الوطن

أئمة يضربون بيد من حديد لمحاربة النوم في بيوت الله!

المنع بأساليب الترغيب والترهيب وأحيانا حتى "الطرد" من المسجد

 

يحاول الكثير من الأئمة عبر الوطن تنفيذ التعليمة التي وجهتها وزارة الشؤون الدينية إلى مدراء القطاع بالولايات تحثهم فيها على منع القيلولة داخل المساجد ومحاربة هذه الظاهرة بالموعظة، مع السّهر على حرمة بيت الله في هذا الشهر، حيث يعمل الائمة مع دخول شهر رمضان نصفه الثانى على التصدي لكل الممارسات السلبية التي من شأنها المساس بقدسية بيوت الرحمان منها ظاهرة النوم في المساجد، من خلال التعاون مع اللجان التي أنشأتها وزارة الشؤون الدينية للتنقل عبر المساجد لتوعية المصلين بتجنب القيلولة بأماكن العبادة خاصة وأن الوصاية تحذير القائمين على المساجد من إمكانية تعرضهم إلى إجراءات عقابية في حال تقاعسهم عن محاربة الظاهرة وتبليغ مصالح الأمن إن اقتضى الأمر ذلك.

ويأتي تحرك الوزارة الوصية وكذا القائمين على المساجد في الجزائر بعد تفاقم ظاهرة النوم في بيوت الله خاصة مع حلول شهر رمضان في فصل الصيف المعروف بحرارته المرتفعة وساعات الصيام الطويلة وارتفاع عدد شكاوى المصلين من هذه الظاهرة التي جعلت الوزارة تتحرك للقضاء عليها كونها تعتبر من الظواهر السلبية التي تعكر على المؤسسة المسجدية أداء دورها الروحي والديني، وفي هذا الشأن يعمل الكثير من الائمة عبر مساجد العاصمة على تنشيط حلقات موعظة للحديث على دور المسجد وأهميته وخطورة بعض الظواهر السلبية على هذا الدور الجليل للمسجد، في حين لم يجد بعض الائمة الذين لم يتمكنوا من إقناع بعض المصلين من عدم النوم في المسجد بالترغيب سوى النقيض الآخر وهو الترهيب وتحريم مثل هذا التصرف ليلجأ بعض الائمة إلى أكثر من ذلك وهو طلب أعوان الأمن الذين استحدثتهم الوزارة الوصية على مستوى عدد من مساجد العاصمة لمنع بعض رواد المساجد من تحويل هذا الأخيرة إلى مكان للقيلولة.

مصلّون يختارون مساجد مكيّفة لقضاء القيلولة!

 هذا وتجبر حرارة الصيف الشديدة وساعات الصيام الطويلة، المئات من الجزائريين على اللجوء إلى المساجد لتجنب حرارة الشمس، وقضاء قسط من الراحة والخلود للنوم داخل المساجد، وتحظى بعض المساجد في العاصمة خاصة المجهزة منها بمكيفات هوائية بنصيب الأسد من ظاهرة النوم، حيث يواجه رواد المساجد مع أوان صلاة الظهر عشرات المضطجعين في باحاتها وهم في سبات عميق يصل حد شخير البعض منهم واستلقاء البعض الآخر في وضعيات غير مريحة، تتنافى مع حرمة بيوت الله ورفعها وذكر اسم الله فيها، وفي هذا الصدد يقول "كريم" وهو أحد رواد مساجد العاصمة "إن النوم بالمساجد ظاهرة سلبية ولا تليق بحرمة المكان وتعظيم حرمات الله"، مضيفا أن المسجد مكان للعبادة وينبغي لرواده استحضار هذا الدافع لكي لا يأتوا إليه بدافع آخر كالنوم وغيره" من جهته انتقد "محمد" الذين يرتادون الجامع يوميا للصلاة والنوم، مشيرا إلى أن النوم يجب أن يكون في إطار ضيق وللذين لا يجدون ملجأ أو بديلا، هذا ويتفق رواد المساجد وبعض من ينامون فيه على سلبية الظاهرة وتنافيها مع حرمة المكان، لكنهم يلتمسون العذر لبعض الحالات الخاصة كالعاملين بالأسواق المجاورة للمساجد والعديد من عابري السبيل الذين لا يجدون مفرا من لهيب الشمس الحارقة لقضاء قيلولتهم.

الظاهرة بين التحريم والإباحة

يرى الكثير من الأئمة وشيوخ الإسلام أن النّوم في المساجد أمر لا يجوز شرعا، لا في رمضان ولا في غيره، لان ذلك يحول بيوت الله عن أهدافها الحقيقية ويبرر عدم جواز النوم في المساجد بما يترتب عنه من إزعاج، كالشخير ومس لحرمة وقدسية المكان بكشف عورات بعض النائمين وحدوث الجنابة والتضييق على المصلين وقارئي القرآن، في حين أن هناك من أهل العلم من يرى جواز النوم في المساجد وإنما بشروط، إذ ينبغي لمن أراد النوم في المسجد أن يراعي أمورا منها ألا يعتاد النوم فيه، وأن يجعل ذلك مقصورا على قدر الحاجة خروجا من الخلاف في المسألة، بالإضافة إلى ضرورة أن ألا يكون في نومه أذية للمصلين بأي نوع من أنواع الإيذاء، حيث أن المسجد جعل للصلاة أصلا، وحق المصلين في العبادة مقدم، ومنها ألا ينام على هيئة قد تنكشف فيها عورته أو على هيئة مستهجنة عرفا، بل يجعل نومه في مؤخرة المسجد، ومراعاة الأعراف التي لا تُخالف الشرع من الأمور المعتبرة عند أهل العلم لتبقى ظاهرة النوم بالمساجد أمرا مثيرا للجدل فبين محرم لها وقائل بجوازها مطلقا ومفت بإباحتها بشروط، ويبقى المجال مفتوحا لظهورها مع حلول شهر رمضان من كل سنة.

سارة زموش

من نفس القسم الوطن