الوطن

"المعريفة والبزنسة" تقضي على فرص العلاج المجاني

مواطنون بين مطرقة تدني القطاع العمومي وسندان جشع الخواص

 

 

يعتبر قطاع الصحة في أي بلد من بين أهم القطاعات التي تمس المواطن بصفة مباشرة، الأمر الذي يجعله من أولويات أي حكومة، لكن الوضعية في الجزائر تنبئ بالكارثة، حيث تحول هذا القطاع إلى مجرد "بزنسة مالية" على حساب صحة المواطن، هذا ما أثرناه في استقراء لأراء المواطنين حول واقع المنظومة الاستشفائية العمومية والخاصة، تزامنا مع اليوم العالمي للصحة المصادف لـ7 من أفريل، فكانت الإجابات تصب في معنى واحد وهو ضرورة دق ناقوس الخطر حول ما يعيشه قطاع الصحة في الجزائر من تجاوزات ومحاولة إصلاح قطاع أثقل فساده كاهل المواطن البسيط.

حيث أجمع عدد من المواطنين في وصفهم لقطاع الصحة في الجزائر أن سبب "تعفن" هذا الأخير هو غياب الرقابة والمتابعة في التسيير، وأن التقصير في تطوير الصحة العمومية يبدأ من أعلى مسؤول إلى آخر عامل نظافة في المستشفى، حيث أكد "م. ل"، أن المشكل يكمن في التسيير والتجهيز والجدية وكذا الكفاءة، وأنه ينبغي إعادة النظر في كل الأمور بواقعية ومن غير لغة خشب المعهودة لدى المسؤولين، معتبرا إصلاح قطاع الصحة وتطويره خدمة للمواطن مسؤولية أخلاقية ووطنية قبل كل شيء. وقال "ن. غ" من جهته إن قطاع الصحة دخل منذ مدة الإنعاش لعدة أسباب، من بينها ضعف التكوين في مجال الاستقبال والمعاملة والاتصال بين المريض ومن يتكفل به، الأمر الذي جعل مستشفياتنا تتحول إلى "حلبة للصراع" بين المواطنين والممرضين من جهة أو أعوان الاستقبال من جهة أخرى، زد على ذلك سوء توزيع الأطباء المختصين عبر الولايات، ما خلق تفاوتا في الخدمات بين كل ولاية وأخرى، وكذا مشكل آخر أكثر خطورة وهو عدم إعطاء الأولوية في التكوين للاحتياجات، إذ هناك مستشفيات لم تشغل أجهزة السكانير لمدة تزيد عن 5 سنوات لغياب الأخصائيين في التشغيل على وسائل يصرف عليها الملايير وتبقى حبيسة مخازن المستشفيات، ليبقى المواطن والمريض هو الضحية الوحيد في هذا التسيب الذي يحدث في مستشفياتنا. من جانبه قال "م. ح" في تعليقه حول واقع الصحة في الجزائر، إن هناك مرضى يموتون في أروقة المؤسسات الاستشفائية العمومية، في انتظار موعد إجراء عملية جراحية لن يأتي بسبب وصول نظام "المعريفة" والمحسوبية حتى في التعامل مع آلام البشر، كما أضاف أن تجذّر الفساد وانعدام الخدمات في قطاع الصحة العمومي اضطر العديد من المواطنين للسقوط ضحية لتلاعب من نوع آخر، وهو تلاعب أصحاب العيادات الخاصة التي تعتبر صحة المواطن سلعة يمكن المتاجرة بها. وقال "س. ع" في السياق ذاته، إن بعض الأطباء ورؤساء الأقسام في المؤسسات الاستشفائية العمومية يتعمدون وضع العراقيل للمريض، لتحويله إلى عياداتهم الخاصة، حيث قال إن ارتيادها لم يعد يقتصر على ميسوري الحال كما كان الأمر في السابق، فقد أجبرت الوضعية التي آلت إليها المستشفيات الحكومية في السنوات الأخيرة، الكثيرين على طلب العلاج في العيادات والمستشفيات الخاصة، رغم تكاليفها المرتفعة والتي يرى البعض أنه "مبالغ فيها". كما تؤكد عدد من الشكاوى المقدمة ضد بعض العيادات والمراكز الطبية الخاصة أنها "تستغل حاجة المرضى الماسة لخدماتها"، في ظل غياب أطر قانونية لحماية المريض، كما يتم تسجيل العديد من التجاوزات في هذه العيادات الخاصة، مثل عدم توفرها على الحدّ الأدنى من شروط النظافة والتعقيم، وكذا الأخطاء الطبية التي تودي بحياة المريض في بعض الأحيان، وهو ما جعل السلطات تقرر في الفترة الأخيرة غلق عدد منها. ويرى "ج. س" أن المسؤولية هي مسؤولية الجميع وأن غياب الضمير الأخلاقي والمهني هو سبب الكارثة. نفس الرأي تبناه "ص. ز" الذي أكد أن قطاع الصحة مريض رغم الامكانيات الضخمة الموجهة له، والكثير يلجأ للعلاج بالخارج لأنه لا أمل فيه. أما العيادات الخاصة فهي تمارس البزنسة وليس العلاج، زيادة على ذلك غياب وموت الضمير المهني والوازع الاخلاقي لدى معظم الاسرة الطبية، التي طغت عليها "عقلية" الربح في كل شيء،  لذا أكد على ضرورة أن تعمل الحكومة بصفة جدية لإعادة النظر في تسيير القطاع كمرحلة أولى والمؤسسات الصحية سواء العمومية أو الخاصة كمرحلة ثانية.

سارة زموش

 

من نفس القسم الوطن