الوطن

مالي تجري انتخابات رئاسية وتشريعية شهر جويلية القادم

بهدف إعادة الاستقرار للبلاد بعد التدخل العسكري الفرنسي

 

 

 أزواد تطالب بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لتقصي جرائم التصفيات العرقية للجيش

أعلنت حكومة مالي عن إجراء انتخابات رئاسية في البلاد بتاريخ 7 جويلية المقبل، من أجل إعادة الاستقرار بالمنطقة خاصة بعد التدخل العسكري الذي قادته فرنسا وقوات إفريقية على مالي، يأتي هذا في وقت دعت فيه الحركة الوطنية لتحرير أزواد بتشكيل لجنة تحقيق دولية لتقصي ما أسمته جرائم التصفيات العرقية التي اتهم الجيش المالي بارتكابها خلال فترة التدخل العسكري الفرنسي.

وقد أكد وزير إدارة الأراضي موسى سينكو كوليبالي بأن الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة ستعقد يوم الأحد السابع من شهر جويلية، وهو الأمر الذي لقي تشجيعا من قبل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي حث على إجراء انتخابات في مالي مشددا على ضرورة عمل الحكومة على مواصلة عملية الانتقال السياسي نحو إجراء انتخابات وتسريع المفاوضات مع المجموعات غير المتطرفة في الشمال.

وسيحرص المرشحون على الفوز بأكثر من 50% من الأصوات للفوز في الجولة الأولى، وإلا فستجرى جولة ثانية بين المرشحين الحاصلين على أعلى نسبة من الأصوات، ومن جانب آخر ستنطلق الانتخابات التشريعة في 21 جويلية بجانب الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة إذا استدعى الأمر الذهاب نحوها.

وفي سياق آخر تزايدت الاتهامات في حق الجيش المالي بانتهاك حقوق الإنسان، حيث طالبت الحركة الوطنية لتحرير أزواد في شمال مالي بتشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لتقصي ما تصفها بجرائم التصفيات العرقية التي تتهم الجيش المالي بارتكابها في المناطق الخاضعة لسيطرته شمال البلاد، خاصة وأنه كثر الحديث حول انتهاك حقوق مدنيين بسبب أنهم يحوزون على أحد المظاهر الاسلامية من لحية أو لباس أو غيره بدعوى مكافحة الجماعات الارهابية بالمنطقة، وهو ما جعل العديد من المدنيين يكونون ضحايا لتصفيات بمالي، حيث قال بيان صادر عن الحركة في هذا السياق إن هذا التحقيق الدولي يجب أن ينظر أيضا في الإبادة التي تعرض لها شعب أزواد على أيدي الجيش المالي منذ اندلاع تمرد عام 1963 حتى الآونة الحالية. 

وفي سياق آخر أكد ألكسندر لوكاشيفيتش الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الروسية أن روسيا ستواصل الانفتاح على التعامل الدولي البناء في الشأن المالي، وقال إن روسيا تقدم المساعدة لجمهورية مالي في تعزيز القوات المسلحة الوطنية وأجهزة الأمن، كما تقدم لها المساعدة الانسانية أيضا، مشيرا إلى أن جلسة الوزراء الدورية في اطار مجموعة الرقابة على الوضع في مالي ستعقد في مارس القادم في العاصمة باماكو.

وكان المدير العام لشركة "روس أوبورون أكسبورت" أناتولي إيسايكين التي تدير غالبية الصادرات الروسية من الأسلحة، قد أعلن أن شركته تتباحث مع حكومة مالي بشأن توريد شحنات أسلحة إضافية، لمواجهة الوضع الأمني المتردي في الشمال، وأوضح إيسايكين أن روسيا تزود جمهورية مالي بالأسلحة الخفيفة فقط، وأشار إلى تسليم بلاده منذ أيام، أي منذ التدخل العسكري الفرنسي في شمال مالي، دفعة أولى من الأسلحة للجيش المالي، لمواجهة الجماعات المسلحة، وفي باماكو كلف النقيب حمادو هايا سانوغو الذي قاد انقلاب مارس 2012 على نظام الرئيس أمادو توماني توري برئاسة لجنة تعنى بإصلاح الجيش المالي.

وفي سياق ذي صلة، لم يستبعد خبير أمني في شؤون الإرهاب بمعهد "إلكانو" الاسباني استمرار العمليات العسكرية في شمال مالي بضعة أشهر، مشيرا إلى بداية حصد بلدان الجوار لما آلت إليه الأوضاع في مالي وتونس وليبيا في إشارة إلى حادثة الاعتداء الإجرامي في عين أميناس قبل أسابيع. 

وقال أول أمس، كبير الباحثين في معهد "إلكانو" الملكي بإسبانيا، فرناندو ريناريس، إن الحرب قد تطول في شمال مالي – وفقما نقلته عن الباحث وسائل إعلام موريتانية امس- رغم أنه ذكر بأن عوامل مختلفة ستحدد في النهاية مسار المعركة، كما استبعد إمكانية القضاء النهائي على "الجماعات الإرهابية"، لكنه رأى أنه سيتم الحد من نشاطها كثيرًا، وحرمانها من السيطرة على مساحة يناهز سكانها مليون نسمة.

وذكر ريناريس -الذي يشارك في ملتقى بالعاصمة الموريتانية نواكشوط عن "الإرهاب"- بأن التدخل العسكري الفرنسي جاء بطلب من حكومة باماكو بهدف استعادة سلطتها على جزء من ترابها الوطني، وأنه يستهدف التخلص من إحدى "بؤر الإرهاب" التي تهدد، فضلاً عن مالي، دول الجوار وربما أوروبا نفسها.

وبشأن مستقبل التدخل، رأى أن الأمر يرجع إلى مدى نجاح الجيش المالي في القيام بمهامه بشكل صحيح ومقدار الدعم الذي سيلقاه من الدول الافريقية، لكنه قلل من أهمية مخاطر تورط الغرب في مستنقع جديد، مشيرا إلى أن تلك الفرضية ضعيفة نسبيا. وبخصوص التأثيرات، على دول الجوار قال ريناريس: "إن الدول الأكثر هشاشة أمام التهديدات هي بطبيعة الحال تلك الأضعف جاهزية أمنيا والأقل وسائل، ولم يستبعد أن تساهم الظروف الراهنة في ليبيا وتونس بتسرب العديد من المسلحين إلى أراضيها. وأضاف، أن الإرهاب في العموم يشكل تهديدا ماثلا للعيان، وقد رأينا ذلك في غاو (شمال مالي) وخارج مالي"، في إشارة لعملية عين أميناس بالجزائر، التي خطف فيها مسلحون رهائن غربيين.

ورأى الخبير المتخصص في شئون الإرهاب، أن التهديد سيشتد مؤقتًا في مالي وبلدان مجاورة، تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في الأعمال العسكرية، وفي فرنسا نفسها.

أما مستقبلا، فسيكون ضعيفًا نسبيا مقارنة بمخاطر سيطرة تنظيم القاعدة على شمال مالي، الذي كان بالفعل خاضعًا لتحكمها، حيث كانت تفرض طريقتها في فهم الدين والمجتمع والعائلة وكل شيء- حسب قوله-.

وأوضح، أن البديل عن الخيار العسكري في مواجهة القاعدة "أسوأ بكثير" وسيتمثل في السماح بوجود كيان "جهادي" يقمع السكان ويهدد مالي ويهدد الخارج، ورغم أن "الإرهاب لن يختفي بين عشية وضحاها" فإن حرمان "الإرهابيين"، من السيطرة على المدن سيضعهم في موقف صعب، فسيطرة الجماعات المسلحة على أراض وسكان كثيرين تعني قدرتها على تعبئة المزيد من الموارد البشرية والمادية.

 وأعلنت اول امس وزارة الخزانة الأمريكية تجميد أي أصول في الولايات المتحدة لزعيم فرع القاعدة في مالي وحظرت على الأمريكيين إجراء تعاملات معه في خطوة تهدف إلى حرمان جماعته المتشددة من التمويل.

وتستهدف هذه العقوبات يحيي أبو الهمام الجزائري القيادي في تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" وهو فرع القاعدة في شمال إفريقيا. وقال ديفيد كوهين وكيل وزارة الخزانة لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية في بيان "لقد شهدنا المعاناة التي اوقعها جناح القاعدة في شمال افريقيا بالسكان الابرياء والرهائن الذين تحت سيطرته ونبقى مصممين على قطع التمويل الذي يحتاجه لتجنيد اعضاء جدد وتنفيذ هجمات ارهابية مستقبلا". وقالت الوزارة حسبما نقلته وكالة رويترز ان الجماعة المتشددة جنت ملايين الدولارات من خطف واحتجاز اجانب. ومن المعتقد انها تحتجز حاليا سبع رهائن فرنسيين على الاقل.


 

من نفس القسم الوطن