الوطن
إرادة الشعوب من إرادة الله وهي إرادة لا تقهر ولا تغلب
الأمين العام لمنتدى البرلمانيين الإسلاميين في حوار مع "الرائد"
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 15 جولية 2013
ندد أمين عام البرلمانيين الإسلاميين نصر الدين سالم شريف بشدة بما حدث في مصر من إطاحة بالرئيس محمد مرسي واعتبر هذا خرقا للديمقراطية بكل أشكالها وتدبيرا مخططا له من قبل أيادٍّ داخلية وخارجية، وقال إن الباطل لا يمكنه أن يتغلب على الحق مدى الحياة، وردّ على التيارات اليسارية والتروتسكية التي ربطت واقع الإخوان في مصر بواقع الأحزاب اإبسلامية الجزائرية التي قالت إنه لا حظوظ لها في الانتخابات الرئاسية المقبلة، بقوله إن الأحزاب الإسلامية القائمة على أساس متين لا يهمها الانتصار في جولة انتخابية وإنما يهمها الانتصار في الجولة الحضارية التي تقاس بالعقول.
ما موقف منتدى البرلمانيين فيما حدث في مصر من انقلاب على الرئيس مرسي؟
إن المنتدى العالمي للبرلمانيين الإسلاميين، انطلاقا من مبادئه وأهدافه القائمة على دعم الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي والقائمة على ضرورة وجوب تجاوز مرحلة الأحادية والديكتاتورية التي شلت العالم العربي الاسلامي، خاصة هذا التجاوز الذي يدوس احترام خيارات الشعوب، وانطلاقا من هذا وانسجاما مع تطلعات الشعوب العربية والإسلامية عموما والشعب المصري خصوصا، أدان المنتدى خلال الايام السابقة في عدة مواقف الانقلاب الذي حصل في مصر على الرئيس الشرعي مرسي، ونرفض بشدة التعدي على الشرعية الشعبية القائمة على الاختيار الحر، ويعتقد بأن الأمة العربية والاسلامية وشعوبها لا يمكن ان تنهض مرة جديدة إلا عبر صندوق الاقتراع واحترام نتائج هذا الصندوق وعبر الديمقراطية وأخذ الديمقراطية بكل قواعدها وأسسها (وليس بشكل انتقائي) وعبر قبول النخب لبعضها البعض والخروج من الصراع الايديولوجي الذي لمسناه من مجموعة من اليساريين المتغردين الذين يرفضون التيار الاسلامي ومستعدون للتحالف مع الشيطان من أجل إثبات ديكتاتورية بما يتنافى مع أبسط طروحاتهم التي طالما تغنوا بها في الساحة خلال هذه السنوات الأخيرة.
هناك من قال إن الجيش العسكري أطاح بمرسي نزولا عند رغبة الشعب؟ ما ردكم على هذا الطرح؟
هذا طرح استغفالي وتبسيطي لمن يقرؤون العناوين ولا يقرؤون ما بين السطور ويتابعون المظاهر ولا يعرفون الخفايا، ذلك التحرك الذي سمي (تحرك شعبي) كان تحركا مدفوع الأجر وحشد وراءه قوة خفية داخلية وخارجية عبرت عنها ملايير الدولارات التي دفعت، وقرأنا ذلك جميعا في وسائل الإعلام والذي عبر عنه ذلك الحشد الذي قامت به بعض النخب الاعلامية خلال سنة كاملة من التكذيب والدعاية، ومع هذا ما وجدنا قناة أغلقت ولا صحيفة منعت، ولكن الذين جاؤوا بهذا الانقلاب وجدناهم أغلقوا ما يقارب عشرين قناة وجريدة في يوم واحد قبل أن تعبر عن رأيها، فمثل هذه الأعمال المشينة هل ينتظر منها خير، ومثل هذا الباطل لا ينتج عنه إلا الباطل.
وللأسف الشديد، إن بعض من يحكمون العالم العربي والعالم الاسلامي يحكمونه بديكتاتورية ولكن باسم الشعب، يحكمونه بالظلم، ولكن باسم الشعب عاشت دول كثيرة عشرات السنين بدون برلمان، ولكن باسم الشعب، بدون انتخابات، ولكن باسم الشعب، في ظل الأحادية ولكن باسم الشعب، حتى رفعوا شعارا قالوا فيه لا حرية لأعداء الحرية، وكأن هناك فئة للحرية وهناك فئة للديمقراطية. إن الشعوب لا تضرها الحرية ولا تضرها الديمقراطية ولا تضرها الشرعية ولا التعديدية، لكن يضرها تجاوز إرادتها ويضرها الدوس على الدستور والدوس على القوانين والدوس على الثوابت والقيم، هذا الذي أعتقد أن مصر تعيشه وقد تعيشه الدول العربية والاسلامية لا قدر الله عقودا من الزمن إذا فشلت مثل هذه التجارب الرائدة التي تحتاج الى دعم وتحتاج الى رعاية وتحتاج الى ترشيد وإلى نصح، وتحتاج الى معارضة ومعارضة إيجابية، وتحتاج الى نقد ونقد بناء، تحتاج الى كل معاني المعارضة السلمية، وأن المخالفة عن طريق القوة وعن طريق إسقاط الشرعية أعتقد أن هذا لا يأتي منه خير على الإطلاق.
هل فعلا هناك تدخل أمريكي في الشؤون الداخلية المصرية؟
قبل الحرب العالمية الثانية قال شاعرنا العربي: وخلف كل دسيسة إنجلترا، فاليوم نقول خلف كل دسيسة أمريكا، أكيد تتحرك هذه الأخيرة لمصالحها، لأن هناك في عالمنا العربي والإسلامي من يريدها أن تتحرك، إما حفاظا على كرسيه أو حفاظا على مصالحه أو خيانة فكرية وإيديولوجية وما الى ذلك من الاسباب والأمور، المسألة ليست دقيقة، عبارة عن مظاهرة أو اعتصام في ميدان من الميادين، وإنما هي مؤامرة متشابكة معقدة، والواضح أن العالم كله هلل لها وأيدها في أغلب الدول، وما يقابل هذه المعادلة وقوف الأحرار في العالم الى جانب الرئيس المصري وإلى جانب الشرعية المنتخبة، ولا أعتقد أننا ننتظر الكثير من أمريكا ولا من غير أمريكا، وإنما الذين يصنعون المستقبل هم الأحرار الذين يؤمنون بحرية شعوبهم ويؤمنون بأن مستقبل هذه الدول العربية والشعوب العربية في أن تكون خياراتها ديمقراطية ونابعة من ذاتها ومن إرادتها ومن تاريخها وحضارتها، وهذا الذي أكيد لا تقبله إسرائيل ولا تقبله أيادي الصهيونية الممتدة عبر عواصم وعبر مصالح تارة سياسية وتارة اقتصادية، وأكيد أن هناك موضوعا إيديولوجيا يعيدنا الى دوائر الصراع القديمة مع الغرب التي نريد أن نخرج منها الى دائرة الحوار والتعاون والتكامل، وهذا لن يكن إلا عبر الاختيار الديمقراطي الحر لشعوبنا العربية والاسلامية، اختيار حكامها وممثليها ومسؤوليها ومؤسساتها.
ممكن يكون مصير مرسي مثل مصير تشافيز، الذي رجع الى الحكم بعد الانقلاب الذي حدث ضده؟
إرادة الشعوب من إرادة الله وهي إرادة لا تقهر ولا تغلب، الشعوب إذا أرادت أن تغير الواقع، فإنها ستغيره، والباطل لا يمكن أن يتغلب على الحق، قد يتغلب عليه في جولة وقد يتغلب عليه في ظرف، لكن مستقبل أمتنا في ذاتيتها، في هويتها وفي حضارتها ومقوماتها، فإذا انطلقنا من منطلق الإيمان، فهذه بالنسبة إلينا مسلمة، وإذا انطلقنا من منطلق الواقع، فإن أمتنا تستغرق وقتا قد يصل الى سبعين سنة حتى تقارع الدول الكبرى، وبالتالي على الشعب المصري أن يحرص حرصا شديدا على الحرية والديمقراطية وعلى التداول السلمي على السلطة.
هناك تيارات يسارية تقول إن ما يحدث في مصر وتونس ضد الإخوان المسلمين يسقط حظوظ الأحزاب الإسلامية الجزائرية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ما ردك على هذا الطرح؟
أعتقد بأن الانتخابات تخضع الى مدى تأثير أي حزب من الاحزاب في المجتمع وفي الشعب والى أي مدى عمله في الميدان والى أي مدى استطاع أن يجند المناضلين والمواطنين من شباب وشابات والى أي مدى استطاع ان يصل الى أعضاء المجتمع، هذا هو الأساس، ليس عبارة عن موجة تأتي، بمعنى أنه ليس إذا حدث امتداد في تيار ما في جهة أخرى، معناه أننا نمتد أو إذا حدث تراجع في منطقة نتراجع، الذي يبني وطنا أو بيتا يبنيه على أساس احترام المقاييس والمعايير حتى لا تهزه الرياح حيث ما أتت، أعتقد أن التيار الإسلامي الحقيقي الوطني المعتدل هو الذي يمثل ضمير الأمة وروحها، وبالتالي يمثل حاضر ومستقبل الأمة، ليس بالضرورة انتصار في جولة انتخابية وإنما الانتصار في الجولة الحضارية التي تقاس بالعقول.
حاورته نبيلة مقبل