الوطن

"لا يمكن للأفلان طرح قضية الرئاسيات وبوتفليقة موجود"

مسؤول التنظيم والقيادي بالحزب العياشي دعدوعة في حوار مع "الرائد":

 

الأمور بدأت تنفرج بين أعضاء اللجنة المركزية 

من لديه دليل على تورط مناضلين داخل الأفلان في قضايا فساد فليقدمه للعدالة

لست مع إلغاء الترشيحات لتجديد هياكل البرلمان وتعويضها بالتعيين 

لا يوجد مانع لا قانوني ولا أخلاقي يقف أمام ترشح بلخادم على رأس الحزب

 

قرابة الخمسة أشهر تمر على شغور منصب الأمين العام بالأفلان، والصراع داخل الحزب لم يحسم بعد، بدليل أنه وإلى غاية الآن لم يتم تحديد موعد لعقد دورة للجنة المركزية بالرغم من الجهود التي تبذل هنا وهناك للخروج من الأزمة وتوحيد الأجنحة المتعارضة، وفي هذا الصدد أكد القيادي البارز بحزب جبهة التحرير الوطني ومسؤول التنظيم حاليا العياشي دعدوعة في هذا الحوار الذي خص به "الرائد" ، أن ما يعرفه الأفلان في هذه الفترة أمر عابر فالحزب العتيد كما قال دعدوعة قادر على تسيير أي أزمة مهما كانت حدتها، وعن تأخر عقد دورة للجنة المركزية أكد دعدوعة أنه لا يجب تقييد الدورة بتوقيت محدد، كما أنه يجب إخضاع الوقت للهدف المنشود وهو العودة بالحزب إلى الاستقرار والهدوء، كما عرج دعدوعة في حديثه إلى الأخبار المتداولة عن إمكانية عودة بلخادم لقيادة الأفلان مؤكدا انه لا يوجد لا مانع قانوني ولا نظامي ولا أخلاقي يقف أمام ترشح بلخادم على رأس الحزب، وعن موضوع الرئاسيات والأوضاع التي تشهدها الساحة السياسية قال دعدوعة إن الرئاسيات التي ستكون في موعدها خير دليل على أن مؤسسات الدولة لا تزال قائمة، مضيفا أنه لا يمكن طرح مرشح الأفلان للرئاسيات بوجود بوتفليقة وأنه في حالة عدم ترشح هذا الأخير لعهدة رابعة سيكون لكل حادث حديث.

 

برأيكم وبصفتكم قياديا في الأفلان، ما الذي يمنع في الوقت الحالي من عقد دورة للجنة المركزية وما هي الأسباب التي أبقت أزمة الأفلان قائمة؟

سؤالكم دليل على ثقل وزن الحزب لدى الرأي العام والذي تعتبر جريدتكم من إحدى المؤسسات الإعلامية التي تهتم بترجمة تساؤلات القراء إلى أرض الواقع، وإذا ما بدأت بالرد على سؤالكم هذا من نهايته، فسأقول إن حزب جبهة التحرير الوطني أكبر مما يقال إنه يعيش أزمة لأن حزبا بحجم الأفلان أثبت قدرته على مدار الستين سنة الماضية على تسيير الأزمات التي تتالت وتعاقبت عليه، بنجاح، أما صدر السؤال الذي يتحدث عن المانع الذي يقف أمام عقد دورة للجنة المركزية في الوقت الحالي فأمر وجيه بالنسبة للسائل الذي يري العامل الزمني له شأن في عقد دورة للجنة المركزية، أما بالنسبة لمن تدار عنده أمور الحزب ويشعر بمدى مسؤوليته عن تسييرها بما يضمن التوفيق والفلاح فإنه ينبغي أن يسعى نحو تحقيق الهدف المنشود، لذا عليه أن يخضع الوقت للهدف وليس العكس بمعنى أنه يعمل على تحديد المعالم ورسم الخريطة التي تمكنه من إخراج الحزب من الحالة التي يعيشها بغض النظر عن التوقيت اللازم لذلك.

منسق المكتب السياسي للأفلان عبد الرحمان بلعياط أكد في العديد من المناسبات أن عقد دورة مركزية في مثل هذه الظروف هو مغامرة، هل هناك محاولات فردية من مناضلي الحزب القدماء من أمثالك لتخفيف التوترات وترطيب الأجواء؟

إن رأي منسق المكتب السياسي عبد الرحمان بلعياط ينطلق من استراتيجية مبنية على أن تمديد الزمن المخول بتلطيف الجو بين الأخوة أعضاء اللجنة المركزية وذلك ما صار يبدو بجلاء عند جل الأعضاء الذين غيبوا أسماء المترشحين من أجنداتهم وأصبح همهم الوحيد عقد دورة للجنة المركزية بفضل قيادات الحزب التي تعمل في هذا الصدد، ما يعتبر دلالة جازمة أن ضمير قيادات الحزب تخطى رغبات الأشخاص الطبيعيين إلى التشبث وبإصرار بالدور الذي يجب أن يقوم به الحزب كعادته في تأطير الساحة السياسية الوطنية المسؤول عليها أكثر من غيره، الأمر الذي يدفع كل قيادات الأفلان للعمل من أجل التعجيل بعقد الدورة للخروج من هذا الكابوس. 

من الأسماء الواردة والمتداولة حاليا لقيادة الأفلان، من تؤيدون لتوليه مهام الأمين العام؟

من السابق لأوانه الحديث عن الأسماء ما دام لا يوجد مجال للترشح حاليا والذي هو اجتماع اللجنة المركزية، حيث أن هذا الأخير هو المخول الوحيد بإعطاء فرصة الترشيح ورسم علامات النجاح، وعليه فإن الحديث عن التأييد المعلن هو سابق لأوانه وحتى الأسماء المتداولة حاليا لم تلق نسبة إجماع كبيرة، برأي موضوع الترشيح والتأييد ينطبق عليه مقولة لكل حادث حديث. 

ألا تعتبرون أن ترشح بلخادم مرة أخرى لقيادة الحزب، سيخلق المزيد من الفوضى ويوصل الأفلان إلى حالة من الانسداد؟

لابأس في نظري أن أوسع الجواب في هذا السؤال إلى أكثر من مقام لأقول إن ترشح عبد العزيز بلخادم لا يقف أمامه أي مانع قانوني ولا نظامي ولا أخلاقي كونه أحد أعضاء اللجنة المركزية، الذين لهم الحق جميعا في الترشح وفي الانتخاب، وليس لأحد في اللجنة المركزية أن يفتي لغيره ما دام غير مؤهل في هذا الميدان الذي تحكمه نصوص وقوانين الحزب، التي هي القاسم المشترك بين أعضاء والتي لا يجوز لأحد أن يخترقها أو أن يجتهد فيها، زد على ذلك أن اعتقادي الراسخ أن ما سيسفر عنه الصندوق في عملية انتخابية سرية ومباشرة ونظيفة سيلقي وراء ظهره ظلالا أي احتقانا أو حقدا أو غلا بين كل طرف وآخر، المطلوب الآن هو الاحتكام للديمقراطية، ومن كانت نتائج الصندوق حليفة له سوف يكون أعضاء اللجنة المركزية حلفاء له بالتأييد سواء بلخادم أو غيره على الأقل إلى غاية انعقاد المؤتمر القادم الذي سيكون له الأمر الفصل في إبراز قيادة جديدة للأفلان.

التقويميون أكدوا مرارا أن الأمين العام للأفلان الجديد يجب أن يكون نظيف الذمة، وبالنظر إلى أن عمر الأزمة قد طال...ألا يوجد في الأفلان من هو بهذه المواصفات؟

من وجهة نظري أن كل أعضاء اللجنة المركزية هم مثل باقي البشر , أنا أرفض استعمال مثل هذه المصطلحات، فإن كان التقويميون يقصدون بنظافة الذمة، وطهارة اليدين هي سلوكات الفساد وعوامل الرشوة وتبديد المال العام التي هي مرفوضة داخل الحزب جملة وتفصيلا، وأظن أن القضاء أولى بهذا وإذا ما ثبتت على أي أحد داخل الأفلان فمسؤوليتنا هي نبذه وعزله وإخراجه من صفوفنا وقوانين الحزب في هذا الشأن موجودة وهي الكفيلة بالإطاحة برؤوس الفساد، أما رمي التهم هكذا جزافا فهو أمر غير معقول وغير مقبول بتاتا.

قضية شغور منصب الأمين العام والعجز عن استخلافه طوال هذه المدة، ألا يفضح ثغرة في كيفية تسيير الحزب ويبرز ضعف في هياكله؟؟

لم تكن المرة الأولى التي يشغر فيها منصب الأمين العام بل هذه المرة كانت أكثر تحصينا إذ أوجد القانون الحل الملائم لشغل حالة الشغور والمتعارف عليه أنه إذا أوجدت قاعدة قانونية تغطي الفراغ فإنه لا يوجد فراغ ولا شغور بصفة مطلقة بخاصة وأن أحكام المادة التاسعة من النظام الداخلي للحزب جاءت مدعمة بقرار اللجنة المركزية بالإجماع في الدورة الأخيرة الذي أكد أحقية تطبيق أحكام المادة المذكورة أعلاه على حالة شغور منصب الامين العام، لذا ففي تقديري أنه إذا ما تدخل القانون في حل مشكلة، فإنه لا يوجد عجز وهو الأمر ذاته الذي ينطبق على الهياكل.

مسألة إلغاء الترشيحات لتجديد هياكل البرلمان، وتعويضها بالتعيين، برأيكم هل ساهم ذلك فعلا في القضاء على منطق الشكارة في الوصول إلى مناصب داخل الغرفة السفلى، أم أنه يكرس أكثر لمنطق التسيير الفردي داخل الحزب؟

إذا ما وضعت نفسي في موقف الحياد الإيجابي فإني أؤسس كلامي على رأي الأغلبية، من أعضاء المجموعة البرلمانية، فلا أكون مع إلغاء عملية انتخاب تجديد الهياكل والتي حملها جل أعضاء المجموعة البرلمانية إلى منسق المكتب السياسي بتشاؤم كبير وبأحكام يندى لها الجبين، وأدى الى تشوه سلامة الأجواء النضالية الانضباطية، أما مسألة تعويض الانتخاب بالتعيين فالأمر ليس بالسهل والإقدام عليها أمر صعب للغاية بناء على أنه إرضاء جميع الأطراف أمر مستحيل بخاصة في مثل هذه الحالة، التي يتساوى فيها الراغبون وغير الراغبين، فالاختيار في التعيين مهما كانت معاييره ومنطلقاته وشروطه، تبقى مطعونا فيها كونها من اجتهاد البشر في الحكم على البشر، ومهما كانت وجهة نظري فهي تبقى عارية إلى حين البت في التعيينات، حيث يرجع الحكم النهائي إلى مدى قبول أعضاء المجموعة البرلمانية بهذه التعيينات ومدى رفضها باعتبارهم المقياس الوحيد للحكم على هذا القرار إن كان صائبا أم مخطئا.

كيف تقيمون طريقة تسيير بلعياط للأفلان في فترة حساسة كهذه؟

بلعياط قالها صراحة "أنا لا أملك الصلاحيات لأسير حزب جبهة التحرير الوطني" هو الآن يحاول أن يعمل لكي لا يصل الحزب الى حالة من الانسداد أو أن يتوقف به العمل السياسي وذلك انطلاقا من قوانين تنظيمية موجودة أصلا.

كيف ترون الانتخابات الرئاسية المقبلة في ظل الأوضاع غير المستقرة التي تعرفها الساحة السياسية؟

لا أدري ماذا تقصدون بالأوضاع غير المستقرة التي تطلقونها على حال الساحة السياسية التي أرى النقيض لها تماما، فإن كان ما جاء في سؤالكم من وصف يعني المطالب السياسية، فإنه لا يوجد مطلب سياسي واحد جاد تدعمه الرغبة الشعبية، وإن كنتم تقصدون المال والأعمال فالجزائر البلد الوحيد الذي قضى على المديونية الخارجية، بل وصل به الحال إلى إقراض صندوق النقد الدولى ويساعد بعض الدول في احتياطي ودائعها، وإن كان الأمر يتعلق بالاحتجاجات والإضرابات على المستوى الاجتماعي، فهي ظواهر صحية تدل دلالة قاطعة على أن المواطن الجزائري موقن أن بلده نفض يديه من أيام البؤس والـتأزم، وأنه يعيش بحبوحة مالية يحسد عليها وفي استقرار أمني غير مسبوق بالرغم من كيد الكائدين وبالرغم من الأجواء المحيطة القريبة منها والبعيدة ما هو على الحدود، وإن كان سؤالكم مرتبطا إعلاميا بما ظهر من ملفات فساد ثقيلة، فالأمر يعود للقضاء الجزائري الذي هو سلطة مستقلة في نظام سياسي يقر بالفصل بين السلطات، إذن فالفصل في مثل هذه القضايا متروك للقضاء والانتخابات الرئاسية المقبلة ستكون حتما في ظروف عادية كالتي كانت من قبلها.

الأفلان إلى غاية الآن لم يطرح قضية الرئاسيات للنقاش لماذا؟ ومن هو مرشحكم الذي ستدخلون به معترك استحقاقات 2014؟

بالنسبة لجبهة التحرير الوطني من السابق لأوانه التحدث عن مرشح لرئاسيات ومرشحها عبد العزيز بوتفليقة الرئيس الشرفي للحزب موجود، إذن فقضية الرئاسيات مفصول فيها لدى حزب جبهة التحرير الوطني ومفصول في المرشح، لكن إن قرر عبد العزيز بوتفليقة عدم الترشح لعهدة رابعة ساعتها سيتم الاجتماع من أجل الخروج بمرشح موحد سواء من داخل الحزب أو تزكية مرشح ندخل به الاستحقاقات القادمة، لكن الأهم في كل هذا أن كل الاستحقاقات والمواعيد الانتخابية في الجزائر ومنذ سنة 1999 وإلى يومنا هذا تجري في تواريخها المحددة والمعلومة قانونيا ونظاميا دون تقديم أو تأخير ما يمثل دليلا قاطعا أن مؤسسات الدولة جد مستقرة وتعمل على استمرار وديمومة النظام.

برأيكم الأفلان الذي لم يستطع مناضلوه التوحد من أجل اختيار اسم لقيادة الحزب، هل سيستطيعون الإجماع على شخصية لتقديمها للرئاسيات في حالة عدم ترشح بوتفليقة؟

قضية الرئاسيات قضية أخرى وأمر مختلف يتعلق بالوطن، وأنا متيقن أن قيادات ومناضلي الأفلان لن يختلفوا في أي أمر يتعلق بالجزائر.

مسألة تعديل الدستور..كيف تعلقون على الأصوات التي عارضت هذا الطرح ورفضت صياغة دستور على مقاس أشخاص؟

استهلالا إن الحدث عن تعديل الدستور يجب أن يسوده الاحترام باعتباره النص الأسمى الذي هو القاسم المشترك لكل الجزائريين،لكن أعرف جيدا أن هناك تشاؤما كبيرا حيث تساءل البعض عن الهدف من تعديل الدستور وما الفائدة من ذلك، بل يعتبرون تعديل الدستور دقا لناقوس الخطر في الأمة، فما إن بدأت ملامح تعديل الدستور الجديد تظهر حتى بدأت أقوال مختلفة أحيانا ومتناقضة مرات تدلوا بدلوها في مناهضة تعديل الدستور وكان ذلك ممن يرون أنفسهم ديمقراطيين أكثر من غيرهم، وراحوا ينادون بمجلس تأسيسي، ويعني ذلك برأيي إلغاء جزائر الخمسين سنة وما أنجزته وحققته وكأنهم يريدون أن يكون ميلاد الجزائر السياسي على أيديهم ويبدأ فقط مع طرحهم وذلك ما ينطبق مع خصوم الجزائر ويستجيب لرغباتهم ويخدم أكيدا مصالحهم.

 

 حاورته: سارة زموش

 

من نفس القسم الوطن