الوطن
رمضان الهمم ...
- بقلم ايمان سايح
- نشر في 19 مارس 2025

يشهد شهر رمضان في الجزائر كما في باقي الدول العربية، تزايداً في روح التضامن والتكافل الاجتماعي، حيث يحرص الجميع على تعزيز أواصر المحبة بين أفراد المجتمع. ومع هذه الأجواء الإيمانية، تظهر فئة لا نراها دائماً في الواجهة، ولكنها تقدم مساهمات لا تقل أهمية عن الآخرين، بل تتسم بالكثير من الصبر والقدرة على التكيف مع الظروف الصعبة. هذه الفئة هي فئة الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة الذين يتحدون مصاعب الحياة اليومية، وفي رمضان يقدمون نموذجاً في العطاء والصبر يستحق أن يُحتفى به.
وهم يحتفون بيومهم الوطني، يواجه الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة تحديات مضاعفة خلال شهر رمضان، وهو شهر يتطلب من الجميع مجهودات جسدية ونفسية، فكيف إذا كانت الظروف الصحية أو الحركية تحد من قدرة البعض على المشاركة في الأنشطة اليومية التي عادة ما ترافق الشهر الكريم؟ الصيام، على سبيل المثال، قد يشكل تحدياً إضافياً لذوي الهمم، إلا أن الكثير منهم يظهرون صبراً استثنائياً في مواجهة هذه التحديات، لا سيما في ظل تقاليد الشهر المبارك التي تحث على الصبر والتسامح.
رغم تلك التحديات، لا يتوقف ذوو الاحتياجات الخاصة عن المشاركة في الحياة الاجتماعية، بل غالباً ما يقدمون مساهمات قيمة في مجالات متنوعة. ففي الشهر الفضيل، يعمل العديد منهم في الوظائف المختلفة، سواء في القطاع العام أو الخاص، رغم التحديات التي يواجهونها في التنقل أو في التكيف مع أوقات العمل الطويلة. وهم بذلك يساهمون بشكل فعّال في دعم الاقتصاد الوطني والمجتمع.
ولا تقتصر مسؤولية رعاية الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة على الدولة فقط، بل تتطلب تضافر الجهود بين المجتمع المدني، الإعلام، والمؤسسات الحكومية لتوفير بيئة اجتماعية داعمة. إن تعزيز حملات التوعية والتثقيف المجتمعي يمكن أن يساهم بشكل كبير في تقليل الفوارق بين الأفراد، وتعزيز ثقافة الشمول الاجتماعي. ففي شهر رمضان، الذي يتسم بروح التعاون، يمكن أن نرى كيف أن دعم ذوي الاحتياجات الخاصة يجب أن يكون جزءاً أساسياً من فلسفة العطاء في هذا الشهر المبارك.
إن تحقيق دمج فعّال للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع يتطلب منا جميعاً أن نعمل يداً بيد لتقديم الدعم والمساندة. يجب أن يكون رمضان فرصة لإعادة النظر في كيفية تسهيل حياة هذه الفئة وتمكينها من المشاركة بشكل كامل في الحياة الاجتماعية والاقتصادية. وعليه، تظل الدعوة المستمرة لتفعيل القوانين، وتحسين ظروف العمل والرعاية، إضافة إلى إشراك المجتمع في هذه العملية، من أولويات العمل المشترك الذي يحقق الرفاهية والتكامل المجتمعي، ويبقى أن نذكر، أنه مهما كانت التحديات التي يواجهها الأشخاص ذوو الاحتياجات الخاصة، إلا أنهم يظلون قوة حية وملهمة في مجتمعنا، حيث يقدمون نموذجاً في الصبر والعطاء خلال شهر رمضان.