الوطن

هزّة جديدة في علاقة واشنطن بالرباط

التغييرات في فريق الأمن القومي والسياسة الخارجية الأمريكية

 

 

قال الدكتور سمير بنيس المستشار السياسي في الأمم المتحدة والخبير في قضية الصحراء بأن "المغاربة داهمهم خبر غير سار يتمثل في قيام الرئيس الأمريكي باراك أوباما بتعيين سوزان رايس مستشارته للأمن القومي خلفاً لطوم دونيلون." وأضاف بنيس في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية المغربية: "ما قد يزيد الطين بلة بالنسبة للمغرب هو تعيين السيدة سامانثا باور سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، فكل المتتبعين للشأن الأمريكي ولمسار هاتين الدبلوماسيتين يعلم مدى الأهمية التي يوليانها لمسألة حقوق الإنسان".

وكانت الإدارة الأمريكية، قد أعلنت عن تعيين سوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في الأمم المتحدة مستشارة للرئيس باراك أوباما لشؤون الأمن القومي، وذلك بعد استقالة طوم دونيلون من هذا المنصب، كما أعلن عن ترشيح سامانثا باور، المسؤولة بمجلس الأمن القومي، لمنصب سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بالأمم المتحدة.

وأضاف بنيس :"الكل يتذكر الدور الكبير الذي لعبته سوزان رايس في تقديم مشروع اقتراح لمجلس الأمن من أجل توسيع صلاحيات بعثة المينورسو في الصحراء، وجعلها تضطلع بمهمة مراقبة حقوق الإنسان، ولم تكن الولايات المتحدة لتقوم بخطوة من هذا القبيل لولا تواجد مسؤولين يجعلون من هذه المسألة إحدى أعمدة السياسة الخارجية الأمريكية".

وذهب بنيس إلى أن "الذي يبعث المتتبع للقول بأن هذا التعيين لا يلعب في مصلحة المغرب، هو الدور المحوري الذي يلعبه مستشار الأمن القومي في تحديد محاور وأهداف السياسة الخارجية الأمريكية، فمن الآن فصاعداً سيكون على المغرب التعامل مع إدارة أمريكية تتعاطف إلى حد ما مع البوليساريو، وقريبة من أحد الداعمين البارزين له، ألا وهي كيري كينيدي". ومعلوم أن مؤسسة روبرت كينيدي، التي ترأسها كيري، سبق أن انتقدت وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية من خلال تقرير نشرته بعد زيارة قامت بها إلى المنطقة.

وبهذه التعيينات سيكتمل الفريق المشرف على ملفات السياسة الخارجية والأمن القومي الأمريكي، مشكلا من جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي،سوزان رايس، مستشارة للأمن القومي، وسامانتا باور، سفيرة لواشنطن في الأمم المتحدة، ومن القواسم المشتركة بين الثلاثة كونهم يعيرون أهمية كبيرة لمسألة حقوق الإنسان، وستكون مقاربتهم لملف الصحراء الغربية قائمة بشكل كبير على موضوع حقوق الانسان.

علما أن كيري ورايس وقفا بشكل حاسم خلف مشروع القرار الأمريكي الذي كان سيعرض على مجلس الأمن في افريل الماضي والقاضي بتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة وضعية حقوق الانسان في المناطق الصحراوية، ورغم أن المشروع عدل في اللحظة الأخيرة ولم يشتمل على هذه التوصية، فإن مجرد التفكير فيه اعتبر ضربة قوية للعلاقات المغربية الأمريكية.

ويمكن ارجاع مشروع القرار الأمريكي، الذي تم التراجع عنه، الى عدة أسباب منها خروج وزيرة الخارجية الأمريكية "هيلاري كلينتون التي كانت لها علاقات خاصة مع المغرب، وتعويضها بجون كيري، الذي سبق وساهم عام 2001 ضمن وفد من البرلمانيين الأمريكيين في تقديم وثيقة تحث على إجراء استفتاء لتقرير المصير في الصحراء، والذي يصنف كأحد دعاة تغيير السياسة الأمريكية تجاه منطقة شمال افريقيا، ووجود رايس في الأمم المتحدة، اضافة الى العامل الحاسم المتمثل في التطورات الكبيرة في منطقة الساحل والصحراء والحرب الدائرة في مالي. 

وقد حاول المغرب الرد على المشروع الأمريكي حينها، عبر إجراءات اتخذها على غرار الاعلان عن تأجيل المناورات العسكرية السنوية المشتركة مع الولايات المتحدة، أو الزيارات المفاجئة لمسؤولين مغاربة الى الصين وروسيا، لكن يبدو أنه لم يكن لها تأثير كبير في تغيير الموقف الأمريكي.

ورغم أن المغرب حاول أن يصور التراجع الأمريكي حينها بأنه "نصر ديبلوماسي" على البوليساريو والجزائر، فإن التغييرات الكبيرة على رأس الفريق المسير للسياسة الخارجية الأمريكية، يدفع للقول بأن التراجع الأمريكي في افريل لم يكن أكثر من "فترة سماح" ستنتهي قريبا وعلى المغرب اسغلالها لتبييض ملفه بخصوص حقوق الانسان في الصحراء الغربية.

محمد أمير

من نفس القسم الوطن