الثقافي

الروائي حبيب السائح: بالجزائر لوبي ثقافي فرنكفوني

في حوار لموقع الجزيرة نت

 

 

تحدث الروائي الجزائري الحبيب السائح في حوار مع موقع الجزيرة عن اختياراته في الكتابة الروائية، وخص بالذكر روايته الاخيرة الموسومة بـ"الموت في وهران" والتي تطرق فيها محنة التسعينات التي مرت بها الجزائر وما حملته من تداعيات على الحياة العامة، كما تطرق إلى الازمة الغوية في الجزائر والاختلاف الموجود بين التيار المعرب والفرنكفوني. وفي سؤال حول ماذا تغير في مقاربة "الإرهاب" روائيا بعد انحساره في الجزائر قال السائح إن روايته الاخيرة "الموت في وهران" تتجرأ على أن تقول بعض ذلك على لسان الشخوص والسارد خاصة، لأنه يقدّر أن ما ينبغي أن يتوجه إليه اهتمام الكتابة هو ما ترتب من نتائج نفسية مؤلمة ومن خلخلة للنسيج الاجتماعي ومن أعطاب للوجدان. وعن تطرق الكتاب إلى موضوع الارهاب بعد أن اصبح المناخ المناسب لكل الكتاب بعد أن تحول إلى واقع يومي، اعتبر الروائي الجزائري أن الجزائر كان مخططا لها أن تفكك. فطرح سؤال "من يقتل من؟". وأضاف السائح في نفس السياق أن كثيرا ممن كتبوا عن الظاهرة فعلوا ذلك تحت تأثيره وبالعودة إلى ظروف محنة الجزائر، "يمكن ملاحظة أن المسألة لم تعرف التدويل، ومن ثمة اعتبرت ذات بعد داخلي. (من يدري ما الذي كان سيحصل لو أن تجربة الجزائر مع العنف تأخرت إلى هذا الوقت؟) وعليه نظر إليها الكاتب بصفتها واقعا يوميا وقد كنا نعيشه كذلك".

وتصور السائح أن هذا الأمر يشكل خطورة تأتي من هذا "الهروب إلى الأمام" من الكتّاب أمام الظاهرة التي تعممت وتتطلب الآن شجاعة في إعادة نظر في المقاربة التقليدية للإرهاب، بحيث لم يعد -في تقديره- رفع السلاح في وجه نظام لتغييره نحو الأفضل هو الهدف، بل لغايات أخرى غير مرتبطة أساسا بمصالح الشعوب المطالبة بالحرية والعدالة.

وأعطى صاحب "تماسيخت" مثالا على ذلك من خلال موضوعات الروايات الصادرة منذ عشرين سنة لتعاين أن هناك هروبا من مقاربة الظاهرة، لارتباطها بالديني خاصة وباعتبارات أخرى، الأمر الذي سيجبر دور النشر والإعلام على "التحفظ" تجاه أي عمل روائي يجرؤ على طرح سؤال منبع الظاهرة. فالخطورة تكمن في حصار مخيال الكاتب نفسه في مواضيع لا تصدع بالحقيقة، لا تُنطق المسكوت عنه. وركز الحبيب السائح في حديث على اللغة العربية في ظل وجود التيار الفرنكفوني، وفي هذا الشأن قال "لست مناضلا من أجل لغة عربية في مواجهة لغة أخرى، لأن للجزائر خصوصية ثقافية ولغوية مختلفة عن باقي البلدان العربية قاطبة. أراهن على لغة كتابة مفارقة لإدراكي لأن الرواية الأدبية تتطلب بلاغة وقاموسا مختلفين عن السائد وعن كل موضوع إلى غيره، كما هي الحال في أعمالي". وعن خياراته في النشر كشف السائح أن هناك ثلاثة أسباب جعلته يتوجه إلى المشرق، ومصر تحديدا وهذا لانعدام تام لشبكة توزيع في الجزائر حاليا مع انفصال كلي للمدرسة والجامعة عما يصدر من إنتاج أدبي، وفي ظل غياب مطلق لترقية الكتاب من دور النشر نفسها. عزوف الإعلام عن متابعة الصادر بالتقديم المحترف. وعن ترجمة رواياته إلى الفرنسية، برر السائح ذلك لأهمية المقروئية "المفرنسة" في الجزائر، لتقاليدها مع الرواية خاصة، ولم يخف وجود لوبي قوي جدا يمنع انتشار الأعمال المترجمة، لأنها أقوى غالبا مما يكتبه حاليا جزائريون بالفرنسية وحتى لا تزاحم غيرها المكتوب بالفرنسية، مضيفا في السياق نفسه أن ما يلقاه الكتاب الأدبي الصادر في الجزائر بالفرنسية، أو المستورد من فرنسا، من دعم المراكز الثقافية في الجزائر ومن دائرة نشر الفرنكفونية في فرنسا، لا يحظى بجزء منه الكتاب الأدبي الصادر بالعربية في الجزائر، وهذا هنا منبع أحد الاختلالات الثقافية في الجزائر. 

فيصل. ش

من نفس القسم الثقافي