الوطن

أحزاب إسلامية ووطنية ستدخل الرئاسيات بوعاء انتخابي مشتت

تعرف انقسامات وخلافات داخلية مما يقلل من حظوظ مرشحيها

 

 

بدأت أحزاب سياسية منذ عودة الرئيس بوتفليقة إلى أرض الوطن بعد رحلة علاجية بفرنسا، في لملمة جراحها وجمع شتاتها علها تحصد بعضا من أصوات قواعدها النضالية المتفرقة عبر أكثر من حزب، فجبهة التحرير صاحبة الوعاء الانتخابي الذي يقارب ثلاثة ملايين، ستدخل الرئاسيات بوعاء مشتت بين عدة أطراف، وحمس ستضطر للتحالف مع الحركات المنشقة عنها لجمع شتاتها، بينما ستظطر جماعة "الفيس المحل" أن تبحث عن وعائها القديم لتملأ به حظوظ مرشح يضمن لها العودة للنشاط السياسي مجددا.

 

هي إذن حالة الشتات في صفوف القواعد النضالية لأهم التشكيلات السياسية في الجزائر، تيار وطني يقوده حزب جبهة التحرير الوطني، وتيار إسلامي يعتقد أن حركة حمس ما بعد نحناح تقوده، ويقف بين التيارين، تيار يدعى بالتيار الديمقراطي أو كما يوصف عند الإسلاميين بالتيار العلماني، تمثله احزاب مثل "جبهة القوى الاشتراكية، التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الحركة الشعبية الجزائرية، حزب العمال، وما شابه ذلك) ولو ببعض الاختلاف في الرؤى، لكن كل هذه الأحزاب على اختلاف توجهاتها، قد تقف في طريقها بعض العوائق التي تقلل من حظوظها إن هي قدمت مترشحا عنها، حيث يطرح قضية الوعاء الانتخابي لكل حزب ومدى كسبه لأصوات الناخبين، مع العلم أن العديد من هذه الاحزاب لا تملك قواعد نضالية ثابتة، بدليل أن الجزائريين، أو معظمهم لا يهتمون بالسياسة حتى وإن تعلق الامر بانتخاب رئيس للجمهورية، وخير دليل هو الامتناع والمقاطعة التي عرفتها الاستحقاقات الاخيرة، فهاجس المقاطعة تتخوف منه السلطة أكثر من الأحزاب، لكن الامر لا يخص الناخبين العاديين، بل له علاقة بالوعاء الانتخابي لكل حزب. فحزب جبهة التحرير الوطني مثلا كان لديه حوالي ثلاثة ملايين أصوات تضمنها في كل استحقاق، من مناضلين بالحزب، ومجاهدين، ومن دار في فلكهم، لكن لا يبدو أن مناضلي الافلان في وضعه الحالي، قد يضمنون له تحقيق مكاسب في الرئاسيات إن هو قدم مرشحا عنه يعارض مرشح السلطة، فالأكيد أن وعاء الحزب العتيد القديم ليس نفسه الآن، فالحزب مقسم إلى ثلاثة أو اربع اجزاء من تقويمية، ومركزية، وأنصار بلخاجم، ثم انصار بلعايط ثم الوزراء والنواب وما إلى ذلك. والوضع، أن لكل طرف اتباعه يدينون بالولاء له، ويسعون لحشد الدعم إن هو ترشح، لكن ليس مضونا لبلخادم الحصول على أصوات ثلاث ملايين المتفرقة بين عبادة، بلعايط، بومهدي، وبن فليس، وحمروش وغيرهم، إذن فالأفلان يكون قد فقد وعاء انتخابيا كان دوما بمثابة صمام أمان، نفس الأمر تعيشه حركة حمس التي تأسست على يد الراحل محفوظ نحناح، هي الآن ليست كما كانت، ولا وعاءها الانتخابي هو نفسه، فلو فرضنا، أنه كان لها حوالي مليوني صوت انتخابي من محبيها ومناضليها، لن يكون هذا الحجم متوفرا لها إن هي قدمت مرشحا عنها في الرئاسيات، بدليل أن هذا الوعاء تملئه القواعد النضالية، والمعروف أن الحركة عرفت عدة انقسامات وصلت إلى خروج ثلاث تشكيلات سياسية من رحمها، وهي كل من حركة التغيير، تجمع أمل الجزائر، وحركة البناء الوطني، وكل طرف أخذ شطرا من هذا الوعاء، مما افرغ الحركة أو قلل من حجم قواعدها النضالية، فجزء ذهب مع مناصرة، وآخر مع غول، ثم البقية مع بلمهدي، ولا تزال سبل تحقيق الوحدة جارية بين حمس والتغيير، لكنها وإن تحققت فلن يعيد لحمس رصيدها الانتخابي، خاصة إن عرف أن احتمال عودة غول إلى الصف ضئيل جدا. ومع كل هذا، فالوحدة بين الإسلاميين لكسب وعاء انتخابي كبير قد لا تتحقق، فلا جاب الله (العدالة والتنمية) يمشي معهم في دعواهم لوحدة الصف الإسلامي، ولا جرافة سيكون معهم بدليل أنه يعمل على طرح مبادرته الخاصة للخروج بمرشح من خارج التيار الاسلامي. وفوق كل هذا، يأتي دور وعاء (جبهة الانقاذ المحلة) أو الفيس (المحل) الذي يعرف عنه أنه برغم ما حدث، إلا أنه يمكن جمعه مجددا، فشيوخه لا يزالون يقدمون المبادرات لجمع صف الإسلاميين مثلما يحاول الهاشمي سحنوني، ومدني مزراق، والآخرون، ووعاء الفيس (المحل) الانتخابي لا يستهوي الاسلاميين فقط، بل حتى التيار الوطني، قد يحاول استمالته إليه بتقديم مشروع يعيدهم إلى الواجهة والنشاط السياسي، وهذا طموح شيوخ (الفيس)، لكن هل سيتمكن الوطنيون، والاسلاميون من ذلك، إن قدمت السلطة مرشحا يمكنه تقديم ضمانات لهؤلاء؟ 

هذا الرهان قد يكون دخوله صعبا في ظل الانقسام، وإن طال هذا الحال، فالأكيد أن مرشح السلطة سيكون له الحظ الأوفر في جلب أكبر عدد ممكن من الأصوات، إن لم تتحد المعارضة وتقدم مرشحا يمكنه منافسة مرشح (النظام).

مصطفى. ح

من نفس القسم الوطن