الوطن
قبائل شمال المالي يبحثون في ادرار سبل حل الأزمة
في ظل دعوة مجلس الأمن لنشر قوة دولية إفريقية لمواجهة الوضع
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 11 جانفي 2013
• رئيس وزراء مالي في الجزائر لتباحث خطر التهديدات الإرهابية
التقى ليلة الخميس إلى الجمعة بولاية أدرار، أعيان قبائل شمال المالي لبحث سبل حل الأزمة بهذه المنطقة الواقعة بالساحل الإفريقي وذلك بحضور شيوخ وأعيان من مناطق أدرار وتمنراست، واستأنفت امس الجمعة جلسة الحوار بين الأطراف المعنية بمقر زاوية مولاي توهامي غيتاوي، حيث تم التوصل الى تشكيل مجلس الأعيان لمباشرة عمل ميداني في سبيل تحقيق المصالحة بين أطراف النزاع بشمال دولة مالي.
ويهدف هذا اللقاء الذي يأتي بمبادرة من حزب الاتحاد من أجل الديمقراطية والحريات وزاوية الشيخ مولاي توهامي غيتاوي الذي يعد رئيس اللجنة الوطنية للعقلاء والأعيان بالجنوب الجزائري إلى إعطاء فرصة لأعيان المنطقة والمرجعيات المجتمعية بالساحل الإفريقي من أجل إيجاد حل سلمي للأزمة القائمة بشمال دولة مالي بما يرضي جميع الأطراف المتنازعة في إطار وحدة التراب المالي وسلامة أراضيه تجنيبا للمنطقة من تربصات الجماعات الارهابية. وناقش اللقاء سبل الاتفاق بين أطراف النزاع على مجموعة من البنود المقترحة والمعتمدة كخارطة طريق لحل كل الخلافات بعد الإمضاء عليها من طرف كل الأطراف المعنية.
وشملت هذه المقترحات المعنونة بـ "مسودة مشروع المصالحة الوطنية المالية" الاتفاق على جملة من البنود التي تشمل بالأساس مناقشة مطالب كل طرف من أطراف النزاع والتخلي عن العنف وعدم المساس بوحدة التراب المالي وتقديم ضمانات من الحكومة المالية بعدم المتابعة القضائية أو تهديد أمن كل مجموعة تتخلى عن السلاح، كما بحث اللقاء مسألة اللاجئين الماليين وتقديم لهم كافة المساعدات الضرورية إضافة إلى مناقشة هذه البنود مع الحكومة المالية لبحث الحلول المقترحة للأزمة وكيفية تطبيقها على أرض الواقع.
وقد جرى اللقاء تحت إشراف شيخ الزاوية مولاي توهامي غيتاوي الذي أكد أن الضمير الإنساني يحتم على الجميع تكثيف الجهود وتوحيدها من أجل إنهاء الخلاف القائم بين الإخوة الفرقاء بشمال دولة مالي المجاورة والتي تربطها علاقات تاريخية وأخوية متينة مع الجزائر. وأكد المتحدث ذاته أن الجزائر تحرص على إيجاد حل لهذه الأزمة القائمة بين طرفي النزاع والمتمثلين في حركة تحرير أزواد وحركة أنصار الدين إيمانا منها بأن الفتنة لا تولد إلا مزيدا من حالة عدم الاستقرار والمعاناة، مشددا على ضرورة مساهمة كل الأطراف في تحقيق مصالحة مالية تضمن حقوق كل أطياف الشعب المالي في العيش في جو أخوي دون إقصاء أو تهميش. وأضاف المتحدث ذاته أن إطلاق هذه المبادرة اقتضى استدعاء كل المعنيين من شيوخ قبائل وعشائر قصد الدخول في حوار جدي وهادف يتوج بتشكيل مجلس أعيان يسهر على تحقيق مشروع المصالحة بين كل الأطراف المعنية بالوضع القائم بشمال مالي من خلال الدخول في حوار مباشر مع المعنيين والوصول إلى إعداد تقرير مفصل عن أسباب الأزمة ومطالب كل طرف ليتم رفعه إلى الجهات العليا.
وخلال هذا اللقاء الذي استمر إلى ساعة متأخرة من الليل، أكد الحاضرون من أعيان مناطق أدرار وتمنراست وايليزي وشمال دولة مالي الأهمية البالغة لهذه المبادرة التي تبرز النية الحقيقية في التوصل إلى حل نهائي سلمي للأزمة بشمال مالي يرضي الجميع، وفي هذا السياق وجه الحاج محمد أخموخ من أعيان منطقة تمنراست دعوة إلى أطراف النزاع أكد فيها على ضرورة تغليب منطق الحوار البناء و"الهادئ" من أجل تجسيد المصالحة بدولة مالي بما سيضمن أمن واستقرار منطقة الساحل الإفريقي، مذكرا في الوقت ذاته بالجهود الجبارة التي تبذلها الجزائر من أجل إحلال الاستقرار بالمنطقة.
من جهته ثمن رئيس مركز الشيخ سيد امختار للبحث والتوثيق بمنطقة قاو شمال مالي السيد كونتا الشيخ بن همادة هذه الجهود التي يبذلها الأعيان، مشددا على الأهمية البالغة لهذه الخطوة في الوقت الراهن حفاظا على الأمن والاستقرار بالمنطقة وضمانا لحقوق كل أطراف النزاع، أما الحاج معروف ايداوعلي من أعيان منطقة أدرار، فقد أعرب عن أمله في تكليل هذه الجهود بالنجاح، مشيرا إلى أن حضور المدعوين من مسافات بعيدة دليل حي آخر على توفر نية صادقة للتوصل إلى الحل للوضع القائم بهذه الدولة المجاورة.
في سياق متصل، يصل غدا الوزير الاول المالي ديانغو سيسوكو، الذي تم تعيينه منذ شهر، الى الجزائر في زيارة عمل تستمر إلى غاية الاثنين، وسيكون مرفوقا بعدد من الوزراء والمسؤولين الماليين، يأتي هذا في وقت حث فيه مجلس الأمن الدولي على نشر بعثة دولية بقيادة أفريقية في مالي بشكل عاجل، بسب تقارير تفيد بوجود تحركات عسكرية وهجمات من جماعات إرهابية ومتطرفة في الشمال.
ووجه الوزير الأول عبد المالك سلال دعوة لنظيره المالي ديتنغو سيسوكو في وقت يعرف مزيد من التأزم للأزمة بمنطقة شمال مالي، مما يطرح تساؤلات حول إذا ما كانت الجزائر ستبقى متمسكة بموقفها الداعي لرفض التدخل العسكري على منطقة شمال مالي، خاصة وأن التقارير تكشف عن تحركات عسكرية وهجمات من جماعات إرهابية ومتطرفة شمال مالي، وهو ما دفع مجلس الأمن خلال اجتماع له إلى إبداء مخاوفه والدعوة إلى نشر قوة دولية إفريقية بشكل عاجل، للوقوف أمام التهديدات الإرهابية بمنطقة شمال مالي، وهذا أمام التدهور الخطير للوضع على الأراضي المالية.
وفي ظل هذه الأوضاع تأتي زيارة الوزير الأول المالي للجزائر غدا الأحد، في سياق الحث عن سبل وامكانيات تعزيز التعاون بين بلدان الميدان والشركاء غير الاقليميين، للقضاء على الارهاب والجريمة المنظمة اللذين يشكلان تهديدا للاستقرار والامن في منطقة الساحل. وقال بيان لصالح الوزير الأول، إن هذه الزيارة ستكون فرصة للطرفين لتبادل معمق لوجهات النظر حول الوضع في شمال مالي، والجهود الجارية لتسوية الازمة المتعددة الابعاد التي يواجهها هذا البلد، كما ذكر البيان أن الوزيرالاول المالي سيكون مرفوقا بوفد هام يضم وزراء الدفاع الوطني والادارة الاقليمية والتجهيز والنقل، إلى جانب مسؤولين سامين مدنيين وعسكريين، وأوضح ذات المصدر أن هذه الزيارة تندرج في اطار المشاورات السياسية المنتظمة بين البلدين، وستسمح باستعراض حالة التعاون الثنائي وكذا افاق تعزيزه وتوسيعه.
وكان مجلس الأمن الدولي قد حث في بيانه على نشر بعثة دولية بقيادة أفريقية في مالي بشكل عاجل، وأدى في بيان له قلقه إزاء التقارير التي أفادت بحدوث تحركات عسكرية وهجمات من جماعات "إرهابية ومتطرفة" في شمال مالي، وخاصة سيطرة تلك الجماعات على مدينة كونا قرب موبتي.
كما دعا مجلس الأمن الدولي في بيانه جميع الدول الأعضاء للمساعدة في حل الأزمة في مالي، وبخاصة تقديم المساعدة لقوات الأمن والدفاع المالية للحد من التهديدات، التي تمثلها الجماعات الإرهابية والمجموعات المرتبطة بها، وأعرب أعضاء المجلس عن عزمهم على السعي إلى التطبيق الكامل لقراراته حول مالي وخاصة القرار رقم 2085 بكل أبعاده، كما دعا إلى وضع خارطة طريق سياسية متفق عليها، تتضمن إجراء مفاوضات جادة مع الأطراف المالية غير المتطرفة في الشمال، وتؤكد على الاستعادة الكاملة للحكم الديموقراطي، وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى بالإجماع الشهر الماضي القرار رقم 2085، الذي يسمح بنشر بعثة دعم دولية في مالي بقيادة إفريقية لفترة أولية مدتها عام واحد.
نسيمة. و