الوطن
أزمة نقل حادّة ومواطنون تحت رحمة "التطبيقات" و"الكلونديستان"
بعد تحويل أغلب الحافلات للرحلات الاستجمامية تزامنا مع عطلة الشتاء
- بقلم حياة س
- نشر في 31 ديسمبر 2023
تعيش أغلب خطوط النقل في الجزائر هذه الأيام على وقع اختلالات وأزمة نقل خانقة منذ بداية عطلة الشتاء الحالية، حيث لوحظ تحويل وجهة عدد معتبر من الحافلات إلى تنظيم رحلات استجمامية من قبل الوكالات السياحية في إجراء غير قانوني في أغلب الأحيان، ما أفرز تقلص عدد الحافلات التي تعمل على خط واحد وخلف أزمة نقل حادّة أربكت العمال والموظفين غير المعنيين بهذه العطلة وجعل الكثيرين منهم تحت رحمة شركات النقل عبر تطبيقات الهاتف أو "الكلونديستان".
طبع عطلة الشتاء لهذه السنة التي ستستمر حتى 7 جانفي الداخل، مشكل نقص وسائل النقل العمومي والخاص، مما اضطر الكثير من العمال والموظفين إلى عدم الالتحاق بمناصب عملهم والبعض الآخر إلى التغيب قسرا، بينما يصل الكثيرون في وقت متأخر بسبب شح ونقص الحافلات التي تعمل على خط واحد، ففي أكبر محطات النقل البري بإقليم ولاية الجزائر العاصمة والمعروفة بمحطة "تافورة" لوحظ اكتظاظ كبير وطوابير بالعشرات من المواطنين متجمهرين أمام اللافتات التي تحدد وجهتهم التي يظهر فيها غيابا كبيرا في الحافلات. ما يضطر الكثير من المسافرين للوقوف لساعات طويلة في انتظار إيجاد وسيلة نقل وهي الظاهرة التي قال عنها بعض المواطنين الذين يستعملون هذه المحطة في تنقلاتهم اليومية أنها بدأت منذ السبت الماضي أي في أول أيام عطلة الشتاء الحالية، والتي تتزامن مع احتفالات نهاية السنة، بينما يقول آخرون أنهم يعيشون على هذا الوضع منذ أكثر من أسبوع ما أدخلهم في حالة طوارئ وحالة من التوتر شبه يومية نتيجة غياب وسائل النقل ونقصها في بعض الأحيان وهو المشكل الذي لا يعد وليد اللحظة بل يتكرر كل سنة في الفترة نفسها. ويوضح البعض الآخر أنهم في أغلب أيام الأسبوع الماضي من هذه العطلة كانوا تحت رحمة الناقلين غير الشرعيين سواء الذين يعملون مع شركات النقل عبر تطبيقات الهاتف مثل "يسير"، "يانقو"، "هيتش" وأخواتها أو "الكلونديستان".
وبحسب ما يتداوله هؤلاء فإن أسباب هذه المشكلة تعود أيضا إلى عوامل أخرى منها الزيادة الكبيرة في الطلب على وسائل النقل خلال هذه الفترة من السنة، وكذلك تراجع عدد الحافلات المتاحة للعمل بما فيها تلك التي يتم تسييرها من قبل القطاع العمومي بسبب الصيانة والإصلاحات الضرورية أو الاهتراء الذي يجعل بعض الحافلات تعمل يوما واحدا في الأسبوع.
وإن اختلفت الأسباب فإن الوضع بالنسبة للكثيرين واحد ومتكرر وهو ما يستوجب وضع حدّ جذري له، خاصة فيما يتعلق بمسألة تحويل الحافلات التي تعمل على شبكة خطوط النقل البري في هذا الوقت من السنة للعمل لصالح وجهات أخرى ورفضهم تقديم الخدمة الأساسية التي يحوزون على رخصة لاستغلال هذه الخطوط، سواء حازت على ترخيص من قبل مصالح مديريات النقل للعمل مع الوكالات السياحية أو تم ذلك بطريقة غير قانونية عبر قيام الوكالات السياحية بكراء هذه الحافلات لتغطية العجز المسجل في حظيرة النقل لديها مع كثرة الإقبال على العروض التي تقترحها نحو وجهات استجمامية وحمامات معدنية ومناطق السياحة الحموية التي تحرص الأسر الجزائرية على التوجه إليها خلال العطلة.
ورغم أن هذه الخطوة الأخيرة إيجابية بشكل عام، خاصة وأنها تساهم في تعزيز السياحة الداخلية وتشجيع الناس على استكشاف مناطق جديدة والاستمتاع بالأماكن السياحية، إلا أنها أثارت مخاوف بشأن نقص الحافلات في تقديم الخدمة النقل البري المنوطة بها.
ولأجل ذلك تقول السيدة صبرينة. ك أنه من الضروري أن تتخذ الجهات الوصية إجراءات صارمة للتعامل مع هذا التحويل وضمان توفير الحافلات الكافية لتلبية احتياجات النقل العام والسياحي في نفس الوقت لتحقيق التوازن بين الطلبيات المختلفة سواء خدمة النقل أو خدمة السياحة التي تبقى على عاتق الوكالات السياحية.
علاوة على ذلك، تؤكد المتحدثة على ضرورة وضع قوانين وضوابط صارمة لتنظيم عمليات تأجير الحافلات وتحديد الحد الأقصى لعدد الحافلات التي يمكن تأجيرها في نفس الوقت، وتضيف أنه يجب أن تكون هناك رقابة صارمة على تنفيذ هذه القوانين وتطبيق العقوبات على المخالفين خاصة من قبل الجهات الأمنية وعبر الطرقات.
هذا ويحمل حمزة. ل في حديثه معنا حول هذه المعضلة بالقول أنه أصبح يقضي أكثر من ساعة من الزمن في محطة النقل من أجل التنقل إلى عمله، مشيرا إلى أن هذا الوضع الذي يعاني منه منذ أسبوع وضعه في الكثير من الأيام تحت رحمة شركات نقل الأشخاص عبر تطبيقات الهواتف النقالة، أو ما يعرف بـ"في تي سي" التي تعتمد على الطلب والعرض، مما يجعل الأسعار مرتفعة وغير مستقرة من يوم إلى آخر وبين فترة زمنية وأخرى في اليوم الواحد وهو وضع أشار إلى أنه وجب صعوبة في التعامل معه خاصة وأنه مع نهاية الشهر.
ورغم كثرة تطبيقات النقل التي تعمل في الجزائر وتعددها إلا أن أسعارها ارتفعت بشكل لافت في الآونة الأخيرة، ومرد ذلك هو نقص السائقين الذين يتعاملون بهذا النوع من التطبيقات في الآونة الأخيرة، بعد نزوح شبه جماعي من قبل الزبائن من متعامل إلى آخر ثم العودة إلى أساليب النقل التقليدية سواء سيارات الأجرة أو الخواص الذين يعرفون بـ"الكلونديستان".
في وسط العاصمة الجزائرية، أكد سائق عبر أحد التطبيقات المتخصصة "هيتش"، محمد. خ. أن العمل عبر هذه التطبيقات أصبح شبه مستحيل خاصة وأنهم أصبحوا في معركة شبه يومية مع مصالح الأمن التي سحبت منه شخصيا رخصة القيادة مرتين في ظرف 4 أشهر وهو وضع لم يعد قادر على التعامل معه، ولأجل ذلك قلّ استغلاله للعمل عبر هذا الخط.
وأوضح أن الوضع هذا أصبح اليوم عام لدى العشرات من المتعاملين، مشيرا أن الأوقات التي يستغلها في العمل عبر هذا التطبيق تخص فقط الزبائن الموثوقين ذلك أن مصالح الشرطة لن تقوم بتوقيف السائق إلا إذا لاحظ وجود زبون أو زبونة يتواجدون في المقاعد الخلفية للسيارة وفي حالة الشك يتم إيقافه والاستفسار عن طبيعة الأشخاص الذين يتواجدون معه ويضيف المتحدث قائلا أن بعض الزبائن يرفضون التمويه بالقول أنهم أقارب لي أو جيران ما يضعني كسائق في موقف صعب.
ويشير هنا إلى أن الزبائن الموثوقين لا يجدون حرجا في الجلوس في المقعد الذي أمام السائق وهو تصرف يغنيني عن الاستفسار في حالة ما تم توقيفي من قبل عناصر الشرطة.
هذه الظروف التي سردها السائق محمد. خ لا تختلف عن معاناة يومية لأغلب السائقين الآخرين الذين يعتمدون على نقل الأشخاص عبر تطبيقات الهواتف النقالة، وهو ما دفع بالكثيرين منهم إلى التوقف عن القيام بهذا النوع من الخدمات التي كانت إلى وقت قريب ملاذ الكثير من المواطنين خاصة في فترات العطل التي يفضل البعض منهم الخروج والتنقل عبر وسائل النقل التي تقدمها تطبيقات الهاتف النقال والابتعاد قليلا عن الحافلات ووسائل النقل التقليدية، غير أن غياب الإطار القانوني لعمل هذه الشركات لا يزال يرهن خدمات النقل في الجزائر على الوسائل التي كانت قبل ظهور "هيتش" و"يسير" وأخواتها.