمات وقعت في البحارية وجوبر وتقع كلاهما بالقطاع الشرقي من وسط دمشق يومي 22 و24 أوت وفي أشرفية صحنايا إلى الجنوب الغربي من العاصمة يوم 25 أغسطس آب. وعاد فريق المفتشين الى دمشق يوم الاربعاء لاستئناف عمله وقال البيان إنهم "يتوقعون استكمال أعمالهم في البلاد بحلول يوم غد الإثنين.

إ: محمد دخوش

من نفس القسم الوطن