الوطن

بوتفليقة بإمكانه إكمال المشوار، لكن لا عهدة رابعة

الخبير في القانون والمحلل السياسي رشيد لوراري لـــــــــ "الرائد":

 

الدولة قائمة بالمؤسسات لا بالأشخاص

المجلس الدستوري لم يؤد مهامه في تفعيل المادة 88 

 

أوضح أستاذ القانون بجامعة الجزائر الدكتور رشيد لوراري استحالة تفعيل المادة 88 من الدستور، خاصة بعد ظهور الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عبر شاشات التلفزيون وهو في تحسن من جهة، ومن جهة أخرى فإن هذا التفعيل من مهام المجلس الدستوري، وهو بدوره تقف أمامه عقبات يستحيل من خلالها تطبيق المادة، كما لم يستبعد لوراري إكمال الرئيس بوتفليقة مشواره العملي إلا أنه منطقيا وعمليا يستحيل ترشحه لعهدة رابعة، كما أكد أن الدولة قائمة بالمؤسسات لا بالأشخاص.

* كثر الحديث على ضرورة تفعيل المادة 88 من الدستور، أتظن أن الوقت ملائم لتفعيلها؟

- الناس الذين يتكلمون على تفعيل هذه المادة أقول لهم، ما هي الآليات وما هي الوسائل القانونية والدستورية التي يمكن اللجوء إليها، امام هذه الصعوبة العملية والتي يتمكن المجلس الدستوري من خلالها التثبت لهذا المانع؟

* ألا شرحت لنا معنى قولك هذا من فضلك؟

- المادة 88 تطرح اشكالا، فهي تتحدث عن حالة المانع الذي يجعل الرئيس في وضع يصعب معه ممارسة مهامه، ولكن لكي نفعّل هذه المادة يجب على المجلس الدستوري أن يتحرك. ونحن لو رجعنا إلى الدستور نجد أن المجلس الدستوري في وضع كهذا لا يستطيع أن يجتمع من تلقاء نفسه، فالمعروف في جميع الحالات أن المجلس الدستوري عندما يجتمع يجب أن يخطر من رئيس الامة أو من رئيس المجلس الوطني أو من رئيس الجمهورية وهذا الاخير مريض لا يستطيع اخطار المجلس، ومن المفروض أن رئيسي غرفة المجلس الشعبي الوطني أو الأمة احدهما يبادر بالإخطار، فالسؤال المطروح في حالة عدم إخطاره، هل المجلس الدستوري يستطيع أن يجتمع من تلقاء نفسه، بالرغم من أن المادة تقول بأنه اذا استحال على رئيس الجمهورية أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن يجتمع المجلس الدستوري "وجوبا"، وبالرغم من وجود هذه الكلمة الاخيرة التي تلزم اجماع المجلس الدستوري، إلا انني شخصيا استبعد أن يجتمع بمبادرة منه أو من تلقاء نفسه للتأكد اولا من حقيقة هذا المانع وتثبيته، رغم أن نفس الفقرة من نفس المادة تقول بأن المجلس الدستوري بإمكانه أن يتثبت من هذا المانع من مختلف الوسائل الملائمة، ثم يقترح على البرلمان تصريح بثبوت المانع، الاشكال كله الذي يدور، هو حول مدى امكانية اجتماع المجلس الدستوري من تلقاء نفسه، زيادة أنه لا يملك الملف الطبي الذي من خلاله يتمكن من التثبت من وجود هذا المانع، خاصة وان رئيس الجمهورية موجود في مؤسسة طبية خارج التراب الوطني، وليس باستطاعته الحصول على هذا الملف الطبي باعتباره سري وشخصي، كما لا يمكنه أن يطلب من هذه المؤسسات باعتبارها أجنبية وتخضع للدولة التابعة لها. 

* كرجل سياسي وقانوني هل تظن أنه بإمكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة استكمال عهدته الحالية؟

- كل واحد منا معرض للمرض ونحن مؤمنون بقضاء الله وقدره، وكنت قد تكلمت فيما سبق أن تفعيل المادة 88 من الدستور سابق لأوانه خاصة وان لدينا تجربة سابقة، ولهذا من خلال الصور التي بثت على شاشة التلفزيون فإن هناك تحسن في صحة الرئيس، وبما أنني لست خبيرا طبيا، ولكن حسب رأيي فإن وضعيته الصحية في تحسن وتمكنه من استكمال عهدته الانتخابية اذا لم تقع انتكاسة اخرى، فحسب ما يرى الاطباء فإن الجلطة التي تعرض لها الرئيس يستطيع صاحبها أن يتماثل للشفاء بدرجات كما يمكن لها أن تتكرر، كما يمكن أن لا يتعافى صاحبها مئة بالمئة، يعني أنه طبيا يصعب التكهن ولذلك أنا كسياسي أؤمن بقضاء الله وقدره أستطيع القول إن الرئيس بإمكانه أن يتعافى بطريقة تسمح له باستكمال عهدته الانتخابية وهذا ما نتمناه له.

* وإذا تعافى كليا أتظن أنه بإمكانه الترشح من جديد في الانتخابات المقبلة؟

- أنا أظن أن الرئيس لا يفكر في الترشح لعهدة رابعة، ولا جهة اخرى تفكر في ذلك، أعتقد بأن العهدة الرابعة اصبحت مفصولا فيها، لا عهدة رابعة حسب المنطق، اما استكمال العهدة فهذا شيء ثانٍ، ولا أقول الترشح لعهدة رابعة مستحيل، ولكن منطقيا وموضوعيا وعمليا اصبح مستبعدا. 

* الكثير يتساءل عمن يسيّر البلاد حاليا، أي بغياب رئيسها، ماذا تقول في هذا الصدد أستاذ؟

- عندما تكون المؤسسات الدستورية والقانونية موجودة فإن هذا لا يؤثر على تسيير البلاد، لهذا كنا نؤكد دائما على ضرورة بناء مؤسسات الدولة، فالدولة قائمة على المؤسسات وليست على الأشخاص، لأنه عندما تكون الدولة قائمة على المؤسسات فهذه المؤسسات مستمرة بالزمان والمكان، وحقيقة الأشخاص ربما يتركون الطابع الخاص والمميز على هذه المؤسسات، وهذه الاخيرة تبقى تسير بنصوصها وبإطاراتها، وما أظن أن الهيآت التشريعية موجودة ومن يمنعها من القيام بمهامها، والهيئة التنفيذية مادام الوزير الأول موجود، فصحيح أن المشكل مطروح في بعض النصوص وبعض القرارات، التي يحب أن تتخذ على مستوى مجلس الوزارة، وهذا يطرح من الناحية القانونية والدستورية اشكالا يؤثر، ولكن ليس بدرجة تؤدي إلى تجميد هذه المؤسسات، والدليل على ذلك هناك ترتيبات لعقد مجلس الوزراء مباشرة بعد عودة الرئيس، اذن لما تكون المؤسسة قائمة على أسس فغياب الرئيس يؤثر بصفة محدودة ولكن ليس لدرجة تجميد كل المؤسسات وتوقيف كل المصالح.

 

 

حاورته: نبيلة مقبل 

من نفس القسم الوطن