الوطن

بن جاب الله: "الحكومة تعمل على ترقية وإدماج أطفال في وضعية صعبة"

تحذيرات من تحطيم شخصية ضحايا العنف والاختطاف إلى الأبد

 

 

قالت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة سعاد بن جاب الله، إن الحكومة تعمل بجدية على ترقية وإدماج الأطفال في وضعية صعبة، موضحة أن حماية الأطفال موجودة في كل النصوص والتشريعات التنظيمية السارية المفعول، على اعتبار أنه - تواصل - "تقع على عاتق الدولة مهمة التكفل وحماية وترقية حقوق الطفل".

وأوضحت بن جاب الله أمس، في تصريح على هامش إشرافها على انطلاق عملية تضامنية نموذجية "المخيم الأخضر" لفائدة الأحداث في خطر معنوي بمزرعة كرفة ببورقيقة (تيبازة)، 

بمناسبة اليوم العالمي للطفولة المصادف للفاتح جوان من كل سنة، أن عملية اليوم "المخيم الأخضر" تندرج في صميم "العمل على إدماج الأطفال المتواجدين في وضعية صعبة عن طريق العمل من خلال احتكاكهم بالعالم المهني واكتشافهم مجال الفلاحة على أن يلعبوا دورا مهما مستقبلا في الأمن الغذائي"، كاشفة عن تعميم المبادرة "مستقبلا على كل ولايات الوطن لتشمل مجالات أخرى كل حسب طابع المنطقة"، مبرزة أنها "عملية تضامنية تنظم على مدار السنة" بهدف أيضا "تعليم وتلقين المهن والحرف للأطفال". 

وفي سياق ذي صلة، شدد نائب مدير مكلف بترقية الصحة العقلية بوزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات الدكتور محمد شكالي، في حديث لـ "وأج" على جوانب الوقاية كـ"أحسن" وسيلة للتكفل بظاهرة العنف ضد الأطفال، مؤكدا بأن التكفل الجيد بهذه الظاهرة يستدعي تضافر جهود عدة قطاعات، داعيا مختلف القطاعات التي لها علاقة بهذه الشريحة من المجتمع التكفل بظاهرة العنف التي تتعرض لها، مركزا على ضرورة تعزيز جوانب الوقاية وتوعية وتحسيس المجتمع حول هذه الظاهرة التي -إذا لم يتم التكفل بها بشكل جيد "ستؤدي الى تحطيم شخصية الضحايا الى الأبد". 

وأشار شكالي الى اللجنة التي شكلتها الوزارة والمتكونة من 10 أخصائيين والتي مهمتها جمع الوثائق والمعلومات حول عدد الأطفال الذين تعرضوا لمختلف أنواع العنف، مؤكدا بأنها ستعمل بالتنسيق مع قطاعات أخرى، لاسيما وزارة التربية عن طريق شبكة وحدات الكشف المدرسي التي يراها أحسن وسيلة للكشف عن مختلف الاعتداءات التي يتعرض لها الأطفال. كما يرى الدكتور شكالي أن "التكامل" بين القطاعات المعنية "سيتحقق ويتطور مع الزمن" مما سيساعد في المعالجة "الجيدة للظاهرة" والمتسببين فيها من جهة وحث العائلات على التبليغ بها الى المصالح المختصة من عدالة ومصالح الأمن، مبديا تأسفه للكتم عن بعض الاعتداءات، سيما الجنسية منها والتي لازال يدور الغموض حولها بالمجتمع الجزائري.

وأكد شكالي على ضرورة التكفل بالمعتدين كمجرمين بمراكز التربية وإخضاعهم للعلاج المناسب من طرف السلك الطبي بالسجون كمرضى حتى لا يكرروا نفس الاعتداءات مستقبلا، مشيرا الى مشروع مشترك بين قطاعي الصحة والعدالة للتكفل بهذه المسألة. واعتبر ظاهرة العنف ضد الاطفال ظاهرة "عالمية"، والتي لم تستثن المجتمع الجزائري الذي خاض تجربة في هذا المجال، حيث بادرت بها وزارة الصحة وتمثلت في وضع خلايا للإصغاء والمتابعة الطبية بعدة مستشفيات عبر القطر الى جانب تكوين أخصائيين، وكان ذلك قبل الأحداث الأخيرة التي عرفتها بعض نواحي البلاد والمتمثلة في اختطاف وقتل أطفال. وحسب المتحدث، فإن ظاهرة الاعتداءات ضد الاطفال "لن تختفي" من المجتمع، مما يستدعي تعزيز المعاينة الطبية بالمراكز الصحية قبل توجيه الاطفال ضحايا هذه الاعتداءات الى مختصين في الصحة العقلية وطب الاطفال والطب النفسي، مذكرا بأن التكفل بهذه الشريحة يتطلب تخصصات "دقيقة جدا".

ومن بين المؤسسات الاستشفائية المتخصصة في الامراض العقلية والتي تتكفل بمختلف الاعتداءات التي يتعرض لها الاطفال، ذكّر الدكتور شكالي بمؤسسة دريد حسين والشراقة بالجزائر العاصمة وفرانس فانون بالبليدة وجبل الوحش بقسنطينة ومؤسستي وهران وعنابة، مسجلا أسفه لقلة عددها وتمركزها بالمدن الكبرى بشمال الوطن. وتتمثل الخدمات التي تقدمها هذه المؤسسات المتخصصة في جلسات يعبر من خلالها ضحايا العنف عن معاناتهم، حيث يتابع المختصون خلال هذه الجلسات سلوك الطفل ويتم إخضاعه الى العلاج بحركة العين وهي وسيلة حديثة أصبحت في متناول بعض المهنيين بالجزائر. وبخصوص تصنيف مختلف أنواع العنف التي يتعرض لها الاطفال، أشار نفس المسؤول الى أن الضرب والشتم من بين الانواع الشائعة سواء كان ذلك بالمدرسة أو في الشارع أو داخل المحيط العائلي، مؤكدا بأن سوء معاملة الاطفال داخل الاسرة غالبا ما لا يصرح به عادة. ووصف التكفل بضحايا هذا العنف بـ"العمل المعقد" رغم أنه يظهر "بسيطا" وقد يستدعي تضافر جهود سلك طبي متخصص من أطباء نفسانيين ومساعدات اجتماعيات وطب الأطفال ومختصين في الصحة العقلية الخاصة بالاطفال. وقد يتطلب كذلك تدخل كل الفاعلين في هذا الاطار. وفيما يتعلق بالاختصاصات التي تتدخل في العلاج، سجل الدكتور شكالي نقصا من ناحية النوعية الذي تحاول الوزارة استدراكه من خلال التعاون والتبادل مع بعض الدول المتطورة، موضحا بأن نتائج العلاج المحققة الى حد الآن "مرضية". وأكد في نفس الاطار أن الاسر التي تقبل للمرة الاولى على العلاج وتتلقى المعلومات والتوجيه الكافي تعاود الكرة الى غاية استرجاع الضحية لثقتها بالنفس وتخلصها من العقدة التي تعاني منها نهائيا. 

 

طارق. م

من نفس القسم الوطن