الوطن

سيناريو تسعينيات الجزائر سيعاد في تونس ونسأل الله اللطف

رئيس حزب الأصالة السلفي التونسي مولدي علي المجاهد لـ"الرائد":

 

مولدي علي مجاهد رئيس حزب الاصالة اول حزب سلفي في تونس، متحصل على الدكتوراه في القانون الدولي، كان محكوما عليه بـ44 سنة سجنا غيابيا، بتهم عديدة تتعلق بالإرهاب، منها الدعوة إلى الانضمام إلى تنظيم له علاقة بجرائم ارهابية والمشاركة في تنظيم ارهابي. التحق بصفوف المقاومة الفلسطينية اواخر السبعينات ضد العدو الاسرائيلي، ثم توجه لـ"الجهاد" في افغانستان في الثمانينات ضد الغزو السوفيتي، وعاد إلى تونس بعد 37 سنة من الغياب، بعد ثورة الياسمين. التقته "الرائد" بتونس، وأجرت معه حوارا تحدث خلاله عن رفضه للتسميات التي باتت تستعملها عدة اطراف لأغراض ضيقة، على غرار"السلفية الجهادية"و"السلفية العلمية"و"الوهابية"وغيرها، ونفى جملة وتفصيلا أن يكون حزبه "الاصالة" الجناح الخفي لحركة النهضة، كما عرج على ما يحدث في بلده تونس خاصة بجبال الشعانبي، والاتهامات بالعنف الموجهة للسلفية، حيث حذر من تكرار سيناريو الجزائر، وقال إن اطرافا في تونس ترفض كل شيء وهي ضد الجميع، تسعى لاستنساخ تجربة الجزائر في تونس.

* الرائد: ما تعليقكم على ما يحدث بجبال الشعانبي؟

- هناك تناقض في التصريحات حول هذه الاحداث، لكن المؤكد انها مقصودة من اطراف تبحث عن خلق وضع امني متوتر، يسمح بإلغاء أو تأجيل الانتخابات وتمديد المرحلة الانتقالية، وتلفيق التهم الباطلة للحركة السلفية والحركة الاسلامية بغاية قمع شبابها وانصارها والزج بهم في السجون تحت طائلة محاربة الارهاب، وإني ارى أن السلطة على درجات عالية من الجبن أو التواطؤ، وهي تتعاطى السياسة بعيدا عن الواجب الاسلامي والثوري، وإنما وفق انتهازية مدمرة. وإن اليد المرتعشة لا تكتب التاريخ.

* هناك تخوف في تونس من ظاهرة الارهاب، خاصة مع المواجهات التي شهدها حي التضامن بالعاصمة بين انصار الشريعة والامن، على هامش منع الداخلية لعقد مؤتمرهم بالقيروان، كيف ترون هذه التخوفات؟

* لا وجود للإرهاب في تونس اليوم غير ارهاب السلطة القائمة ورؤوس الفساد، إن ما يحدث في الشعانبي اليوم هي مسرحية الغرض منها الاستثمار في الفوضى لتحييد الثورة عن مبادئها، وهي مؤامرة على الشعب والجيش والامن. ويجب أن اشير هنا إلى أن هناك بعض الاطراف التي انطلقت في تنفيذ برنامج الانقلاب على حركة النهضة، بعد أن تم تهيئة الارضية من خلال الاعتصامات والاضرابات والتشويه الاعلامي. إن النظام السابق والمنتفعين منه ومن لا يريد للثورة التونسية أن تستكمل اهدافها هم من يقفون وراء أحداث الشعانبي.

* لكن هناك من يدعو إلى قتل رجال الامن ويكفر المجتمع ويتحدى الدولة؟

- الذي يدعو لقتال رجال الامن والجيش ويكفر المجتمع ويتحدى مؤسسات الدولة، لا علاقة لنا به، ولا علاقة له بنا، بل لا علاقة له بالإسلام، نحن لازلنا نخاطب رجال الامن والجيش ونقول لهم وفقكم الله في خدمة البلاد والعباد، انتم العين الساهرة لحمى الوطن. اما من كان في الصف الاخر فنقول له انت مخطئ ونحن حريصون على الامن اكثر منك، انت لنا ونحن لك.

* ألا تتخوفون من تكرار سيناريو تسعينيات الجزائر في تونس؟

- مادامت وسائل الاعلام العالمية تروج بأن تونس اصبحت بلدا مصدرا للإرهاب، ومادام هناك في السلطة وفي المعارضة من يرفضون فوز حركة النهضة ولا يريدون اختيار الشعب للمشروع الاسلامي، فإن سيناريو تسعينيات الجزائر سيعاد في تونس، قلنا هذا قبل اغتيال المناضل السياسي شكري بلعيد وبعده، ولازلنا نردده. فتونس مقبلة على سنوات عجاف، نسأل الله اللطف والرحمة والمحبة لهذا الوطن.

* بات كل ما يحدث من عنف يلصق بالتيار السلفي منذ اغتيال المناضل السياسي شكري بلعيد، ماذا تقولون عن اتهام السلفيين بتنفيذ العملية؟

- أقول إن اغتيال شكري بلعيد، جريمة سياسية بامتياز، وطريقة تنفيذها ليست تونسية وإنما اجنبية وتحديدا اوروبية، لاعتبار انها تطلبت جهودا جبارة من آليات مراقبة ورصد وما إلى ذلك من عمل استخباراتي، ما يشعرنا أن هناك فعلا جهازا مخابراتيا وراء القضية، خاصة بعد أن ذكرت قناة فرانس 24، أن القاتل تلقى تعليمات من زعيم تنظيم انصار الشريعة، ابو عياض. أنا اتساءل عن مصلحة السلفيين من قتل شكري بلعيد؟؟ 

تقولون إن هناك فتاوى ودعوات تكفير، اقول لكم إن من يفعل هذا الامر ليس سلفيا ولا تقيا ولا متدينا. فليس كل من اطلق لحيته وارتدى قميصا هو سلفي، ولا كل من اعتلى منبرا في المسجد هو قدوة. من المفروض أن يتم ردع كل الائمة الذين يدعون إلى التكفير وإلى القتل.

* هل تسمي دعاة العنف المحسوبين على التيار السلفي من المخترقين لهذا التيار؟

- أجل هناك اختراقات للسلفية مثلما هناك اختراق اجنبي في تونس، نتيجة ضعف الحكومة وغياب الدولة. وإلا كيف نفسر اصرار وزراء النهضة على اتهام الناس جزافا، والادعاء بأن لهم وثائق تثبت صحة اقوالهم دون أن يتحركوا أو يقوموا بإيقافات؟

* وماذا عن المجموعات المسلحة التي تتدرب في الجبال والصحاري وعن المسلحين الذين اجتاحوا البلاد؟

- لا يوجد أي شيء واضح. كلها اخبار متداخلة وتبدو لي أن فيها لبسا كبيرا. واذا كانت هناك مجموعات حقا فليكشفوا لنا عنها. عموما نحن ضد أي عنف مهما كان مصدره. وما أرى في التصرفات العنيفة إلا جهلا. واعتقد أن هناك طرفا ضد الجميع، يرغب في اعادة التجربة الجزائرية في تونس، وقد حذرنا من هذا الأمر، ففي الجزائر خسر الاسلاميون وخسرت الحكومة ومات الناس.

* هل تقصد اليسار بقولك طرفا دائما ضد كل شيء؟

- لن أجيب. ولعلمك أنا من جيل يساري شيوعي، وكل من درسوني هم يساريون، وانا خريج المدرسة العلمانية، ومع ذلك انادي بتطبيق الشريعة. لقد كنا نتعايش في كنف الاحترام والانسجام ولا يوجد مشكل اليمين واليسار الموجود اليوم.

* ما دمت تنادي بتطبيق الشريعة إذن انت لا تفصل بين الدين والسياسة؟

- لا فصل عندنا بين الدين والدولة. فالسياسة دين والدين سياسة وإلا لكان الرسول صلى الله علية وسلم يصلي بالناس وآخر يحكمهم. 

برأينا القرآن هو الوحيد الذي يشمل احكاما في التجارة وفي الارث وفي كل الامور. هناك آيات صريحة تؤمرنا بأن نطبق شرع الله. ونحن لنا في الحزب دستور اسلامي يتكون من 94 بندا، منبثق من الشريعة، اتممناه في 3 اشهر. نعتقد أن فيه حلولا للدولة التونسية.

* كيف اتممتم كتابة الدستور في 3 أشهر، بينما لازال دستور البلاد لم ير النور بعد رغم مرور أكثر من عامين؟

- أولا الدستور لا يكتبه العامة، فبأي حق نسمح لمن لا خبرة ولا دراية لهم بكتابة دستور بلادنا؟ ولعل الجميع يعرف أن دستور فرنسا كتبه مختص واحد بعد الحرب العالمية الثانية في ثلاث اشهر فقط. ونحن لنا 217 نائب دون فائدة. هؤلاء تركوا الدستور وانصرفوا إلى الحكم، فما حكموا وما أنجزوا الدستور. وطبيعي أن يحدث مثل هذا في الحكومة التي ينقصها الصدق ونية الإصلاح.

* كيف تقيمون حكم النهضة؟

- لي عدة مآخذ على قيادات النهضة وعلى وزرائها الذين اختارهم الشارع ولم يكونوا صادقين معه. هناك نقاط استفهام عديدة حول بعض الاحداث التي جدت في تونس، على غرار احداث سفارة امريكا، لكن المشكل انه ليس هناك اي تواصل بيننا وبين النهضة. 

* حسب علمنا انكم شاركتم في "الجهاد" في عدة دول هل الأمر صحيح؟

- طبعا، فخلال العملية الاخيرة التي شنها الكيان الصهيوني على غزة في نوفمبر 2012، كنت مع جبهة المقاومة أحمل السلاح معهم وأجاهد. وفي الوقت الذي تنقل فيه الوفد الحكومي إلى هناك للديكور ولخدمة حملته الانتخابية، كنت انا احمل السلاح مع اخوتي وأقاوم. وبالإضافة إلى ذلك فقد التحقت سنة 1976 بالمقاومة الفلسطينية في لبنان، وبقيت هناك إلى غاية سنة 1982، عدت بعدها إلى فرنسا لاستكمال دراستي، ثم ذهبت إلى أفغانستان، وشاركت في المقاومة ضد الغزو السوفيتي.

* من كان يؤطركم للجهاد، ولأية جهة كنت تنتمي؟

- كنت مع حركة "فتح"، وتتلمذت على يد المجاهدين العرب الشيخ عبد الله عزام، أستاذ أسامة بن لادن.

* إذن كنت زميلا لأسامة بن لادن، كيف كانت علاقتك به؟

- لم أقل هذا.

* وهل يحتاج الامر إلى تحليل لنفهم أنه كنتم على علاقة بأسامة بن لادن؟

- هناك أمور وتفاصيل لن أبوح بها ولو عذبوني اشد العذاب. لأنها حساسة أكثر مما تتصور.

* وماذا عن تجنيد الشباب للجهاد في سوريا؟

- الجهاد في سوريا فرض كفاية. فالذي ذهب إلى هناك بنية الجهاد والنصرة نحسبه شهيدا عند الله. ولكن الخروج للجهاد له شروط يجب أن تستوفى.

* كيف ترون تجنيد تونسيين للجهاد في سوريا بمقابل مالي؟

- أولا، أريد أن احذر من بعض الدول الخليجية التي تلعب دورا مشبوها في سوريا، والتي تخلت مؤخرا عن الجماعات التي كانت تجندها لمساعدة المعارضة هناك، بفعل أمر امريكي. لكن فيما يتعلق بما اشيع عن قبض النهضة لملايين الدولارات مقابل ارسال الجهاديين إلى سوريا، فأنا لا أصدقه.

 * وماذا عن جهاد النكاح؟

- أقول لا اله إلا الله. كيف اختاروا هذه الكلمة؟ إنه أمر لا يصدقه عاقل. هل يمكن أن ينزل البعض بمستوى الإسلام إلى هذا الحد؟ إنه الجنون حتما. وحقيقة لا ادري اي دور أرادوا أن يلعبوه من خلال هذه الفضيحة. وأريد أن اسأل من سولت له نفسه ليفعل ذلك بفتيات تونسيات. هل يرضاه لأخته وأمه وبنات عائلته؟؟

* إنه الشيخ محمد العريفي الذي يقدم برامج في قناة إقرأ؟

- أعرف الرجل معرفة شخصية وهو صديقي، وقد هاتفته عندما قرأت وسمعت بشأن الفتوى الغريبة، لكنه نفى قطعا الأمر، وأكد لي أن احدهم استغل اسمه وصورته ليقوم بفتاوى غريبة من هذا النوع. وقد وضح العريفي الأمر على التويتر وعلى الفايس بوك. وبالنسبة لي، فأنا اطالب بمحاكمة من يدعون إلى جهاد النكاح هذا. وأقول للجميع اتقوا الله في حرائر تونس. إني ابكي دما على ما يحصل للتونسيات من اغتصاب واتهامات وما إلى ذلك من امور. أقول للجميع ارفعوا ايديكم عن حرائر تونس. ارفعوا ايديكم عن امهاتنا وأخواتنا وعن المرأة التونسية التي هي معيار شرف الرجل.

* كيف وجدت تونس بعد أن غبت عنها 37 سنة؟

- لم أكن اعرف تونس العاصمة أصلا، فأنا من اقصى الجنوب وجئتها ثلاث مرات في حياتي، ورغم ذلك كنت اعرف كل ما يحصل فيها اكثر من التونسيين انفسهم.

* ما هي الامور التي وجدت انها يجب أن تصوب وتعاد إلى أصلها؟

- كل الامور ليست في مكانها. وقد عدت لأنني أرغب في خدمة بلدي. وأرى أن المساهمة في البناء واجب مفروض علي.

* هل أنت مع تفعيل قانون تحصين الثورة وإقصاء التجمعيين؟

- الثورة لم يقم بها أي حزب، وانما قام بها الشعب والفقير. وبعد الثورة ازداد الشعب غبنا والفقير ازداد فقرا وتضاعف الفساد. 

* فأين هي أهداف الثورة؟ وأين دولة القانون؟

- حسب رأيي لا بد من محاسبة كل من تسبب في الظلم، لكن يجب أن نتعلم الصفح والصلح حتى نبني مجتمعا ووطنا. تونس كلها كانت تجمعا، وإذا أصر من في الحكم على اقصاء التجمعيين فعليهم أن يقصوا كل التونسيين.

حاوره في تونس: أنس الصبري

من نفس القسم الوطن