الوطن

ركود "مُزمن" بسوق الملابس الجاهزة خارج مواسم الأعياد

التجار يشتكون كساد السلع والزبائن غلاء الأسعار

يُطرح بسوق الألبسة الجاهزة كل موسم شتاء مشكل الركود كساء السلع بسبب عدة عوامل منها عوامل مُرتبطة بالتداخل الواقع في فصول السنة وأسباب أخرى تتعلق بأسعار هذه المنتجات والتي ترتفع من سنة لأخري بمعدلات غير معقولة دون أي ضوابط وهو ما جعل "الكسوة" تتذيل ترتيب قائمة أولويات الجزائريين.

وعلى مدار الثلاث سنوات الماضية يعرف سوق الملابس الجاهزة خارج مواسم الأعياد والمناسبات الاجتماعية ركودا حادا فهذه السنة ومنذ بداية فصل الخريف تعرف الالبسة الشتوية نوع من الكساد جراء التداخل الواقع في فصول السنة من جهة وكذا بسبب عوامل أخرى مرتبطة بتنظيم هذا السوق فالأسعار بدورها باتت سببا رئيسيا في احجام الجزائريين عن اقتناء الملابس الجاهزة حيث أصبحت "الكسوة" تتذيل قائمة ترتيب أولويات الجزائريين هذه الوضعية انعكست بطريقة مباشرة على واقع السوق والذي اصبح فيه التجار يتكبدون خسائر بالجملة كل موسم شتاء.

   "ثروة" لاقتناء "كسوة"

ولرصد واقع السوق تنقلت "الرائد" أمس بين العديد من المحلات بالعاصمة وعبر المناطق التي تشتهر بأنها نقاط مرجعية لتجارة الملابس، وقفنا على ارتفاع كبير في الأسعار هذه السنة ايضا  وشكوى متكررة للمواطنين من مبالغة التجار في هوامش ربحهم وزيادة الاسعار دون أي معايير منطقية، وحسب ما رصدناه فإن تكلفة معطف نسائي باتت لا تقل عن 15 آلاف دج، وقد تتعدى ذلك إلى 30 ألف دج، حسب نوع "الماركة"  بينما تنطلق أسعار "البناطيل" من 3500 دج وتتباين أسعار "الكنزات" بين 2500 دج حتى 5500دج، وبالنسبة للملابس الرجالية فان الاسعار أشد ارتفاعا فالمعاطف على اختلاف انواعها باتت تبدأ من مليوني سنتيم وقد تصل لسقف 5 ملايين سنتيم بينما تترواح اسعار البناطيل بين 5000دج و12000دج.

ملابس الأطفال الأكثر ارتفاعا في الأسعار

وبالنسبة لأسعار ملابس الاطفال فان هذه الاخيرة قد نالت النصيب الوفر من ارتفاع الاسعار حيث من الواضح ان بعض التجار استغلوا اجبارية بعض الأولياء تجديد خزانات اطفالهم كلما تقدموا في السن لجلدهم بزيادات غير مبررة فالأسعار فسراويل الأطفال التي كانت السنة الماضية تتراوح بين 1500دج و2000دج وصلت هذه السنة سقف الـ3000 دج بينما تتعدى اسعار السترات الشتوية عند الاطفال سقف الـ15000 دج رغم انها نفس السلع الكاسدة أعيد إخراجها من المخازن. وبسبب هذه الاسعار فقد وقفنا على نوع من العزوف لدى الزبائن الذين باتوا يكتفون بتقليب المنتج و السؤال عن سعره فقط.

  بداية موسم يطبعه الركود لهذه الأسباب

من جهتهم أجمع الباعة و التجار الذين التقينا بهم خلال جولتنا أنه عدا مواسم الاعياد والدخول الاجتماعي فان  الركود هو سيد الموقف، بأسواق الملابس الجاهزة خاصة خلال موسم الشتاء وأشار اغلب التجار ان عوامل عديدة تسببت في هذه الوضعية منها عامل التداخل في الفصول فموسم عرض وبيع الالبسة الخريفية و الشتوية على سبيل المثال كان يبدأ من شهر سبتمبر لكن السنوات الماضية فان حرارة فصل الصيف اصبحت تتأخر لغاية شهر اكتوبر وهذه السنة حتى بداية شهر نوفمبر وهو ما جعل المواطنون يعزفون عن شراء الملابس الشتوية خاصة السترات والمعاطف الثقيلة فحتى مع تسجيل بعض التقلبات الجوية إلا ان درجات الحرارة لم تنخفض بشكل كبير. وبسبب هذه الوضعية يقول محمد وهو أحد تجار المركز التجاري "القدس" بالشراقة فإن نشاط البيع، تراجع بنسبة 80 بالمئة، فغالبية الزبائن يسألون، لكن لا يشترون. مصطفي من جهته اعترف ان زيادة الاسعار التي تعرفها الملابس كل سنة كان لها تأثير مباشر على معاملات البيع حيث أكد في حديثه معنا أنه يسجل مرور عدة أيام دون أن يبيع قطعة واحدة، خصوصا المعاطف و السترات الشتوية  التي قال، بأن الزيادة في أسعارها تناهز 20 إلى 30 بالمئة هذا العام، حسب نوعية المنتج.

   مداخيل لا تغطي حتى تكاليف الكراء

تجار آخرون، سألناهم عن حركية السوق، فقالوا بأن الإفلاس يهدد معظمهم، بالأخص التجار حديثي التجربة في هذا المجال،  فهناك من غيروا نشاطهم إلى مجالات أخرى ، لأن مداخيلهم  باتت لا تغطي حتى تكاليف كراء المحلات التي يشغلونها، خصوصا وأن أسعار الكراء في عدد من مناطق هذا النشاط والمراكز التجارية بالعاصمة باتت لا تقل عن 15 إلى 30 مليون سنتيم شهريا. عدد من التجار ايضا ارجعوا السبب الرئيسي وراء تراجع نشاط سوق الملابس الجاهزة والارتفاع المتكرر في الأسعار السنوات الاخيرة لانخفاض قيمة الدينار الجزائري مقابل سعر الصرف، خاصة سعر "الاورو" وهو العملة التي تتحكم في عصب هذه التجارة.

في خضم ثنائية الأسعار والركود فإن غياب ضوابط تتحكم في نشاط السوق يعتبر اشكالية حقيقية حيث وقفنا خلال جولتنا على فوضى في تحديد هوامش الربح حيث يفرض كل تاجر السعر الذي يناسبه، و يختار هامش الربح الذي يريده، حتى أن هناك بعض التجار لا يتوانون في إقرار زيادات غير مبررة تصل إلى 4 آلاف و5 ألاف دج على المعاطف و السترات، بمجرد انخفاض درجات الحرارة، وهناك من يأخذون هامش ربح يعادل مرتين و حتى 3 مرات سعر القطعة الواحدة، خصوصا باعة الملابس المستوردة.

المنتج المحلي يكسر الأسعار باحتشام

بالمقابل وخلال جولتنا صادفنا بعض المحلات والتي تروج لمنتجات بأسعار أقل مما هو سائد عبر معظم المحلات الأخرى وفي هذا الصدد كشف لنا "وليد" وهو تاجر للملابس النسائية في سوق باش جراح بالعاصمة بأن هناك بعض الورشات المحلية تنتج معاطف و سترات شتوية بأسعار مقبولة مشيرا  إنّ سوق الألبسة بدأ يشهد انتشارا للسلع المحلية، حيث يوجد الكثير من ورشات الخياطة والمصانع التي رفعت من إنتاجها لتغطية النقص المسجل غير أن ذلك يبقي غير كافي لكسر الأسعار.

من نفس القسم الوطن