الوطن

"الإسلاميون تحدثوا دائما عن دولة مدنية ذات مرجعية إسلامية"

أمين عام حركة البناء الوطني أحمد الدان في حوار مع "الرائد":

 

 في ظل الظروف التي تعيشها الساحة السياسية هذه الفترة واقتراب موعد الرئاسيات، والحديث عن مرشح إجماع خاصة لدى الاحزاب الإسلامية تبقى رؤية هذه الاخيرة بالرغم من محاولة خلق توافق بينها متباينة فيما يخص العمل السياسي وما يفرضه في هذه الفترة الحساسة من متطلبات، وفي هذا الصدد أكد أمين عام حركة البناء الوطني أحمد الدان في حوار مع "الرائد" أن هذه الاخيرة جاءت لمحاولة اخراج العملية السياسية من التصارع والتضاد إلى التشارك والتنافس الايجابي وعن حالة الانقسام، التي تعرفها العديد من الاحزاب في الجزائر قال الدان أن ظاهرة الانقسامات خلال العشر سنوات الاخيرة، لم تسلم منها أية جهة من مكونات الساحة السياسية والاجتماعية بل وحتى الاقتصادية ولذلك لا بد من تعميق النظر في أسباب هذه الانقسامات، ومن المستفيد منها؟. كما تطرق دان في حديثه إلى الاحداث التي تعرفها مصر، حيث قال إن ما يحدث في مصر مجازر حقيقية تقوم بها عصابات مستولية على السلطة تفتقد إلى كل مقومات الشرعية.

 

س1: ما هي الاضافة التي اضافتها حركة البناء الوطني إلى الساحة السياسية؟

 

أحمد الدان: حركة البناء الوطني جاءت في سياق الموجة الجديدة للتعددية في الجزائر والتي عكست حاجة الجزائريين إلى التعبير عن انفسهم، وهي جزء من موروث الشيخ محفوظ نحناح ونحن نعتقد أن الساحة السياسية تشهد حالة اعادة صياغة مبنية على الحضور السياسي الدائم والمستمر وليس على اساس المواسم الانتخابية، وحركة البناء الوطني تحتكم إلى هذا الحضور وستكون رائدة في الخارطة السياسية الجديدة بعون الله ثم بفضل ابنائها ورجالاتها وشبابها وبرنامجها الواقعي والطموح وأول الغيث قطرة.

 

س 2: يتحدث كثير من الناس عن الانقسام الحاصل في الساحة الحزبية الاسلامية على انه عائق رئيسي في دور الاحزاب الاسلامية في المشهد السياسي في المستقبل فكيف تقرؤون هذا الواقع؟ 

 

ج: الحقيقة أن ظاهرة الانقسام خلال العشر سنوات الاخيرة لم تسلم منها أية جهة من مكونات الساحة السياسية والاجتماعية، بل وحتى الاقتصادية ولذلك لا بد من تعميق النظر في أسباب هذه الانقسامات, والتساؤل الجوهري هو من المستفيد من هذه الانقسامات, وأنا اعتقد أن العامل الخارجي له دور في تفتت الساحة فنحن نشاهد استراتيجية التقسيم القائمة على (فرق تسد) قد بدأت تمس الدول العربية والإسلامية منذ مدة، كما بدأت تمس المكونات الرئيسية في هذه الدول ومنها القوى الاسلامية التي بدأت تشكل نجاحا في الوصول إلى السلطة في العديد من الدول، مما لا يتناسب مع مخططات(سايكس بيكو) في طبعتها الجديدة التي تستهدف صراع الحضارات وتعمل على قطع الطريق امام التحرك الاسلامي بضربه من الداخل. 

 

س3: هل لهذا الموضوع علاقة بالانتخابات الرئاسية بالجزائر؟ 

 

ج: الرهان الحقيقي المرتبط بالرئاسيات هو رهان متعلق بالديمقراطية ولابد أن يحصل بين مكونات الساحة السياسية الجزائرية عقد اجتماعي سياسي او عقد ديمقراطي يحمي الثوابت من جهة، ويفعّل العملية الديمقراطية من جهة اخرى بما يعطي المعارضة دورا في بناء الدولة رغم التنافس على السلطة، 

ولذلك فالرئيس القادم ينبغي أن يكون من حماة الثوابت الوطنية وان يكون البعد الديمقراطي لديه حاضرا بشكل جاد تنتهي معه حالة الشرعية المنقوصة والمتهمة بالتزوير في كل مرة، والأحداث الجارية في مصر وما حدث في ليبيا ومالي وتونس هي نماذج مؤثرة حتما على الساحة الجزائرية، ومن هنا فالرئاسيات القادمة ليست ذات علاقة مباشرة بموضوع الخلاف داخل الاحزاب الاسلامية، ولكنها تؤثر على الساحة كلها بما فيها الاسلاميين ولذلك فحري بالجميع أن تكون الرئاسيات محطة لدخول الجزائر للجمهورية الثانية التي تستوعب التحولات الحاصلة في المجتمع والدولة. 

 ونحن لدينا مبادرة في هذا الشأن بعنوان "الجزائر الآمنة" سنتقدم بها إلى مكونات الساحة السياسية المختلفة لأننا نعتقد أن مكونات الساحة الحزبية بعيدة عن الاجماع على شخص واحد للرئاسيات, وعندما يغيب الاجماع ستدخل عوامل اخرى كثيرة في رسم خارطة الرئاسيات القادمة، نحن نتابع تطوراتها وقد اتصل بنا العديد من الاطراف في هذا الموضوع إلا أن اولويتنا اليوم هي التأسيس المشترك لعملية سياسية تحمي الثوابت والوحدة الوطنية وتعيد للمنظومة الحزبية في البلاد مكانتها السياسية والخروج من حالة تبادل المصالح الانتخابية بين اطراف اللعبة السياسية.

س 4 : وعلى ذكر مصر كيف تقرؤون الأحداث، ولماذا هذا الصمت العالمي تجاه ما يحدث في مصر؟

 

ج: أولا: ما يحدث في مصر هو مجازر تقوم بها عصابات مستولية على السلطة تفتقد إلى كل مقومات الشرعية وتدوس على حقوق الانسان بأسوء الاشكال الغاشية والاستبداديةن التي تشبه ممارسات الصهاينة في فلسطين 48 التي استهدفت تفريغ الارض من اصحابها وإسكان شداد السياسة مكان اصحاب الشرعية، تحت مزاعم الديمقراطية وحقوق الانسان فالبرادعي الساكت عن المذابح هو نائب رئيس جمهورية الانقلاب لما اصبح مسؤولا لزم الصمت، ولما كان معارضا لم يتوقف عن الكلام والقيام بحملات دعم الانقلابيين وتبييض انقلابهم في العالم.

س5: ألا يعني هذا بأن حلم الدولة الإسلامية التي كان الإخوان المسلمون يعملون عليها قد انتهى ؟

 

ج: الحقيقة أن الاخوان المسلمين عندما نتابع خطاباتهم لا نجد كلمة الدولة الاسلامية في خطابهم السياسي، وانما هم يتحدثون عن دولة مدنية ذات مرجعية اسلامية تحمي حقوق الانسان، والذي يحدث اليوم في مصر هو دليل على أن النظام الديكتاتوري الذي حكم مصر عمودا من الزمن بالحديد والنار فقد مقومات بقائه امام الزخم الشعبي الحريص على الديمقراطية وعلى الشرعية الشعبية, ونحن لا نتصور حسب التجربة الجزائرية من أيام الاستعمار أن تكون هنالك حرية او ديمقراطية بدون تدافع أو تضحيات ولكننا ندعو باستمرار إلى السلمية وحماية مكتسبات الدولة. 

س6 ما هي انعكاسات ما يحدث في مصر على الجزائر وعلى الإسلاميين في الجزائر؟

 

ج: ما يحدث في مصر له انعكاسات على الامة العربية بأكملها وعودة الشرعية في مصر تعني عصر جديد يؤسس للديمقراطية الشعبية الحقيقية، ولذلك نشاهد التواطؤ العالمي من انظمة المصالح وأنظمة الديكتاتوريات للسكوت على اغتصاب الشرعية في مصر وفرض نظام الدبابة على الشارع المصري, والإخوان هم مشروع وسطي ومعتدل يلتقي مع بقية مشاريع الوسطية في العالم الاسلامي مع احترام خصوصيات الدول المختلفة, والأحزاب الاسلامية الجزائرية أحزاب جزائرية يحكمها القانون الجزائري وتستند إلى مرجعية واضحة هي مرجعية أول نوفمبر، إلا أنها تؤثر وتتأثر بالمحيط الاقليمي والدولي كبقية مكونات الساحة السياسية، ولذلك فنحن نحرص على أن تستفيد مصر من تجربة الجزائر سواء التيار الاسلامي أو غيره من التيارات خصوصا في موضوع المصالحة الوطنية وحماية البلاد من الانزلاق نحو الحرب الاهلية.


حاورته: سارة. ز

من نفس القسم الوطن