الثقافي

الإعلامي عبد القادر دريدي يناقش رسالة ماجستير حول المادة الفيلمية في الثورة الليبية

الدراسة ستشارك في مسابقة الإبداع

 

 

ناقش الاعلامي والطالب عبد القادر دريدي يوم الأربعاء الماضي بالمدرسة العليا للصحافة في بن عكنون، رسالة ماجستير تخصص وسائل الاعلام والمجتمع بعنوان  "مصادر المادة الفيلمية المعتمدة في تغطية الأحداث في ليبيا خلال الفترة ما بين مارس إلى ماي 2011: دراسة مقارنة بين قناتي " France 24 " و" Medi 1 TV" التلفزيونيتين.

 

وتكونت اللجنة العلمية من الدكتور أحسن جاب الله رئيسا والدكتورة منيرة بن نصيب مناقشة والبروفيسور بلقاسم مصطفاوي مؤطرا. وتعد هذه الدراسة التي قام بها عبد القادر دريدي، أول بحث علمي على المستوى العربي يتخصص بشكل كامل في المصادر السمعية البصرية المعتمدة في تغطية أحداث ما يسمى إعلاميا بـ"الربيع العربي" حيث أن معظم البحوث الإعلامية تعكف على تحليل مضمون الرسائل الإعلامية دون أن تركز على المصدر الذي له تأثير بالغ سواء على هذا المضمون أو على الأداء الإعلامي للوسيلة في حد ذاتها. وعكف الباحث على دراسة الأحداث التي عرفتها ليبيا لأنها شكلت منعرجا خطيرا في مسار ما يسمى إعلاميا "بالربيع العربي" وتميزت عن سابقاتها في تونس ومصر بتصاعد حدة أعمال العنف لتصل إلى مستوى حرب حقيقية بتدخل حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وعليه فإن مثل عذه الأوضاع تشكل امتحانا حقيقيا لمعرفة مدى قدرة الوسيلة الإعلامية على الحصول على المعلومة وإنتاج الخبر بشكل ذاتي. وانطلق الباحث من اشكالية البحث عن مصادر المادة الفيلمية التي اعتمدت عليها كل من قناتي "فرانس 24" و"ميدي 1 تيفي" الفضائيتين في بناء نشراتها الإخبارية لتغطية الأحداث في ليبيا؟ وهل تؤثر طبيعة المصادر وأنواعها على الآداء المهنى للقناتين؟ وتتناول هذه الإشكالية صلب الجدل القائم حول مصداقية وسائل الإعلام لاسيما القنوات التلفزيونية في نقل الأحداث ما يسمى إعلاميا "بالربيع العربي" خاصة في ليبيا نظرا لتدخل قوى أجنبية بشكل عسكري في هذا الصراع حيث ساد اعتبار على أن الفضائيات أثبتت وجودها وأصبحت مصدرا للخبر وانها كسرت حاجز العنف والحرب للوصول إلى المعلومة وتوثيقها من خلال التصوير في حين اعتبر البعض الآخر أن ما تبثه هذه القنوات ليس الحدث في حد ذاته وإنما ما هو متوفر عن الحدث، وما يتوافق مع الجهات المالكة للمعلومة (المصادر) وهذا ما يتعارض كليا وأخلاقيات مهنة الصحافة وكذلك الحيادية التي يفترض أن توسم الخبر وتعتبر كواحدة من أهم صفاته. أما من الناحية المنهجية فقد قام الباحث بدراسة مصادر المواد الفليمية (المصادر السمعية البصرية) التي تم من خلالها بناء النشرات الإخبارية التي بثتها قناتا "فرانس 24 " و"مدي 1 تيفي" التلفزيونيتان حيث بلغ عدد أفراد المجتمع الكلي للدراسة 184 نشرة أخبار في القناتين مجتمعتين وتم اختيار مفردات العينة بشكل (طبقي عشوائي) ليخلص إلى 30 مفردة لكل قناة أي 60 مفردة للقناتين معا، وهي المفردات القابلة للدراسة والممثلة لمجتمع البحث بشكل علمى. وبعد ترميز وتقطيع العينات من حيث نوع المصدر وطبيعة المصدر والنوع الصحفي الذي استغل من خلاله والحيز الزمني الذي شغله قمنا بتدوين النتائج الكمية واستخلاص النتائج لكل قناة ومقارنتها على نفس الأسس. واستخلص الباحث في الأخير النتيجة وهي أن قناة فرانس 24 حققت توازنا ملحوظا بين المصادر الداخلية (مراسل خاص، محلل سياسي، صور حصرية، ربط عبر الساتل، اتصال عبر الهاتف) -49% - والمصادر الخارجية (وكالات انباء فيلمية، شبكات إعلامية، فيديوهات مجهولة المصدر، قنوات تلفزيونية أخرى) – 51% -، بينما طغت المصادر الخارجية على مصادر الأفلام التي غطت من خلالها ميدي1تيفي الأحداث في ليبيا، حيث اعتمدت هذه الاخيرة على أكثر من 90% من أفلامها على مصادر خارجية مقابل 8 % من المصادر الداخلية. ومنم النتائج التي وصل اليها الباحث كذلك أن معظم المصادر الخارجية لكلا القناتين كانت أمريكية، بريطانية، فرنسية أو شبكات إعلامية تعمل لصالح (ثوار ليبيا) وهذا ما يعني أن هذه المصادر السمعية البصرية شكلت طرفا من أطراف الصراع وعملت في إطار الدعاية الحربية له. وذهب الباحث إلى أن أثر هذا اللاتوازن الموجود عند قناة ميدي 1 تيفي على أدائها الإعلامي حيث استعملت القناة بشكل كبير التقارير الإخبارية وأنواع الـoff (صور قصيرة المدة بتعليق مقدم النشرة) نظرا لنقص المادة الفيلمية، بينما غابت المراسلات الصحفية والمقابلات والاتصالات على المباشر وعليه فان ميدي 1 تيفي لم تشكل مصدرا للأخبار وجاء أداؤها باهتا. بالمقابل وظفت فرانس 24 كل الأنواع الصحفية المعروفة في العمل التلفزيوني الاخباري من تقارير وoff ومراسلات على المباشر وعبر الساتل ومقابلات على البلاطو وعبر الساتل وكذلك مقتطفات من حصص وغيرها، وهذا يعود إلى ما رصدته من إمكانات للحصول على الأخبار المصورة حيث أنشأت لها مكتبا في ليبيا يقوم بمتابعة الحدث وانجاز التقارير من داخل البلاد والحصول على صور حصرية فضلا عن التقارير المعدة في داخل مقر القناة بباريس. بناء على نتائج الدراسة توصل الباحث الى أنه يمكن القول إن قناة فرانس24 كانت أكثر مهنية في تغطيتها للأحداث الليبية (بغض النظر عن اتجاهها السياسي حيال الأحداث) من حيث عدم اعتمادها على الأفلام الخبرية التي توردها المصادر الخارجية مثل وكالات الانباء المصورة والشبكات العالمية وغيرها من المصادر التي تحاول فرض وجهة نظرها حيال الاحداث عن طريق اختيار زوايا التصوير ولقطاته بشكل يتوافق مع الخط السياسي الذي يقوم عليه المصدر خاصة إذا علمنا أن الأغلبية الساحقة من المصادر الخارجية تابعة لشركات وقنوات أمريكية ذات علاقة مع الحرب ضد ليبيا، وعليه فإنه من مهام هذه الوسائل الإعلامية مساندة الجانب العسكرى المتمثل في حلف شمال الأطلسي (الناتو) وتبرير ممارساته في ليبيا وهذا ما يقف ضد المهنية الإعلامية النظرية التي تشترط الحياد في نقل المعلومة وان لا تعمل الوسيلة الإعلامية لصالح جانب ضد آخر في أى قضية كانت. كما تؤكد النتائج تواضع الأداء الإعلامي التلفزيوني المغاربي الناطق باللغة العربية مقارنة مع الإعلام الأجنبي الناطق بنفس اللغة حتى فيما يتعلق بأحداث تجرى في المنطقة المغاربية وهذا ما يدفعنا إلى العمل على تطوير الإعلام التلفزيوني الجزائري حتى لا يقع في نفس الأخطاء. وفي الأخير منحت اللجنة علامة 16 ونصف وهي اعلى علامة لحد الآن في تخصص وسائل الاعلام والمجتمع. للتذكير سيشارك الباحث بهذه الدراسة في مسابقة الإبداع العربي فرع الإبداع الإعلامي في طبعتها السابعة 2013 والمنظمة من طرف مؤسسة الفكر العربي وسيتم كشف النتائج في جويلية المقبل.

فيصل.ش

من نفس القسم الثقافي