الوطن

الجنود الماليّون يطاردون ذوي المظاهر الإسلامية

فيما حذّرت المحكمة الجنائية الدولية من تجاوزات يرتكبها الجيش

 

 

عاد الحديث ككل الأزمات المرتبطة بمحاربة الجماعات الاسلامية المسلحة في إطار مكافحة الإرهاب، عن مطاردة للمدنيين الذين يتصفون بمظاهر إسلامية، على غرار اللحية وارتداء القشابية والسروال القصير، وهو ما يحدث بمالي حسب تقارير إعلامية تشير إلى اعتقالات يقوم بها الجنود الماليون إزاء مدنيين يعتقدون أنهم مسلحون أو ينتمون إلى الجماعات الإرهابية، بسبب ارتدائهم للباس معيّن أو مظهر ما يشير إلى الإسلام. 

ونقلت تقارير إعلامية أن مدنيين ماليين يتعرضون للاعتقال من قبل الجنود الماليين، سواء بعد أن يتم التبليغ عنهم أو عن طريق عمليات اعتقال مباشرة من قبل الجنود الماليين، وأشارت نفس التقارير أن هؤلاء يتم إطلاق صراحهم بعد تسجيل محاظر بشأنهم، وبعد ثبوت أنهم لا يرتبطون بالجماعات الاسلامية، إلا أن ذلك يتم بعد الإساءة إليهم والتهديد بتصفيتهم.

ومن ضمن هؤلاء نقلت قناة فرانس 24 أمس حالة رجل عجوز من ديبالي تم اعتقاله من قبل أحد الجنود الماليين لأنه يملك لحية على وجهه، وروى الرجل العجوز أنه تعرض للإعتقال حينما كان خارجا من زيارة صديق، وخلال سيريه على الطريق العام اعترضه جندي ليطلب أوراقه الثبوتية فقدمها له، إلا أن الجندي تحول فجأة إلى شخص عنيف وأخذ يصرخ "أنت إرهابي وسأقتلك"، ويضيف العجوز أن الجندي إنهال عليه بالضرب بالعصا التي كان يحملها بعد أن انتزعها من يده، حتى سال الدم من رأسه، وتابع العجوز يقول إنه في البداية لم يفهم ما يحدث له خاصة وأنه يقيم في ديابالي منذ 40 سنة، أما الجندي فغريب عن المدينة. 

ويروي أحد مصوّري الأفراح والمناسبات الدينية المعروف في ديابالي أنه سمع صراخا، وحين وصل إلى مصدره كان جندي يصرخ ويهدد صحافية بيضاء البشرة طلبت منه التوقف عن ضرب ذلك العجوز، وأخبرهم المصور أنه والد زوجته.

وبعد انتزاع الجندي آلة التصوير من يد المصور ورفعه الحزام في وجهه، في تلك اللحظة بدأ العجوز في الركض صوب مركز للجيش وتدخل عدد من الجنود حاولوا تهدئة زميلهم الجندي، وهي حالة من حالات مطاردة الجنود الماليين لمن يملك مظاهر إسلامية بمالي.

وكانت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية تحدثت عن تجاوزات قد يكون ارتكبها الجيش المالي، في إطار النزاع الذي يمزق هذا البلد وطالبت السلطات المالية بفتح تحقيق حول هذه المسألة، داعية السلطات المالية إلى وضع حد فوري لهذه الأعمال المزعومة وإلى إجراء تحقيقات وملاحقة الأشخاص المسؤولين عنها.

وفي سياق متصل، افتتح أمس الثلاثاء بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا مؤتمر الدول المانحة لمالي، لتباحث قيمة المخصصات المالية الضرورية لمواصلة التدخل العسكري الذي تقوده فرنسا، وقيمت التقديرات التي تم تقديمها خلال افتتاح المؤتمر كلفة العمليات العسكرية بمالي بقيمة 950 مليون دولار، وهي تقديرات أولية لتكلفة حرب مجهولة متى وكيف ستنتهي، خاصة وأن البلدان الكبرى كبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية اكتفى بالدعم اللوجيستي فقط.

وفي هذا الصدد قال الحسن وتارا رئيس ساحل العاج ورئيس المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إكواس" خلال افتتاحه أشغال المؤتمر، إن المهمة العسكرية تحتاج على الأقل إلى 950 مليون دولار، مشيرا إلى أن مهمة التدخل العسكري تحتاج إلى عشرة آلاف جندي على الأقل لتخليص مالي من قبضة القوات المسلحة، وهو ما يفوق بكثير عدد القوات الأفريقية التي كان من المخطط إرسالها لمالي والمقدرة بـ 3300 جندي. ويأتي هذا في وقت ترفض فيه الدول الإفريقية أيضا تمويل هذه الحرب بما فيها الدول التي وافقت على إرسال جنودها في إطار المجموعة الاقتصادية لإكواس، راغبة في أن تتولى دول أخرى تمويل الحرب.

ويشارك في أشغال المؤتمر الذي يتم تنظيمه على هامش انعقاد القمة الإفريقية دول أفريقية، وكذلك الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة، وكذا فرنسا واليابان والولايات المتحدة.  وقد افتتح اللقاء رئيس الوزراء الأثيوبي هايلي مريم ديسالين الذي تولى الرئاسة الدورية للاتحاد الأفريقي، ويعتبر تمويل التدخل العسكري على مالي أحد النقاط التي لازالت غير واضحة، خاصة وأن الإتحاد الأوروبي فقط من وعد بتمويل بـ50 مليون أورو لإعادة بناء الجيش المالي، وكذا الاتحاد الأفريقي الذي أعلن سابقا عزمه المشاركة في دعم المهمة العسكرية في مالي بخمسين مليون دولار، في حين لم تعلن أي دولة عن مشاركتها في تمويل هذه الحرب للقضاء على الجماعات المسلحة. 

وفي نفس السياق أعلنت الحكومة اليابانية أمس عن تقديم 120 مليون دولار للمساعدة على إرساء الاستقرار في مالي والساحل، حيث عبّر وزير الخارجية الياباني فوميو كيشيدا في مؤتمر صحافي عن أمله في أن تسهم هذه المساعدة في تعزيز مهمة الدعم الدولية في مالي، وتقلل الفقر الذي يمكن أن يشكل تربة للإرهاب، كما وافق صندوق النقد الدولي على منح مالي قرض طوارئ بقيمة 18 مليون دولار، وأعرب عن أمله في أن تشجع هذه الخطوة جهات مانحة دولية أخرى.

 وعلى صعيد آخر وفي اليوم الثامن عشر من العملية العسكرية أعلنت الرئاسة المالية أن قواتها والقوات الفرنسية دخلت مدينة تمبتكو في شمال البلاد، وقالت رئاسة أركان الجيوش في باريس إن القوات الفرنسية والمالية باتت تسيطر على المنطقة بين تمبكتو وغاو، وهما المدينتان الرئيسيتان في شمال البلاد، وأسفرت المعارك في غاو، عن 25 قتيلا في صفوف المسلحين.

من جهة أخرى، قال الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إن مهمة التعامل مع المسلحين في شمال مالي ستقع على عاتق القوات الأفريقية فور استرداد البلدات الرئيسية في هذه المنطقة.

وأشار هولاند إلى أن القوات الفرنسية ستتراجع بمجرد الانتهاء من مهمة استرداد البلدات الرئيسية، لتفسح المجال أمام الأفارقة مع بقاء فرنسا للقيام بمهام للتدريب والتوجيه. 

من جانب آخر كشفت تقارير إعلامية أمس أن بريطانيا تنوي إرسال مائتي عسكري إلى غرب أفريقيا، من بينهم العشرات إلى مالي لمساعدة فرنسا على تدريب القوة الأفريقية المكلفة بمواجهة المسلحين، وأكد رئيس الوزراء ديفيد كاميرون للرئيس الفرنسي أن المملكة المتحدة سوف تقدم المزيد من المساعدة لفرنسا في مالي.

نسيمة. و

 

من نفس القسم الوطن