الوطن

تدابيرالحكومة لإسكات الجبهة الاجتماعية لن تستمرإلى الابد

دراسة أمريكية تحدد أربعة عوامل أتاحت للسلطات الجزائرية المناورة، وتحذر:

 

 

 

أكدت أمس دراسة أمريكية أن الجزائر تجنبت حتى الآن الثورات التي أطاحت بحكومات أخرى في العالم العربي، مرجعة ذلك في المقام الأول الى وقف الاضطرابات عن طريق إعادة توزيع عائدات البلاد الضخمة من النفط. لكن في المقابل قالت إنه "لا يمكن لهذا التدبير المدروس لإعادة التوزيع أن يستمرّ إلى ما لانهاية". ولذا يجب على الحكومة البدء بعملية إصلاح سياسي حقيقي وعميق أو مواجهة احتمال الانهيار على حد تعبيرها. 

 

 وأوضحت دراسة أعدها مركز كارنيجي للسلام في واشنطن اطلعت "الرائد" على نسخة منها أن ثمّة عوامل عدّة أتاحت للسلطات الجزائرية الفرصة لتجنّب حدوث انتفاضة،وهي تشمل: الفائض النقدي من موارد النفط والغاز الذي يموّل تقديم المنح المباشرة للسكان؛ وإخفاق المتظاهرين في التوحّد حول المظالم المشتركة، ونجاح قوات الأمن في إدارة الاحتجاجات من دون تأجيج مشاعر الغضب إلى حدّ كبير، وذكريات العشرية السوداء والمريرة في البلاد التي تجعل معظم الجزائريين ينأون بأنفسهم عن حالات العنف المحتملة.

كما شددت الدراسة التي أعدها الباحث حسن العشي على أنه "للوهلة الأولى، تعطي الجزائر الانطباع بأنها البلد الذي نجح في تجاوز الاضطرابات التي رافقت الصحوة العربية التي هزّت منطقة الشرق الأوسط خلال العامين الماضيين. ويبدو أن الاضطرابات الاجتماعية تحت السيطرة إلى حدّ كبير، إذ تتمتّع البلاد بفائض كبير في الحساب الجاري، وعجز محدود في الميزانية، وانخفاض كبير في الدين الخارجي. وقد تم إجراء الانتخابات البرلمانية الأخيرة من دون أن يعطلها شيء، وكانت مفتوحة رسمياً أمام مشاركة جميع الأحزاب السياسية. لكن، على الرغم من هذه الصورة المطمئنة كما تضيف، فإن العديد من التحدّيات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي أدّت إلى اندلاع الانتفاضات في دول شمال إفريقيا المجاورة لازالت تتفاقم تحت السطح في الجزائر، إذ تتجنّب الحكومة في الجزائر العاصمة الاضطرابات من خلال الاعتماد على إيراداتها النفطية الكبيرة. كما أشارت الى فشل الحكومات المتعاقبة في كسر اعتماد الاقتصاد الجزائري المفرط على السوق العالمية للنفط والغاز، فيما بينت أن الجزائر لديها كل العوامل التي تضافرت لتأجيج الثورات الهائلة في دول الجوار، والتي لا يزال العديد منها مستمرّاً في أجزاء من العالم العربي حتى يومنا هذا. ومع ذلك، لم تندلع أي انتفاضة جزائرية مستدامة.

 وفي الأخير أوصت الدراسة بسنّ إصلاحات سياسية واقتصادية عميقة تؤدي إلى توسّع اقتصادي مستدام وعادل، وزيادة المشاركة الشعبية في الحياة السياسية، الى جانب تنفيذ الإصلاحات الدستورية الموعودة بشأن قضايا مثل تحديد مدة تولّي الرئاسة وزيادة صلاحيات رئيس الوزراء الذي يختاره البرلمان، فضلا عن التشاور مع شريحة جامعة من الجزائريين لتطوير إصلاحات ضرورية أخرى في المجالات الرئيسة.

 

 محمد أميني

 

من نفس القسم الوطن