الوطن

الجزائر.. عُصارة تجربة من أجل عالم خال من الألغام

ملتقى دولي ببعد إنساني

سلطت وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، بالتنسيق مع وزارة الدفاع الوطني ووزارة الشؤون الخارجية، وعلى مدار يومين كاملين، الضوء على ملف في غاية الأهمية والخطورة، ويتعلق الأمر بمعضلة الألغام التي تشكل خطرا على حياة البشر، والتي تُعاني منها عديد الدول سيما بالقارة الإفريقية، حيث أن هذا الملتقى الدولي يحمل في طياته بعدا إنسانيا، في عالم متعدد الأزمات.

ولأن القضاء على الألغام المضادة للأفراد، يحتاج إلى تضافر جهود كل دول العالم، بادرت الوزارة بإعطائه بعدا دوليا من خلال الملتقى الذي نظمته الأسبوع الماضي والموسوم بـ  "من أجل إفريقيا آمنة، الجزائر تجربة رائدة في مكافحة الألغام المضادة للأفراد"، حيث سعى منظمو هذا الملتقى الدولي لعرض التجربة الجزائرية الطويلة في مجال إزالة الألغام الموروثة عن العهد الاستعماري.

إن الارتياح الكبير الذي أبداه ضيوف الجزائر، الذين انبهروا من حسن التنظيم وحفاوة الاستقبال الذي خصوا به، يؤكد نجاح هذا الملتقى الدولي الهام،من جميع جوانبه لاسيما من ناحية التنظيمالممتاز، أو من ناحية المخرجات، إذ بلغ صداه مختلف أنحاء العالم، وجميع المنظمات الدولية المعنية بهذا الملف، على غرار مكتب الأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح، بجنيف، الذي أشاد بأهمية هذا الملتقى المُميز بالتنظيم المحكم والحضور النوعي، حيث استقطبت أشغاله ممثلون عن 68 دولة.

وقد توجت أشغال هذا المؤتمر الدولي، بتوصيات هامة، من شأنها إزاحة شبح الألغام المضادة للأشخاص على وجه الخصوص، على اعتبار أن خطرها ما يزال قائما ويُشكل معاناة كبيرة لملايين السكان خاصة في إفريقيا التي عانت أغلب دولها من ويلات الاستعمار، وهي تسعى اليوم من خلال حضورها القوي في هذا الملتقى الفريد، إلى الاستلهام من تجربة الجزائر، وقد أبدت بعض دول القارة رغبتها في التزود بخبرة الجزائر في هذا المجال.

وهنا، سعت الجزائر من خلال هذا التجمع الدولي غير المسبوق، إلى تقديم عصارة تجربتها في هذا المجال الذي خاضته وما تزال إلي اليوم سواعد الجيش الوطني الشعبي، التي حولت آلاف الهكتارات على حدودنا الشرقية والغربية من مواقع مزروعة بألغام الموت إلى مساحات خضراء تدر خيراتها على هذا البلد الآمن.

ووجب التذكير بالجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة الجزائرية من أجل تطهير أرضها من هذه الألغام التي زرعتها فرنسا الاستعمارية، والتي بلغت حسب تصريحات الأمين العام للجنة الوزارية المشتركة المكلفة بمتابعة تنفيذ حظر الألغام المضادة للأفراد العقيد رشيد مسعودي في كلمته خلال ذات الملتقى، الـ 11 مليون لغم، وإلى جانب ذلك تعد الجزائر الدولة الوحيدة تقريبا التي تقدم يد العون والمساعدة وفي كل الجوانب لضحايا هذه "القنابل الموقوتة".

وفي هذا الشأن أكد وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، خلال افتتاحه لذات الملتقى استعداد الجزائر للمساهمة بطريقة "فعالة ومنسقة" في رفع تحدي إزالة الألغام المضادة للأفراد المزروعة في شتى بقاع العالم للحد من التهديدات الإنسانية والاقتصادية الناجمة عنها، موضحا أن الجزائر تؤكد استعدادها الدائم لمد يدها للمجتمع الدولي وبذل قصارى جهودها بتجربتها الرائدة للمساهمة بطريقة فعالة ومنسقة في رفع تحدي إزالة الألغام المضادة للأفراد المزروعة في شتى بقاع العالم للحد من التهديدات الإنسانية والاقتصادية التي تشكلها هذه الألغام".

وبعد أن ذكر بجهود الجزائر من أجل تطهير أراضيها ومناطقها الملغمة، شدد الوزير على أن الجزائر "دعمت اتفاقية حظر الألغام بعد إقرارها والمصادقة عليها، انطلاقا من مبادئها الإنسانية السامية، لاسيما أنها شرعت منذ سنة 1963 في تطهير ترابها من الألغام المضادة للأفراد والتكفل الصحي والاجتماعي والنفسي بضحايا الألغام بفضل الالتزام الكبير للدولة وتجنيدها لموارد وطنية هامة، وهذا ما ساهم بشكل كبير في تعزيز الاتفاقية ومثل تحفيزا لتحقيق الأهداف التي حددتها الدول الأطراف منذ 20 سنة".

إن الإشادة التي حظيت بها الجزائر من قبل المتدخلين الدوليين المشاركين في هذا الملتقى، دليل على حرصها على تجسيد مبتغى "عالم خال من الألغام"، وأيضا على إرادتها القوية في تحقيق أهداف اتفاقية "أوتاوا".. فهذه التجربة الفريدة تمكن الجزائر دون شك من قيادة عمل إفريقي وعربي مشترك من أجل القضاء على هذه المعضلة، التي ما تزال بعض الدول بالمنطقة تعيش على وقع خطرها، ولعل أبرز مثال على ذلك ما يعيشه الشعب الصحراوي الموبوءة أرضه بملايين الألغام التي زرعها الاحتلال المغربي جورا وعدوانا.

من نفس القسم الوطن