الوطن
سعيداني بين ولاءاته السياسية والمهام المسنودة إليه
طلب الإجماع على شخصه وأكد أنه ليس مرشح الجيش
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 31 أوت 2013
عمار السعيداني هو رابع مسؤول تشير وثائق الميلاد انه مولود خارج التراب الجزائري، وهنا اتحدث عن مسؤولين في الهيئات العليا في البلاد بعد رئيس الجمهورية ورؤساء الغرفتين البرلمانيتين، كما يعتبر اول مسؤول على هذا المستوى من الجنوب الجزائري في سابقة في التوازنات الجهوية داخل جهاز الأفلان، ويلخصه مقربوه بأنه بيل دوزار يهدم كل ما طلب منه مهما كان صعبا، مما يجعل البعض يتساءل عن امكانياته وقدراته في البناء والانجاز.
لم يكن عمار سعيداني المولود بقرية ام العرائس بتونس يحلم في يوم ما أن يكون بهذه الأهمية في الحياة السياسية في الجزائر، فهو ابن عائلة فقيرة ولم يرث من اهله لا ثروة ولا جاها ولا مستوى تعليميا في الجامعات مثل ما فعل كثير من ابناء منطقته، ولكنه بدأ حياته النضالية من خلال العمل النقابي وناضل من خلال الاتحاد العام للعمال الجزائريين ليلتحق بعدها مناضلا في صفوف جبهة التحرير الوطني، إلى أن وصل في فترة التسعينات إلى منصب محافظ لولاية الوادي وفي فترتها استطاع أن يغتنم فرصة بداية تمرد الأفلان على السلطة، والتي كان امينها العام ساعتها المرحوم عبد الحميد مهري، وبتوجيه من البعض وخاصة قيادة الاتحاد العام للعمال الجزائريين ساعتها استطاع سعيداني أن ينظم اول تجمع للمرحوم عبد الحق بن حمودة والذي كان ساعتها يقود التحرك الجماهيري الداعم للتيار الاستئصالي عند البعض والمدافع عن الجمهورية عند البعض ألأخر وكان ذاك التجمع المشهود في ولاية الوادي نقلة نوعية في حياة عمار الذي بدأ نجمه يسطع، وكان من المحافظين الأوائل الذين وقفوا ضد مسار تحول الأفلان من جهاز إلى حزب سياسي ووقف بشدة ضد مشروع سانتيجيديو، ليشترك بعدها في المؤامرة العمية التي ترأسها في ذلك الوقت من ازاحهم اليوم تسونامي سعيداني ولمن ليس بنفس الصيغة والاسلوب، كما شارك في مشروع البتريوت وكان من داعميه في المنطقة "الجنوب الجزائري"، مساره هذا قربه كثيرا من عدة مسؤولين في البلاد عسكريين ومدنيين والذي جعله يختار في الفترة الأولى من ترشح عبد العزيز بوتفليقة بعد أن تيقن من عدم امكانية الضفر بالريع من خلال النضال الحزبي، فتوجه لرئاسة اللجنة المستقلة لمساندة الرئيس بوتفليقة كأداة استطاع من خلالها التقرب إلى الرئيس ليصبح بعدها رئيسا للمجلس الشعبي الوطني.
وخلال فترة رئاسته توالت الحملات الاعلامية عليه بدءا بقضية 3200 مليار الذي قال بشأنها في ندوته الصحفية الأولى ان" 17 سيمي رمورك لا تستطيع أن تستوعبها"، واكد انه لا صلة له بها وان من كان عنده دليل مادي فليتقدم به للعدالة، ولم يشير إلى فيلا حيدرة التي قدرت ساعتها بـ24 مليار سنتيم ومازال يسكنها. اما القضية الثانية فهي الشركة الفلاحية التي زعم انه نال بها القروض فبدا الرجل اكثر ارتياحا حين قال "ان من يأتني بدليلها سأكتبها له عند الموثق "الشيء الذي فتح شهية الصحافيين المحققين.
سعيداني لا يتحكم في الكلمات ولا في التصريحات ويبدو أن عفويته ستدمر من سعى للإتيان به، ففي سؤال حول وجود صراع بين مختلف الأطراف في السلطة اجاب بطريقة المرحوم الشاذلي بن جديد أن كل الدول فيها صراع بين مختلف الأجنحة في السلطة. وأكد انه ليس مرشح الجيش في نفس الندوة الصحفية، وهو الأمر الذي يجعل مهمته محدودة زمانا، وترك الانطباع بشكل واضح انه جاء لإنجاز مهام محددة من طرف دافع عليه في ندوته الصحفية الأولى، وهو بذلك يعلن أن الأفلان الجديد هو لجنة مساندة لمن أتوا بقيادته في هذا الظرف الحساس.
لغة سعيداني رغم بساطتها وتبعثر كلماتها وعدم ترابطها، ولكنها واضحة للمتتبعين فأوراق القوة عند الرئيس هي العلاقات الدولية والاحترام الذي يحظى به عند مختلف الأطراف وان السلم هو من كرسه، كإشارات واضحة لمرتكزات هذا الطرف في فرض خياراته في المرحلة القادمة.
لقد لوحظ على الأمين العام الجديد وسؤل في الندوة الصحفية عن وجود حماية من مديرية الأمن الوطني كما لاحظ آخرون أن أغلبية المشرفين على التنظيم كانوا من نفس الجهاز في الوقت الذي اكتفت فيه الأجهزة الأخرى بالمتابعة عكس الدورة السابقة، وأرجع البعض هذا إلى العلاقة المتينة التي تربط سعيداني بالرجل الأول في باب الوادي كل هذه المعطيات تجعل من خطاب سعيداني في الاستقرار والمخاطر، التي تحدق بالبلاد والأمن رسائل مشفرة غير واضحة ولا معلومة لدى الكثيرين بقدر ما أن الرجل تكلم بما يسمع ولا يستطيع أن يشرحه للآخرين وربما كلمات لإعطاء الانطباع بانه مهم وانه مطلع، ولكنه في كثير من الأحيان لم يكن منتبها إلى تداعيات وانعكاسات هذه الكلمات على مسار البلاد وحسن استقرا مؤسساتها التي حاول أن يقنع الرأي العام انها من اولويات مهامه.
لقد قال بعض القياديين في الأفلان إن سعيداني سيتكفل بإيقاف المافيا الأفلانية والدينصورات الذين تغولوا على البقية، ولكنهم تناسوا أن الطرف الآخر يقول بان سيعدان هو مجرد اداة عند اصحاب المال الفاسد وانه جاء كمحلل واضفاء الشرعية عن هؤلاء، وبين هذا الطرح وذاك الأيام كفيلة أن تنصف صاحب الحق أن كان هناك حق مع اي منهم.
سليمان. ش