الوطن

مالي الجديدة

سليمان شنين


 

رغم غياب عنصر المفاجأة في الانتخابات الرئاسية المالية التي من الراجح أن تفرز صناديق الاقتراع السيد بوبكر كيتا والذي أثبتت نتائج الدورة الأولى أنه المرشح الأكثر حظوظا من غيره، إضافة إلى الإعلان المسبق من منافسه سومايلا سيسي في قبول النتائج مهما كانت وخاصة أمام شهادة البعثات الدولية بنزاهة وشفافية الانتخابات رغم بعض التجاوزات والنقائص التي لا ترقى للتشكيك في هذه الانتخابات.

واستطاع المجتمع الدولي من خلال حراسة مكاتب الاقتراع من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والشرطة والجيش الماليين والجيش الفرنسي من تأمين الاقتراع ولم تسجل حوادث أمنية تذكر، ونجح الجميع في تجاوز أكبر تحدٍ وقف أمام هذه الانتخابات وبالتالي أعاد الثقة للشعب المالي الشقيق بإمكانية استرجاع الأمن، كما كانت رسالة واضحة للرئيس القادم على الاستمرار في التعاون مع هذه القوى للتخلص من الإرهاب وبشكل دائم.

صحيح أن بوبكر كيتا هو المرشح الوحيد الذي لم ينتقد الانقلاب الذي وقع في مالي في 22 مارس 2012 والذي أغرق مالي في الفوضى وأنتج مآسٍ كثيرة ولكن مع ذلك فالأطراف المحلية والدولية التي ساعدت الانقلاب هي طرف مهم في استرجاع الاستقرار، وهو ما أدركه هذا المرشح المخضرم، وبهذا الأسلوب لم يستعد هذه القوى النافذة والمتنفذة في بقايا دولة مالي.

إن المشاركة المحدودة في الدورة الثانية من الانتخابات وتراجعها مقارنة مع الدورة الأولى والتي أجمع المراقبون على أنها كانت بسبب الأمطار الغزيرة التي تهاطلت في جنوب البلاد، لا سيما في باماكو، حيث الكثافة السكانية، وهو أمر توقعه الجميع، بل إن بعض المطالبين بتأجيل الانتخابات كان من بين حججهم الأساسية الأمطار الطوفانية، إلا أن الجميع يعتبر هذا التناقص ليس موقفا سياسيا، كما أنه ليس لمقاطعة مسار أو عدم اعتراف به، مما يزيد من مسؤولية الرئيس الجديد، خاصة في الانتخابات البرلمانية والمحلية القادمة لأن المشاركة الشعبية هي أحد الضمانات المهمة في عودة الشرعية الدستورية المعطلة بعد الانقلاب.

الشعب المالي قدم ما عليه وزكى المسار السياسي الذي دعم من المجتمع الدولي والقوى الإقليمية التي هي مطالبة اليوم بإيجاد آليات تؤمن بها الانتقال إلى مرحلة جديدة دون إقصاء لأي طرف وإدماج الشماليين في منظومة الحكم القادمة، كما هو مطلوب أن تؤمن المساعدات الاقتصادية والمالية حتى لا تذهب في جيوب الفاسدين والمفسدين، إن حاجيات عودة النازحين وتحريك الاقتصاد المالي وتأهيل القوى الأمنية، كلها تحديات كبيرة لا يمكن للأشقاء في مالي أن يقوموا بها لوحدهم، وهي مسؤولية جماعية، ومهما كانت تكلفتها، إلا أنها أقل من تكلفة الحرب ونتائجها. 

 

من نفس القسم الوطن