الوطن

لماذا يفوض الرئيس مهامه لأكثر من رجل في الدولة

قلة ثقة في من حوله أم اجتهاد جزائري خاص!

 

 

 

تميزت العهدة الرئاسية الثالثة للرئيس بوتفليقة بكثرة التفويضات، فقد دأب منذ السنوات الأخيرة على تفويض مسؤولين سامين في الدولة على تمثيله في مناسبات دولية، إقليمية ووطنية، وحتى تلك المرتبطة بأحداث تاريخية بارزة في الجزائر، فوض بلخادم ممثلا شخصيا له لعشرات المرات، ثم أويحيى في قمم عربية وافريقية ودولية، ثم جاء دور رئيس المؤسسة التشريعية بن صالح، ثم آل الأمر لولد خليفة، تخلله تفويض مستشارين بالرئاسة ( غازي، بارة)، الأمر الذي خلق حالة من القلق من كثرة التفويض، والآن تطرح تساؤلات عن سر تعدد الوجوه المفوضة من طرف الرئيس، فهل ينم ذلك عن عدم ثقة في شخص واحد؟ أم رغبة وسنة ابتدعها؟

يكفي العودة لبداية العهدة الرئاسية الثالثة، على اعتبار هذه الأخيرة على مشارف الانتهاء، حتى تظهر لأي ملاحظ، أسماء عديدة لاطارات سامية في الدولة اسندت لها مهمة تمثيل رئيس الجمهورية في محافل دولية، عربية، اقليمية، وافريقية، كان حزب جبهة التحرير الوطني الأول الذي حصل على هذا (الشرف) من خلال تعيين أمينه العام المخلوع ( عبد العزيز بلخادم ) ممثلا شخصيا للرئيس، فكان يسند له مهمات تمثيله في القمم العربية، وقمم الاتحاد الافريقي، نال بلخادم خلالها ثقة الرئيس، لكنه في نفس الوقت كان من حين لآخر يفوض أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى (صاحب المهام القذرة كما كان يوصف)، هذا الأخير وضع بوتفليقة ثقته فيه، فأرسله ممثلا له في إحدى قمم الاتحاد الافريقي حول التنمية، وكذا قمة أخرى حول الأمن، لكن هذين الرجلين، باعتبارهما قادا حزبين كبيرين ارتبطا ارتباطا وثيقا بالسلطة وخدما برنامج الرئيس خلال كل عهداته، نزعت منهما الثقة من الرئيس خلال آخر تعديل حكومي لما اعتلى عبد المالك سلال منصب الوزير الأول محل أويحيى، هذا الأخير مثله مثل بلخادم الذي لم يعد له منصب بعد تخلي رئيس الجمهورية عنه، وقد يكون الرجلان فهما منطق التفويض انه اذن بالحلم في الوصول الى كرسي الرئاسة والتطلع اليها في المرحلة القادمة، الأمر الذي سرّع عملية تسريحهما، وهو ما جعلهما يختفيان من الساحة السياسية بعد استقالة (أويحيى) وسحب الثقة من (بلخادم).

رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح هو الآخر، نال الحظ الأوفر من ثقة الرئيس، وباعتباره الرجل الثاني في الدولة، فوضه بوتفليقة لأكثر من مرة في قمة منظمة التعاون الاسلامي الأخيرة، وقبلها في السعودية، ثم في قمة الاتحاد الافريقي، فالرجل ينتمي لحزب ( الارندي) منافس لحزب (الافالان)، ولطالما كان تفويضه ممثلا شخصيا للرئيس محل قلق سياسي من جانب الحزب العتيد، وعن سر تقريبه منه، كما كان محل نقد من طرف الاحزاب التي ترى أن السلطة التشريعية غير منوطة بالقيام بمهمة رئيس السلطة التنفيذية (رئيس الجمهورية)، إلا ان عدم توفر الشروط القانونية في عبد القادر بن صالح في الترشح للمنصب الأول في المرادية جعل درجة القلق منه قليلة إضافة الى مزاجه الشخصي الذي يجعل منه مجرد مكلف بمهمة غير قابلة للتحول او التغيير او الاحتهاد، ومع هذا فحرص الرئيس على عدم إبراز شخصية واحدة، دفعه الى الاستنجاد بالوزير الأول عبد المالك سلال الذي أسندت له، بالإضافة لمهام قيادة الجهاز التنفيذي، مهمة أخرى، وهي تمثيل الرئيس في مناسبات هامة، لا سيما تلك التاريخية، أهمها، الذكرى المزدوجة لتأميم المحروقات وتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين في 24 فيفري، حيث ألقى كلمة بدل الرئيس.

يضاف إلى هذا، تفويض الرئيس لوزرائه لتمثيله في الداخل والخارج (دوليا وعربيا وافريقيا) منهم، الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والافريقية عبد القادر مساهل الذي فوضه لتمثيله في منتدى كراس مونتانا بسويسرا.

ولم يقتصر الرئيس في إسناده لمهام تمثيله شخصيا على اسم بعينه، حيث وضع ثقته في أكثر من شخص، تارة من هذا الحزب أو ذاك، وأخرى من هذه المؤسسة أو تلك كما كان الحال مع محمد العربي ولد خليفة وبن صالح، وهما على التوالي، رئيس الغرفة السفلى والعليا في البرلمان، يمثلان المؤسسة التشريعية، وتارة الوزير الأول، ثم تفويض مستشاريه بالرئاسة (بوغازي، كمال رزاق بارة) قراءة رسالة رئيس الجمهورية، تمثيله في عادات دأب على حضورها كافتتاح السنتين القضائية والجامعية، عيد المرأة، وأثار الإكثار من التفويضات ارتيابا وسط الساحة السياسة.

مصطفى. ح

 

من نفس القسم الوطن