الوطن

لاغارد تحرم السلطة من ورقتها التي وظفت لإخماد الاحتجاجات

بعد دعوتها الجزائر لتجنب رفع الأمور اتقاء للتضخم

 

 

 

وضعت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي السلطات الجزائرية في موضع حرج أمام سياستها ازاء رفع الأجور، فقد طالبتها بوقف الزيادات للقطاعات غير المنتجة اتقاء للتضخم، هذه الدعوة من طرف(الافامي) تخنق السلطة وتحرمها من ورقة رابحة استخدمتها لاخماد نار الغضب الشعبي الذي تجسد في الاضرابات العمالية بعدة قطاعات، وقوبل بزيادات في الأجور على حساب معدل التضخم في الاقتصاد الوطني، مستغلة في ذلك البحبوحة المالية التي وظفتها سياسيا.

كريستين لاغارد زارت الجزائر وغادرتها بعد يومين من ذلك، لكنها وضعت عظمة في حلق السلطة في الجزائر لما دعتها ( لقمع كل محاولة لطلب رفع الأجور ) وتجنب الزيادة في النفقات خاصة بالنسبة للقطاعات غير المنتجة، وهنا يشار إلى تلك القطاعات التي شهدت احتجاجات دورية طالبت بزيادات في الاجور وتحسين نظام التعويضات، كالتربية، الصحة، البلديات (الوظيف العمومي)، البريد، الحرس البلدي، الجوية الجزائرية، وغيرها، حيث تمكنت هذه الاضرابات من ارغام السلطة على تقديم تنازلات ولو على حساب الاقتصاد الوطني، فاستغلت البحبوحة المالية التي ساهم فيها ارتفاع اسعار النفط، لتقوم بزيادات في أجور عمال العديد من القطاعات، ساهم ذلك بشكل سيء في ارتفاع نسبة التضخم(تقول التقارير الرسمية أنها قاربت عشرة في المائة)، وهو رقم مخيف قد يضر بالاقتصاد على المدى البعيد والمتوسط، والرفع من الاجور يعني زيادة في حجم النفقات مقارنة بالايرادات، ويفهم من مطلب كريستين لاغارد التي حثت الحكومة على مراجعة سياستها بالنسبة للنفقات ودعم الاسعار وما لها من انعكاسات سلبية، أن صندوق النقد الدولي ممتعض من لجوء السلطة في الجزائر الى اتخاذ اجراءات لصالح الشعب على حساب نسبة التضخم التي هي في ارتفاع مستمر (وصلت الى حدود عشرة في المائة) في السنة الماضية 2012، حيث جربت الحكومة كل الحلول لتدارك الامر وتخفيضه لنسبة تصل الى 5 في الماسة لكنها فشلت، خاصة القروض والتعاملات البنكية، فقد لجأت لحلول مثل البنوك الاسلامية للهروب من الفوائد الربوية التي ترفضها فئات واسعة من الجزائريين بحجة عدم التعامل بالربا، والمعروف أن نسبة الفوائد البنكية مرتفعة في الجزائر.

وفي هذا الاطار كانت "الرائد" قد عالجت في عدد سابق، ملفا يتحدث عن حملة فيسبوكية ضد البنوك الربوية، وكشفت عن تخوف وتهرب الجزائريين من الفوائد الربوية ورفض التعامل مع البنوك التي تتعامل بها، ولجوئهم إلى البنوك الاسلامية كحل بديل، كل هذا جعل الحكومة تعيد النظر في سياستها للبحث عن حل يساهم في التقليل من نسبة التضخم.

 وتعاملت السلطة مع الاضرابات من منطلق "اذا واجهت غضبا شعبيا فأسكته بالمال.." فكان لزاما على (الحكومة) أن تقر زيادات في اجور عمال (التربية، الصحة، الوظيف العمومي، وغيرهم) كي تخمد نار الاحتجاجات التي أقلقتها ولم تجد لها حلولا جذرية، حيث غالبا ما كانت تلك الزيادات سواء على حساب القدرة الشرائية، أو التضخم، وكان همها في كل ذلك تجاوز التوترات الحاصلة، مستغلة "البحبوحة المالية"، لكن مطلب لاغارد شوش على السلطة وأفقدها ورقة لطالما كانت سلاحا ترقيعيا لمشاكل لم تجد لها حلولا جذرية.

مصطفى. ح 

 

من نفس القسم الوطن