الوطن

حركة مناضلي الأفالان: "أعضاء اللجنة المركزية لم ينضجوا "

أعربت عن سخطها من عجز قادة الحزب في احتواء أزمته

 

 

اتهم أعضاء حركة مناضلي حزب جبهة التحرير الوطني بولايات الغرب الجزائري أعضاء اللجنة المركزية بأنهم لازالوا لم ينضجوا سياسيا، وأن التصرفات التي تصدر عن هؤلاء منذ ما يقارب الـ 4 أشهر هي دليل قاطع على هذا الوصف، الذي تناوله هؤلاء في بيان صدر عنهم عقب اللقاء الذي نظم بوهران وشهد مشاركة مناضلي الحزب من عدّة ولايات بالغرب الجزائري.

ودعت الحركة في بيان لها إلى ضرورة عقد لقاء تشاوري بين مختلف أعضاء اللجنة المركزية للحزب ونواب الحزب في البرلمان، من أجل التعجيل بعقد دورة استثنائية للحزب طالما هناك مبادرة جمع توقيعات واستمارات، من شأنها أن تعيد ترتيب بيت الحزب العتيد الذي أصبح يتخبط في سلسلة من المشاكل التي يقوم بها أعضاء لا يتسمون بالمسؤولة في اللجنة المركزية للحزب والتي أضرت بالجميع.

ولعل القطرة التي أثارت حفيظة هؤلاء هو قيام المرشحين المحتملين لدخول سباق انتخاب أمين عام للحزب خلفا للأمين العام السابق، بترتيب هياكل الحزب حتى قبل حصوله على الأمانة العامة، وتوزيع المناصب القيادية على الأعضاء الذين يقدمون لهم الدعم التام والصريح لنيلهم فرصة خلافة بلخادم على رأس الحزب العتيد، وهذا التصرف الذي كشفت عنه قيادات داخل الحزب أضحى ينتهجه كل من عمار سعيداني، محمد بوخالفة، عبد الكريم عبادة، ولم يعد حكرا على سعيداني فقط الذي تتهمه بعض الأطراف بكونه يشوش على سير عملية انتقاء خليفة لعبد العزيز بلخادم، من خلال استعماله للمال ومنح الصلاحيات لمن يقدمون له الدعم لذلك.

وأكد البيان الذي أصدرته الحركة ووقع عليه مناضلون من ولايات وهران، تلمسان، سيدي بلعباس، غليزان، البيض، مستغانم، سعيدة وعين تيموشنت، على وجود بعض الأطراف داخل اللجنة المركزية للحزب العتيد، ترفض أن يحل صراع الأجنحة الذي يتخبط فيه هؤلاء منذ فترة، والذي زاد حجمه بعد رحيل بلخادم، وهي ذات الأطراف التي ترفض صراحة وعلانية بأنها لا تستعجل الوقت للنظر في خليفة بلخادم، بل وتقوم بالترويج لنفسها على أساس أنها من أقصت بلخادم من القيادة العامة للحزب وهي من تملك الحق في إيجاد البديل له، رغم أن هذه الحركة وأنصارها عاجزون بل ويرفضون الاجتماع مع زملائهم في اللجنة المركزية وعقد لقاءات تشاورية، بل تكتفي بالترويج لنفسها ولقناعتها التي أضرت بالحزب مهما كان الثمن.

وعلى صعيد آخر، تتواصل داخل أورقة مقر الحزب العتيد بحيدرة بالعاصمة عملية جمع توقيعات واستمارات تدعو إلى عقد دورة طارئة في الآجال القريبة من أجل انتخاب أمين عام جديد للأفالان، رغم رفض الكثير من الأطراف لهذه الفكرة إلا أن مصادرنا الخاصة من داخل اللجنة المكلفة بجمع هذه التواقيع أكدت على أن العملية تسير بصورة طبيعية، وقد استطاعت جمع عدد كبير من التوقيعات وأن عملية ترتيب بيت الأفالان سيتم في القريب العاجل، خاصة مع تحسن الوضع الصحي للرئيس الشرفي للحزب عبد العزيز بوتفليقة.

إلى ذلك، توالت الاجتماعات والاجتماعات المضادة بين مختلف التيارات والعصب المحسوبة على حزب جبهة التحرير الوطني، غير أن أي من هذه الاجتماعات لم يخلص إلى الاتفاق على تاريخ محدد لعقد دورة اللجنة المركزية التي ستفرز خليفة الأمين العام المطاح به، عبد العزيز بلخادم.

فقد شهدت نهاية الأسبوع المنصرم اجتماعين، الأول احتضنته محافظة جبهة التحرير الوطني بالمدية الخميس المنصرم، وضم أعضاء في اللجنة المركزية من الوجوه المحسوبة على الأمين العام السابق، ليرد عليه اجتماع آخر احتضنه المقر المركزي للأفلان الكائن بأعالي العاصمة في حيدرة ليلة الجمعة إلى السبت، غير أن هذين الاجتماعين لم يفضيا إلى جديد يساعد على تقريب خروج الحزب من النفق المظلم الذي دخله منذ ما يقارب الأربعة أشهر.

النقاشات والمباحثات بين المجتمعين في محافظة المدية وبين الذين التقوا في المقر المركزي، لم تخرج عن إطار ما ألفه المناضلون والرأي العام، فبينما راح المجتمعون في محافظة المدية يؤكدون على شروطهم التي يبدو أنه تم تكريرها منذ الإطاحة بزعيمهم، وتأتي في مقدمتها رفض كل الخيارات والآليات المفضية لاختيار خليفة بلخادم، باستثناء الآلية الوحيدة، وهي الصندوق، باعتبارها "الآلية الديمقراطية الوحيدة" للخروج من مأزق من هذا القبيل، كما جاء على لسان أكثر من مسؤول وقيادي في الجناح الموالي للقيادة السابقة للحزب.

وعلى غرار جناح بلخادم، لم يفض لقاء المجتمعين في المقر المركزي، والذي ضم أسماء بارزة في الحزب، مثل عبد الرحمن بلعياط، منسق المكتب السياسي المطعون في شرعيته المؤقتة، والمعارض الشرس لبلخادم، عبد الكريم عبادة، من حركة التقويم والتأصيل، التي كانت أول من شق عصا الطاعة على القيادة المطاح بها، وبوجمعة هيشور، الذي صعب على المتتبعين تصنيفه في الصراع المحتدم بين فرقاء الحزب العتيد، والحال كذلك بالنسبة للنائب السابق، السعيد بوحجة، لم يفض هذا الاجتماع إلى نتيجة، طالما أن النقاش اقتصر حول آليات اختيار الأمين العام وليس حول موعد انعقاد الدورة المقبلة للجنة المركزية، التي ستفرز القيادة الجديدة.

أما أنصار رئيس المجلس الشعبي الوطني الأسبق، عمار سعداني، المدعوم بعدد من النواب مثل محمد جميعي والشريف ولد الحسين، ومحافظة سيدي امحمد بالعاصمة، في صورة محافظها، محمد بومهدي، ومحافظة بوزريعة، التي يقودها محمد سلوغة، وكذا الجناح الذي يدفع بالسيناتور، صالح قوجيل مرشحا لمنصب الأمين العام للحزب، فلم يشاركوا في الاجتماعين، الأمر الذي يؤكد على قوة الأزمة التي يمر بها الحزب العتيد، ومدى تجذرها، وفي ذلك مؤشر على صعوبة الخلاص منها في الوقت القريب.

وفي ظل هذا الاحتقان غير المسبوق الذي يعيشه أكبر الأحزاب السياسية التمثيلية في البلاد، والذي تزامن أيضا مع سباق محموم، صامت أحيانا وبارز أحيانا أخرى، يبرز توجه داخل المجتمع المدني، يقوده أحد الناشطين، في صورة رئيس الهيئة الجزائرية للدفاع عن الذاكرة، لخضر بن سعيد، الذي استغل الفرصة ليدفع بضرورة إدخال الأفلان المتحف.

بن سعيد الذي أطلق مبادرة بهذا الخصوص، أكد أن أكثر من 20 ألف مواطن جزائري من بينهم مجاهدون وإطارات في الدولة وقيادات حزبية قد وقعوا على وثيقة تطالب بوضع جبهة التحرير في المتحف وإخراجها من التحزّب، باعتبارها "إرثا مشتركا لكافة الجزائريين ضمن الدستور الجديد، وتصنيفها كرمز أساسي للثورة ودسترتها رسميا".

وبين هذا وذاك، تبقى الأيام المقبلة حبلى بالتطورات على صعيد مصير هذا الحزب الذي لعب دورا كبيرا في تحرير البلاد من براثن الاستعمار الفرنسي البغيض، غير أن ذلك لم يمنع شريحة كبيرة من الجزائريين، من اعتباره أصبح عائقا أمام حدوث انتقال ديمقراطي كفيل بانتشال البلاد من أزماتها المركبة والمتعددة الأبعاد، التي عمرت لعقود ولا تزال لم تصل بعد إلى نهايتها، بالرغم من المقدرات الهائلة التي تتوفر عليها البلاد، البشرية منها والمادية.

نوال. ب/ طه. ش

من نفس القسم الوطن