الوطن

دلالات زيارة الغنوشي والقائد السبسي

سليمان شنين

 

تابعت تصريحات كل من الشيخ راشد الغنوشي والقايد السبسي بعد لقائهما بالرئيس عبد العزيز بوتفليقة، فالزيارة طرحت تساؤلات كثيرة داخليا وخارجيا بالنظر إلى توقيتها والظروف المحيطة بها، بدءا بالحالة الصحية للرئيس وصولا بتزامنها مع التغيرات الكبيرة التي حدثت في البلاد مع التغيير الحكومي، مع ما يحدث في المشرق العربي سواء في مصر أو سوريا الشقيقة.

اللقاء تم بدعوة من الرئيس حتى لا نقول استدعاء كما يحلوا لبعض الأطراف التونسية، التي لم تستغرب دعوة مماثلة من باريس من قبل وحاولت أن تسمم العلاقة بين البلدين بهذه الدعوة، من خلال العزف على وتر التدخل في الشؤون الداخلية لتونس وعدم احترام المؤسسات الدستورية لها، فكان الأجدر دعوة الرئيس التونسي ووزير خارجيته من دعوة شخصيتين حزبيتين تربطهما علاقة خاصة بالرئيس بوتفليقة.

ما ترشح عن اللقاءين أن ملف الأمن القومي كان الأولوية في النقاشات وقد ابدت الجزائر تخوفاتها من استمرار الأزمة التونسية وعدم الاستقرار السياسي، الذي يمكن أن يساهم في الاستقرار الأمني ويمكن الأشقاء التونسيين من محاربة الارهاب، في ظل وجود ما يقارب الألف كلم من الحدود الآهلة المشتركة بين البلدين، كما أن الجزائر تتخوف كثيرا من القرارات الأحادية خاصة في اعطاء الأفريكوم موقع قدم في بلد جار وشقيق دون تشاور ثنائي، في الوقت الذي يشهد التعاون الأمني بين البلدين اعلى مستوياته، مثل هذا الكلام يكون الرئيس قد أسمعه للأشقاء في تونس كما يكون قد أخبرهم حرص الجزائر على دعم التوافق بين مختلف الأحزاب التونسية، بل دعمها للاقتصاد التونسي وبشكل مباشر بعد الانطلاق في خريطة طريق جماعية بين مختلف الأطراف التونسية.

الباجي القايد السبسي وما يمثله من امتدادات للدولة العميقة في تونس، والغنوشي وما يمثله من رمزية لثورة الياسمين وبرعاية جزائرية لا ترغب في تكرار ما حدث في مصر، ولا تريد الجزائر أن تكون مثل السعودية، بل حريصة على أن ينعم الاشقاء في تونس بالأمن والاستقرار لأن العلاقات التاريخية والجيوستراتيجية بين البلدين، اضافة إلى ايديولوجية الثورة لا تسمح للجزائر بأن يكون لها دور غير هذا.

ارتياح كبير تلقاه المراقبون في عودة الرئيس بوتفليقة من خلال أولوية الحفاظ على الأمن القومي، وبرعاية امنية وعسكرية تقلل من شأن التحاليل التي توشي بصراع بين الرئاسة والمؤسسة الأمنية... الزيارة جاءت لترسم أن البلد بمؤسساته، وأن الخلافات الموجودة لا يمكن أن تتجاوز المصالح الاستراتيجية للبلاد ولا مصالحها الحيوية...

من نفس القسم الوطن