الوطن

مشاريع كبرى بلا دراسات وبرلمان لا يراقب الحكومة

معهد أمريكي يشرح أسباب النمو الاقتصادي المتعثر في الجزائر ويكشف:

 

عدد معهد أمريكي أسباب تعثر النمو الاقتصادي في الجزائر خلال السنوات الست الماضية رغم المستوى المرتفع من الإنفاق العام، فيما عزا ذلك الى استشراء الفساد وضعف آليات تخطيط المشاريع العامة وتنفيذها، منتقدا غياب الشفافية في الموازنة العامة.

وعاد آخر تقرير حول الجزائر لمعهد كارنيجي للسلام الى اتّهامات عن دفع شركات أجنبية رِشى ضخمة إلى شخصيات سياسية وموظفين من ذوي المراكز الرفيعة لضمان الحصول على العقود، وهذا ما حصل مع مشروع بناء الطريق السريع «شرق - غرب» الذي يربط بين شرق البلاد وغربها، وهو مشروع بكلفة 12 بليون دولار يمتد على مسافة 755 كيلومتراً. كما أشار الى تفجير فضيحة فساد أخرى في 2010 شملت شركة "سوناطراك" وما خلفه من تجميد كل العقود التي وقّعتها بين ديسمبر 2009 وفيفري 2010، بسبب الاشتباه بوجود احتيال وغش. وصولا التقرير الذي حمل عنوان "الفساد وغياب التخطيط يقوضان النمو الاقتصادي في الجزائر" الى فضيحة تتعلق بـ "سوناطراك" في 2013. وانطلاقا من هاته الفضائح، عرج كارنيجي الى عضوية الجزائر في اتفاق الأمم المتحدة لمكافحة الفساد منذ 2004 على رغم من بعض التحفّظات، واعتمدها قانوناً للوقاية من الفساد في 2006. وفي العام ذاته، أنشئت اللجنة الوطنية لمكافحة الفساد، ومع ذلك، لم يتم تعيين أعضاء اللجنة السبعة حتى 2010، موضحا المصدر ذاته أنها لم تحقّق أية نتائج حتى الآن، فمعظم الالتزامات في مجال مكافحة الفساد بقيت فارغة ولم تتلقَّ الدعم الضروري من الدولة. 

وفي سياق ذي صلة، انتقد التقرير عدم وجود الشفافية في الموازنة العامة مستندا الى استطلاع "مبادرة الموازنة المفتوحة" لعام 2010، والذي يقوّم مقدار منح الحكومات شعوبها حرية الوصول إلى المعلومات الخاصة بالموازنة، وحصلت الجزائر على درجة من أصل 100، وكان متوسط الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 23 درجة. كما اشارت الى نصّ الدستور الجزائري على أن يراقب البرلمان موازنة الحكومة، ومع ذلك، سُنّت في العقود الثلاثة الأخيرة قوانين الموازنة من دون أن تخضع للتدقيق البرلماني.

ويعتبَر مجلس المحاسبة الجزائري هو المسؤول عن تدقيق موازنة الحكومة والحسابات المالية للشركات المملوكة للدولة وتقديم تقرير سنوي إلى رئيس الجمهورية. ومع ذلك، نادراً ما تكتمل عملية التدقيق في الواقع، ونادراً ما تُنشر تقارير المراجعة. ولا يفتش المجلس سجلات الضرائب الخاصة بالنفط والغاز.

كما أرجع المعهد الأمريكي الذي يصدر تقارير شهرية عن الوضع السياسي والاقتصادي للجزائر ضعف النمو الاقتصادي أيضاً إلى طبيعة الإطار المؤسساتي لتوجيه الاستثمار، إذ لا تخضع مشاريع كثيرة إلى أية دراسات جدوى للكلفة والعائد، تربط بين مختلف المشاريع لبلوغ أهداف الإستراتيجية في المدى المتوسط والطويل. وتتداخل عادة المسؤولية عن مشروع ما بين هيئات وأطراف متعدّدة في 25 لجنة وزارية و48 لجنة بلدية، يعاني كثير منها مشاكل مؤسّسية وإدارية. وفي معظم الوقت، كما يستمر تنفيذ المشاريع لفترة أطول من المقرّر، وتُترك مشاريع كثيرة من دون أن تكتمل، في حين يتعذر استغلال مشاريع أخرى بفعل نقص الموارد لتغطية تكاليف الصيانة.

وفي الأخير قدم المعهد توصيات الى السلطات الجزائرية بالإسراع في تنفيذ الإصلاحات من قبيل إعادة النظر في النظام القضائي والإداري لإنفاذ العقود التجارية بهدف جعله فاعلاً وفي مأمن من التدخّلات السياسية. وتحتاج إلى تفعيل أنظمة رقابية تضمن وجود مقدار أكبر من الشفافية في الحسابات العامة وإدارة مالية قائمة على النتائج. فالفشل في استخدام الموارد المتاحة للقيام بالإصلاحات الضرورية يعرّض الجزائر لأخطار جسيمة حسب المصدر ذاته.

محمد أميني

من نفس القسم الوطن