الوطن

حمس ترسم موقعها في المعارضة وتفتح خياراتها السياسية

التركيبة الجديدة لقيادة حمس مؤيدة للثورات العربية

 

أسفر المؤتمر الخامس لحركة مجتمع السلم في ساعة متأخرة من مساء أول أمس عن فوز عبد الرزاق مقري بمنصب رئيس حركة حمس للخمس سنوات القادمة، حيث أفرزت النتائج حصول خليفة سلطاني على 177 صوت مقابل 65 صوتا فقط لمنافسه عبد الرحمن سعيدي، ويعد المؤتمر الخامس لحمس إيذانا لمرحلة جديدة في تاريخ الحركة بقيادة سترسم خيار المعارضة بعيدا عن أي شكل من أشكال التوافق والتعاطي مع السلطة.

وقد أحرز عبد الرزاق مقري من خلال فوزه على أصوات من أغلبية الولايات الممثلة في مجلس الشورى، حيث اختار مقري جمعه الأصوات صوتا صوتا بالولايات وتجنب التعاطي مع الولايات التي لازالت تمثل عمق تنظيم الحركة على غرار ولايتي الوادي والشلف، فيما انهزم المرشح عبد العزيز بلقايد رئيس الكتلة البرلمانية للحزب وعضو مكتبها السابق أمام الهاشمي جعبوب الذي تحصل على منصب نائب رئيس الحركة، فيما انسحب ممثل الوادي الذي ستكون لخسارته انعكاسات كبيرة على المناضلين الذين يرون في حرمان ولايتهم من المناصب القيادية اقصاء وتهميش لولاية ذات ثقل سياسي كبير. وعقب انتخابه كرئيس جديد للحركة أكد عبد الرزاق مقري أنه سيعمل من أجل إحداث التجديد داخل الحركة وذلك باحترام مؤسساتها والالتزام بمبدأ الشورى، معتبرا أن المؤتمر الخامس قد رسم التداول السلمي على السلطة داخل صفوف حمس، قائلا إن "حركة مجتمع السلم راجعة بدون شك إلى الحكومة لكن بإرادة الشعب وبدون تزوير"، كما أكد في حديثه على أنه سيعمل على جمع وحدة صف حركة مجتمع السلم وكذا الحركة الاسلامية في الجزائر.

ويرى ملاحظون أن اختيار الهاشمي جعبوب نائبا لحركة حمس بدعم من مقري وجماعته، قد أراد من خلاله المؤتمرون بعث رسالة طمأنة إلى السلطة بأن الحركة ستبقى لها خيط واصل مع السلطة، بالرغم من عدم إعطاء وزير التجارة السابق الهاشمي جعبوب أي منصب في الحكومة، كما استطاع نعمان لعور الذي تحصل على منصب النائب الثاني في الحركة ومن خلال مهامه كرئيس للجنة الوطنية التحضيرية للمؤتمر الخامس وقبلها كمسؤول أول في تنظيم الحركة على أن يجمع الدعم من الولايات الذي مكنه الفوز انطلاقا من الدور الأول.

وأشار ملاحظون إلى أن التركيبة الجديدة لقيادة حمس جاءت تمثل حيزا جغرافيا محدودا مقتصرا على ولايات ميلة، سطيف والمسيلة، مما سيجعل حمس بعيدة عن التوازن الجغرافي، وهو ما سيشكل نقطة سوداء في ظل غياب ولايات أخرى من التمثيل داخل القيادة الجديدة، وهو ما يرجح احتجاج مناضلين سيجدون أنفسهم خارج التمثيل القيادي حسبما تقوله أحد المصادر، في حين أن رئيس مجلس الشورى الجديد أبوبكر قدودة يرى في نفسه الحامل لمشروع الوحدة الذي سيدافع عنه والذي بإمكانه أن يعيد نوع من التوازن السياسي والتنظيمي داخل هياكل الحركة.

وتشير التركيبة الجديدة لقيادة حمس إلى رسائل عديدة ومتعددة أهمها الخروج من عقدة الوحدة من الناحية التنظيمية، التي رفعت كشعار لتغطية إخفاقات العهدتين السابقتين والتراجع الشعبي الذي لحق بها، وأن مقاربة العودة من دون شروط ستضفي الكثير من العراقيل على هذا المشروع الاستراتيجي خاصة مع وجود مؤشرات، تفيد بأن عبد الرزاق مقري غير متحمس لهذا المشروع، إذ تقول مصادر إن مقري سيسعى إلى تشكيل لجنة للتعاطي مع هذا الملف لكسب الوقت ولإرضاء المنادين به من دون أي نتائج على المستوى الميداني، كما تشير التركيبة الجديدة لقيادة حمس إلى عدة رسائل سياسية أولها موجه إلى السلطة التي سيصعب عليها التعاطي مع حمس الجديدة، خاصة وأن مقري لديه اقتراحات مفتوحة بدءا من إمكانية التحالف مع المعارضة الإسلامية على غرار "الفيس"، وحركة رشاد في الخارج إضافة إلى استعمال وتوظيف مكاتب جمعية العلماء المسلمين، ووصولا إلى مقاربة مقري التي ترتكز على أن الجزائر يمكن أن تكون ساحة للثورة العربية، ومناسبة لثورة الجزائريين لاسقاط النظام، وهو يرى أن حركته قادرة على قيادة هذه الثورة حسبما يضيف نفس المصدر.

والمتتبع لمختلف تصريحات عبد الرزاق مقري يدرك التشخيص السوداوي لطبيعة النظام في الدولة وقواه الفاعلة، مما يثير تساؤلات حول ما إذا كان مقري سيذهب في هذه المقاربات أو لا، كما قد تتيح خيارات رئيس حركة حمس الجديد فرصة تشكيل معارضة قوية تعود بالخير على البلاد، خاصة مع قدوم موعد الرئاسيات التي ستكون حمس أحد محاور القطب الذي سيتشكل أمام مرشح السلطة في المستقبل مما سيعطي للرئاسيات دفعا قويا.

نسيمة ورقلي

من نفس القسم الوطن