الوطن
إشارات فوقية دعمت التصحيحية ودفعت بأويحيى للاستقالة
صاحب "المهمّات القذرة" خرج بقرار مفاجئ بعد أشهر من الصمت
- بقلم جريدة الرائد
- نشر في 04 جانفي 2013
كثرت التحليلات مند بدأ مسار الحركة التصحيحية داخل بيت التجمع الوطني الديمقراطي، واتساع دائرتها في الآونة الأخيرة عن من يقف وراءها ووراء تحقيق هدفها، المتمثل في الإطاحة بأمينها العام أحمد أويحيى الذي قرر أخيرا تقديم استقالته من قيادة الحزب في قرار مفاجئ مع بداية السنة الجديدة.
واعتبر محللون أنه من المرات القليلة التي يحدث فيها إجماع لدى الجهات النافذة وأصحاب القرار على ضرورة إبعاد شخصية سياسية من على رأس الحزب، وهذه المرة كان الاتفاق على ابعاد أويحيى من على رأس الأرندي، وهذا في وقت كان يرى فيه البعض أن أحمد أويحيى الذي رافع لصالح ترشح عبد العزيز بوتفليقة سنة 1999 هو والمجموعة التي اشتغلت في المحافظة السياسية للجيش الوطني الشعبي، والتي كان من عناصرها الجنرال تواتي والجنرال جوادي وآخرين، واعتبروا ساعتها أن أويحيى من بين الاطارات الجدد الذين يمكن لهم أن يقدموا تصورات لقيادة البلاد.
وتقول مصادر إن هذه الأطراف خاصة الجنرال تواتي عملت إلى آخر لحظة من اجل ابقاء اويحيى في سباق رئاسيات 2013، كما بذلت قصارى جهدها في محاولة استرضاء الشخصيات التي قادت الحركة التصحيحية داخل صفوف الأرندي من خلال إغرائهم بمناصب جديدة سواء داخل الحزب أو مناصب بالدولة، ولكن جواب هؤلاء كان واضحا، مما دعم القراءة بأن التوجيه كان من أعلى المستويات. وفي هذا الصدد قرأ البعض في اعادة الأمينة العامة لاتحاد النساء الجزائريات نورية حفصي لبعض المهام وهي أحد الأفراد الذين عملوا على الإطاحة بأويحيى، والتي تنحدر من ولاية سعيدة بالإشراف على البعثة البرلمانية الصينية من طرف الرئاسة، والتكفل بكل المصاريف المتعلقة بها واستمرار ترددها على المرادية، بأنها تكون قد تلقت توجيهات من جهات معينة في الرئاسة، ويكون أويحيى قد فهم الرسالة خاصة في ظل انعدام التواصل بينه وبين قصر المرادية.
جهات أخرى محسوبة أيضا على طرف آخر في السلطة تكون بدورها قد ساهمت في الدفع بأويحيى نحو الاستقالة، والتي تجسدت في شخصية يحيى قيدوم الأستاذ والطبيب الذي يحظى بدعم هذه الجهات وبعلاقاته الخاصة بها، والتي يكون لها أثر أيضا على استقالة أويحيى، إضافة إلى كونه ينتمي إلى الجهة الشرقية للبلاد ولازالت تربطه علاقة مع الجنرال محمد بتشين، الذي تشير أوساط إعلامية بأن له يدا في ما يحدث داخل بيت الأرندي.
لقد أزال تنصيب وزير الصحة الأسبق الاستاذ الطبيب يحيى قيدوم منسقا عاما للحركة التصحيحية للأرندي صبغة الجهوية، التي طغت على الحركة التصحيحية باعتبار أن غالبيىة أفرادها كانوا ينتمون إلى منطقة الغرب الجزائري، وهو ما أعطى الحركة مزيدا من الوزن، خاصة بعد شروعها في هيكلة نفسها بشكل جيد وتحضير نفسها للإطاحة بأويحيى.
وأجمعت كل هذه الأطراف على أن إبعاد الأمين العام للأرندي من على رأس قيادة الحزب سيقلل من السيناريوهات، التي تقول بأنه بصدد التحضير لمهام أخرى على غرار الترشح لرئاسيات 2014، ومن جهة أخرى وبالنظر للمسار السياسي لأحمد أويحيى كرئيس حكومة بفترتين (1995-1998)، (2003-2006) ووزير أول سابق (2008-2012) بفترة أخرى، يلاحظ أنه لم يحظ بالشعبية الضرورية للتربع على كرسي الرئاسة لـ 2014، هذا فضلا عن اللقب الذي لازمه طيلة سنوات بوصفه بـ"رجل المهمات القذرة"، في إشارة للمهام التي تولاها خلال التسعينات، أين كان يطبق توصيات صندوق النقد الدولي بلا هوادة، كما لم تشفع له السنوات الطويلة في الحكم منذ سنة 1995 من كسب تأييد الرأي العام الوطني، وهي كل العوامل التي تقلل من سيناريوهات رجوعه للحكم، بعد استبعاده من منصب الوزير الأول خلال التعديل الحكومي لـ 3 سبتمبر 2012، والذي عين من خلاله رئيس الجمهورية عبد المالك سلال كوزير أول.
ولم ينتظر أويحيى اتساع دائرة الرفض أكثر داخل بيت للتجمع الوطني الديمقراطي ليقدم استقالته، خاصة بعد انضمام وزراء سابقين وسيناتورات للحركة التصحيحية للإقدام على هكذا قرار، وهذا بعد شهور من الصمت حيث يلاحظ أن الأمين العام للأرندي أحمد أويحيى يرفض عادة التعليق على الحركة التصحيحية منذ ميلادها، سواء من خلال خطاباته الرسمية أو حتى من خلال البيانات التي يصدرها، وجاء قرار أويحيى استباقيا للقاء الذي كان من المقرر أن تعقده الحركة التصحيحية للأرندي، وهذا قبل انعقاد الدورة العادية للمكتب الوطني للأرندي.