الثقافي

لخضر منصوري: "الجيل الحالي قضى على مسرح الحلقة"

في محاضرة بمسرح الموجة في مستغانم

 

في ظل ظهور أنواع مسرحية جديدة طفت إلى سطح الخشبة في الجزائر وفي العالم ككل وكان هذا على حساب أنواع أخرى أصبحت من منظور الجيل الحالي من في تعداد القديم ولا يمكنها اللحاق بهذا الركب، ومن بين هذه الأنواع التي ذهبت مع ذهاب السنوات نجد "مسرح الحلقة"، الذي كان في القديم من ابرز الأنواع المسرحية وكان فنا قائما بذاته ومعروفا عند كل الأوساط أين كان الناس يدورون في شكل حلقة على القوال: الذي يسرد قصصا حول أساطير صنعوا التاريخ في شتى المجالات . هذا النوع المسرحي هو ما ركز عليه الدكتور المسرحي لخضر منصوري في لقاء حول مسرح الحلقة نظم سهرة أول أمس بمسرح الموجة في مستغانم، أين استعرض منصوري جملة من الأسباب التي جعلت هذا النوع المسرحي يندثر من بلادنا مقارنة بالمغرب التي تعنى كثيرا بتراثها الشعبي وتأسف منصوري أن في الجزائر وبعد ذهاب علولة الذي كان من بين الأوائل الذين التفتوا لمسرح الحلقة، تراجع بشكل كبير بل تلاشى تماما ولم يعد له وجود في الجزائر. وأعاب الدكتور والمختص في المسرح منصوري لخضر عدم اهتمام الفنان الجزائري بموروثه الشعبي والتراثي الغني وتوظيفه في الفن الرابع وخصوصا في مسرح الحلقة الذي اختفى من الساحة منذ عدة سنوات سواء على مستوى الفرق والقوالين أو من جانب الإنتاج الذي بات يصب في أنواع مسرحية أخرى غير الحلقة. وطرح الدكتور وأستاذ فن الإخراج المسرحي بجامعة وهران، منصوري لخضر، إشكالية ابتعاد فنان المسرح بالجزائر عن ممارسة مسرح الحلقة المعروف الشعبي والشبيه بالمسرح الإيطالي "كوميديا ديلارتي"، من حيث عدة عناصر لاسيما علاقتهما مع الممثل والحركة والتشويق في الحكاية قائلا "لماذا لا يفكر الفنان الجزائري في شكل من الأشكال القديمة ويجربها مع إمكانية النجاح أو الفشل، لكن يفترض أن يجربها". وأشار المتحدث منصوري في السياق بأنّ الغرب استثمر في هذا اللون الفني وأعطى له خلال السنوات الأخيرة أشكالا مختلفة ومتنوعة كالفولكلور، بينما بقيت الجزائر وباقي دول المغرب العربي حبيسة الاعتماد على أنواع معينة ولم تلتفت إلى موروثها الثقافي والشعبي من الحكايات وحلقات القوالين والمداحين، التي زالت في وقتنا الحاضر وإن وجدت فإنّما تقتصر على فرقتين أو ثلاث لم تحظيا بفرصة للبروز. وطالب منصوري من خلال طرحه لعدة أسئلة مهمة حول ماهية المواضيع التي يجب تناولها في الحلقة وبأيّة كيفية ومعرفة ماذا يحب الجمهور، وغيرها، بضرورة الالتفاتة لهذا النوع المسرحي الهادف الذي كان له رواج كبيير في المشهد المسرحي الجزائري، بحيث استطاع فرض نفسه دون أن ينفي المسارح الأخرى كالعبثي والكوميدي والتراجيدي، بالإضافة إلى سعي الراحلين عبد الرحمان ولد كاكي وعبد القادر علولة الذين تفطنّا له، التأسيس له وإخراجه من بوتقته وكذا تطويره بإدخال أساليب جديدة لا تلغي قيمته وقاعدته، التي هي "الحلقة" رغم أن تجربتهما لم تكتمل لكن شهدت تقديم بعض التجارب التي أقيمت حوله. وفي سياق متصل أوضح الدكتور منصوري بأنّ وسائل الاتصال والتكنولوجيا الحديثة بشتى أنواعها كالسينما والتلفزيون والأنترنت ساهمت في وأد مسرح الحلقة ودفنه بعد أن جذبت الجمهور إليها وأبعدته عن الحلقة، معتبرا إياها المنافس الوحيد للحلقة واكبر خطر يحدق بما تبقى منها خاصة وأنّ المستقبل يخفي مفاجآت عديدة في هذا الجانب وبالتالي فإنّ زوالها نهائيا غير مستبعد إذا لم يتدارك الوضع قبل فوات الأوان. وتساءل منصوري عن إمكانية استعادة الحلقة لمكانتها السابقة في ظل مجتمع أصبح فاست فود وفايسبوكي ويؤمن بالسرعة فقط. لخضر منصوري ذكر تراجع مسرح الحلقة في الجزائر باختلاف الثقافات مقارنة بالماضي أين أوضح في هذا الشأن بأن ثقافة هذا الجيل هي من ساهمت في تراجع هذا النوع المسرحي، الذي كان في القديم احد أهم الأنواع المسرحية في الجزائر خاصة في وقت علولة الذي كان يجعل من المساحات العمومية خاصة في الجامعات، حلقات مسرحية نصف دائرية حيث كان يجعل مكانا مفتوحا من أجل دخول وخروج الممثلين منه. ولك يخف منصوري أنه مع ذهاب علولة لم تأت أي مبادرة من بعده، حيث وبعد رحيله سنة 1994 اختفى هذا النوع المسرحي ولم يعد موجودا إلا في أماكن محدودة جدا. 

فيصل شيباني 

من نفس القسم الثقافي