الوطن

أريحيّة بلخادم تزلزل ثقة خصومه وتثير عدة استفهامات

حصار أمنيّ غير مسبوق يضرب حول فندق الرياض بالعاصمة

 

 

بعد انتظار طويل وشاق وفي أجواء أمنية غير مسبوقة، عقد حزب جبهة التحرير الوطني بفندق الرياض بالعاصمة دورته السادسة للجنة المركزية، أين فشل عبد العزيز بلخادم الأمين العام للحزب بالاحتفاظ بمنصبه بعد خسارته بـ 4 أصوات فقط في تصويت تجديد الثقة فيه، إلا أنه نجح إلى حد بعيد في عدم خضوعه لجميع الضغوطات المفروضة عليه من طرف خصومه، وتمسكه بالاحتكام إلى الصندوق إلى آخر لحظة.

 

وقد شهد فندق الرياض بالعاصمة، مكان انعاقد الدورة السادسة العادية للجنة المركزية لحزب جبهة التحرير الوطني، منذ ليلة الأربعاء إلى الخميس الماضي، تعزيزات امنية مشددة عرفت حضور جميع أسلاك الأمن، من درك، وشرطة، ورجال أمن، بالزي المدني والعسكري، خوفا من وقوع مصادمات بين الاخوة الفرقاء، حيث علق وقال عبد القادر حجّار سفير الجزائر بتونس وعضو اللجنة المركزية بقوله: "الاجتماع كان محاطا بسياج أمني وبأركان حرب لم ينقل مثلها حتى إلى عين أمناس لمحاربة الإرهاب".

حيث رغم التوتر الداخلي الذي عاشه المناوئون لبلخادم والموالون له طيلة أول أمس الخميس، ورغبتهم في اخراج الكره الذي يكنّه كل طرف للطرف الآخر، إلا انهم التزموا جميعا بالانضباط  وبدى واضحا غير مسبوق، فضلا عن خضوعم بما فيهم الوزراء لنفس الإجراءات الأمنية المشددة، التي فرضت على جميع اعضاء اللجنة المركزية وممثلي وسائل الإعلام، ولم يسمح لهم بولوج الفندق إلا بعد التأكد من هويّاتهم.

أريحيّة بلخادم وهدوؤه زلزلا خصومه

بدا الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، عبد العزيز بلخادم طيلة عملية التصويت هادئا كعادته، وكأن الأمر لا يتعلق بلحظات حاسمة في مشواره السياسي، وهو يراقب من بعيد كل تحركات القاعة، حيث ظهر كالمتيقن من حسم النتيجة لصالحه وهو ما جعل خصومه يصابون بنوع من الفوبيا، وادخل في نفوسهم الشك، في عدم تحقيق هدفهم الذي ظلوا يناضلون من أجله طيلة الأعوام الثلاثة الماضية.

5 تعادلات و7 انتصارات لبلخادم

مباشرة وبعد انتهاء عملية التصويت التي دامت أكثر من 4 ساعات، شرع المحضرون القضائيون في عملية الفرز، حيث الكل يترقب، والكل على أعصابه، وهاهو الضغط الدموي يصعد تارة ويهبط تارة مع كل ورقة تصويت تعلن لصالح الطرف الخصم، وهكذا دواليك مع تأرجح النتيجة صعودا ونزولا، وتمكن بلخادم من تسجيل 7 انتصارات ضد خصومه طيلة عملية الفرز، فيما تعادل الطرفان خلال 6 مرات، قبل أن يعود من مناوئي بلخادم من جديد ويحرزون تفوقهم في خمس مرات آخرها في النتيجة النهائية بتسجيلهم 160 صوتا مقابل 156 صوتا، بعد إلغاء 7 أصوات، ورغم مواكبة كلا الطرفين جميع مراحل الفرز وقيامهم بحساب النتيجة صوتا بصوت، إلا انهما انتظروا حتى اعاد المحضرون القضائيون عد الاوراق مجددا، والإعلان عن النتيجة النهائية التي كانت مع ازاحة بلخادم من على رأس الحزب العتيد.

بلخادم: مبروك على الجبهة وأنا أغادر مرفوع الرأس

في كلمة مقتضبة بعد الإعلان عن حسم النتيجة ضده، قال عبد العزيز بلخادم وعلامات الرضا بادية على وجهه "مبروك على الجبهة، لقد كرست ممارسة الديمقراطية والتداول عن طريق الصندوق''، وأضاف"فمبروك علينا وهذه هي المنافسة الديمقراطية التي يجب أن نكرسها، وأتمنى أن يوفق من يخلفني"، واصفا خروجه من الامانة العامة للحزب بالانتصار، باعتباره كان متمسكا بموقفه ورافضا لجميع مطالب الاستقالة، وكان دائما يؤكد بأن اللجنة المركزية وحدها السيدة، وتنحيه لن يكون إلا بالصندوق كما كانت مسألة انتخابه على رأس الحزب العتيد.

31 جانفي 2005- 31 جانفي 2013... التاريخ يعيد نفسه

 

تشاء الأقدار أن تتزامن تنحية عبد العزيز بلخادم من الامانة العامة لحزب جبهة التحرير الوطني، مع الـ 31 جانفي، تاريخ انتخابه امينا عاما في عام 2005، بعد توليه تسيير الجبهة بالنيابة منذ مارس 2003 تاريخ الإطاحة بالأمين العام السابق علي بن فليس، الذي ترشح في 2004 كمترشح حر للانتخابات الرئاسية ضد بوتفليقة، كما تتزامن تنحية بلخادم مع الذكرى الأولى لرحيل الامين العام الأسبق عبد الحميد مهري، الذي وافته المنية نهاية جانفي من العام الماضي. كما تشاء الأقدار أن يكون عدد الاصوات التي خسر بها معركته هي نفس العدد الذي أطيح بها عبد الحميد مهري في ما عرف بالانقلاب العلمي عام 1996.

بلخادم يسعى لترشيح نفسه من جديد

في خرجة غير متوقعة لخصومه قرر أمس عبدالعزيز بلخادم الترشح ثانية لانتخابات الامانة العامة للحزب العتيد، التي خرج منها بعد حرب حامية الوطيس، فيما اشتد الصراع بين خصومه في الشخص الذي سيترشح باسمهم، وهذا يعتبر نجاحا ثان لبلخادم بعد أن نجح في ارغام خصومه على استكمال أشغال الدورة، خاصة وأن معارضيه أصروا على تشكيل مكتب يقوم بمهمة إدارة الدورة، التي تبقى مفتوحة إلى غاية انتخاب أمين عام جديد للحزب.

مصطفى ربيع

من نفس القسم الوطن