الوطن
2022 .. الجزائر محمية بقوة جيشها ووفاء شعبها
استعراض عسكري تاريخي وعمليات نوعية ضد فلول الإرهاب
- بقلم ايمان سايح
- نشر في 29 ديسمبر 2022
يبقى الجيش الوطني الشعبي الوريث الأجدر لجيش التحرير الوطني والسند الأمتن للشعب، وكما جرت عليه العادة مع نهاية كل سنة، نستحضر من هذا المنبر الإعلامي أهم المحطات المشرفة للجيش خلال سنة 2022 والتي ظل خلالها وفيا لأمانة الشهداء، ومتمسكا بمبادئ الفاتح من نوفمبر التي لم ولن يحيد عنها، كما عمل على مدار السنة، من اجل الحفاظ على هيبة الجزائر ومكانتها إقليميا ودوليا بفضل بسالة أبنائه وإخلاصهم لهذا الوطن الحبيب، وكان الاستعراض العسكري الضخم الذي نظم بمناسبة الاحتفال بستينية الاستقلال، الحدث الأبرز خلال السنة الماضية، بالنظر لبلاغة الرسالة التي أوصلها إلى العالم والتي أكد من خلالها جاهزية الجيش الجزائري للدفاع عن الوطن ومواجهة أي خطر خارجي محتمل، مستعرضا القدرات الهائلة التي يتوفر عليها في مجال التسليح، والاحترافية التي يتمتع بها في مجال التنظيم والهيكلة.
نودع بعد غد سنة 2022، بكل الاحداث البارزة والمحطات الهامة التي عاشتها بلادنا خلالها، والتحديات الكبرى التي حققتها في مختلف المجالات بفضل نعمة السلم والأمن التي يحرص بواسل الجيش الوطني الشعبي على حفظها وصونها، تنفيذا لوصية الشهداء والتزاما بمبادئ المؤسسة العسكرية التي تجعل من وحدة الوطن واستقراره ركيزة أساسية في استراتيجيتها العملياتية، ومن هذا المقام يفرض علينا واجب الاعتراف والاعتزاز ببطولات جيشنا الوطني، الإشادة ببسالة ابناء هذا الوطن والوقوف عند أبرز الانجازات والبطولات التي حققها الجيش الوطني الشعبي سليل جيش التحرير الوطني خلال سنة 2022، فالجيش الوطني الذي ولد من رحم الشعب ورث عن سلفه جينات البطولة والغيرة على الجزائر، فلم يترك أية فرصة إلا ودافع فيها عن هذا الوطن صونا لكرامة شعبه ودفاعا عن مكانته بين الأمم، فكان دوما السد المنيع والدرع المتين في وجه المؤامرات والدسائس، وقدم أبطال الجيش الوطني الشعبي مثالا حيا للتضحية بالأنفس والأرواح في سبيل الدفاع عن هذا الوطن.
"ستينية الاستقلال"...شاهد على جاهزية الجيش وقوة ترسانته
وفي خضم احتفالنا بستينية الاستقلال التي يحرص رئيس الجمهورية على جعلها محطة لاستذكار بطولات الشهداء والمجاهدين، والاعتراف ببسالتهم خلال الثورة التحريرية ورشادة حكمهم بعد الاستقلال، وجه الجيش الوطني الشعبي في 5 جويلية المنقضي، رسالة قوية ومباشرة للعالم، عبر استعراض عسكري تاريخي أثار إعجاب الجميع وأبهر الحضور، فقد ترجمت ملامح الجميع مدى الإعجاب والاعتراف بقوة الجزائر واحترافية جيشها وانضباطه وأقرت بمستوى التكوين والتدريب العسكري الذي توفره لبواسله ما يسد الطريق أمام الحالمين بتعكير صفو وأمن هذا الوطن الحبيب، كما اكد الجيش الوطني الشعبي جاهزية أبطاله وبواسله للوقوف صفا واحدا وذرعا متينا في وجه كل من يحاول تهديد أمن واستقرار هذا الوطن.
وأخذنا الاستعراض العسكري الاحترافي، في جولة عبر تاريخ النضال المشرف لجيش التحرير الوطني إبان الثورة المظفرة، والمسيرة المشرفة التي استكملها بعده الجيش الوطني الشعبي سليله الأوحد والأجدر، فقدم صورة مشرفة عن تواصل الأجيال حين "رصّ المربعات" تباعا ورتبها حسب التسلسل الزمني، فكانت البداية بمربع المجاهدين، صانعي المجد والتاريخ، الذين منحت لهم الاولوية نظير تضحياتهم وبطولاتهم إبان الثورة التحريرية، تلاه مربع لأشبال الأمة في رمزية تدل على التواصل بين جيل الثورة وجيل الاستقلال، ليشمل ثالث المربعات مختلف المدارس التابعة للجيش الوطني الشعبي والتي تمثل مختلف قوات الجيش، من قوات برية وجوية وقوات الدفاع الجوي عن الإقليم، القوات البحرية، وأخيرا مربع الدرك الوطني، الذي شمل المدرسة العسكرية متعددة التقنيات، المدرسة الوطنية التحضيرية لتموين مهندس، المديرية لعسكرية للعتاد، مديرية الإشارة وأنظمة المعلومات الحرب الإليكترونية، المديرية المركزية للصحة العسكرية، الأمن الوطني، الحماية المدنية، الجمارك، ومربعات القوات الخاصة.
وبكل بلاغة ووضوح، أوصل الجيش الوطني الشعبي رسالته لكل من يحلم عبثا بزعزعة استقرار هذا الوطن الحبيب أو التآمر ضده، من خلال استظهار قوة أسطوله الحربي الجوري والبري والبحري، فقد عزفت محركات الطائرات والمروحيات التابعة للجيش الوطني الشعبي سنفونية متناسقة عكست قوة الطيران الحربي الوطني واحترافية أسرابه، والجاهزية القصوى التي يتمتع بها صقور الجيش الوطني الشعبي، فتزينت سماء العاصمة يومها بمئات المروحيات والطائرات من احدث الطرازات الحربية،
كما حمل استعراض العتاد العسكري، تأكيدا على الاولوية التي توليها القيادات العليا للجيش الوطني الشعبي لتعزيز القدرات الدفاعية، من خلال استعراض الأسلحة والعتاد الحربي التي يمتلكها الجيش الوطني الشعبي، سواء تعلق الأمر بسلاح المدرعات الذي يعد القوة الضاربة الرئيسية، أو أرتال الدبابات العسكرية التي مرت تباعا وهزت محركاتها الطريق المحاذي لجامع الجزائر، متبوعة بوحدات فرعية أخرى من دبابات القتال بمختلف أصنافها، عززها استعراض الوحدات الفرعية لسلاح المدرعات وسلاح المشاة الميكانيكية، إلى جانب آليات إسناد وعربات لنقل المشاة مزودة بمنصة إطلاق صواريخ، وعربات قتالية مدولبة مزودة بمنصات صواريخ وعربات استطلاع قتالية، ولم تقتصر قوة الجيش الجزائري على معداته الجوية والبرية، بل صنعت وحدات القوات البحرية بدورها تشكيلا استعراضيا مميزا تقدمته الغواصة "الونشريس" وتبعتها الغواصة "جرجرة" اللتان تعتبران مفخرة لأسطولنا البحري، لتتقدم بعدها سفينة القيادة ونشر القوات "قلعة بني عباس"، وتعبر أخيرا مفخرة السلاح البحري، الفرقاطة "الرادع" من القسم البحري لفرقاطات متعددة المهام، ثم تقدمت السفينة "مدرسة الصومام"، وفي ديكور راقي يمتزج بالعزة والقوة رفعة السفينة الشراعية "المخطاف" أشرعتها، لتبحر في خليج الجزائر لتكون فعلا لؤلؤة للقوات البحرية .
وفي عز احتفالاتها وانهماكها بتخليد ذكرى استقلالها، لم تتخل الجزائر عن تقاليدها الدبلوماسية ومبادئها القائمة على حسن الجوار وجمع الفرقاء، فلقد ضمت المنصة الشرفية المنصبة في مركز الجامع الأعظم، أسماء فرقتهم المواقف والآراء وجمعهم "احتفال الجزائر"، فبالإضافة إلى الرمزية الكبيرة التي مثلها اختيار مكان الاستعراض العسكري والذي جاء رسالة واضحة تؤكد محو بلادنا لجميع آثار المستعمر الفرنسي واعتزازها بعروبتها وإسلامها وعزتها، صنع حضور بعض الشخصيات حفل ستينية الاستقلال الحدث، فنجحت الجزائر في لم شمل الفرقاء خاصة بالنسبة للخلاف القائم بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني فتح وحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، كما قدم حضور الرئيس التونسي قيس سعيد لحضور احتفالية ستينية الاستقلال رسالة واضحة تؤكد تمسك الجزائر بمبدأ حسن الجوار، كما أن زيارة الرئيس التونسي وإن كانت تحمل في شكلها إرادة في المشاركة في عيد الاستقلال الستون لبلادنا، بحكم التاريخ والنضال المشترك بين البلدين ضد الاحتلال الفرنسي، خصوصا فيما يخص أحداث ساقية سيدي يوسف، غير أنها تقدم في طياتها رسالة واضحة تؤكد أن تونس باقية على علاقات الاخوة التي تجمعها بالجزائر وأنها تنظر للجزائر على أساس أنها الشقيق الأكبر.
حرب بلا هوادة ضد فلول الإرهاب
وعلى مدار هذه السنة، حققت وحدات الجيش الوطني الشعبي نتائج نوعية في مجال مكافحة الإرهاب، وسجلت عمليات ناجحة سمحت بدك معاقل فلول الإرهاب في مناطق متفرقة من الوطن، وفي ظرف زمني قياسي واحترافية كبيرة، لتثبت بذلك احترافيتها العالية ويقظتها المستمرة واستعداداها الدائم للدفاع عن هذا الوطن وسعيها الجاد للقضاء على الإرهاب ببلادنا، من خلال سهرها على حماية حدودنا من أي تهديد خارجي، ففي إن قزام وبالتحديد قرب الشريط الحدودي الجنوبي بالقطاع العملياتي بالناحية العسكرية السادسة، نجحت مفارز للجيش الوطني الشعبي، في القضاء على إرهابيين اثنين أحدهما جثة متفحمة، وجرح إرهابيين اثنين وتوقيفهما، كما تم استرجاع أسلحة ثقيلة ومعدات أخرى تمثلت في أربعة عربات من نوع طويوطا ستايشن (محروقة)؛ ثلاثة رشاشات ثقيلة من نوع 12.7 ملم (محروقة)؛ رشاش من نوع FMPK (محروق)؛ ستة أسلحة رشاشة من نوع كلاشنكوف PMAK (محروقة)؛ سلاح رشاش من نوع كلاشنكوف PMAK؛(حالة جيدة)، إضافة إلى سلاح رشاش مجهول النوع (محروق)؛ قاذف صاروخي من نوعRPG-7 (محروق)؛ بندقية قناصة من نوع SVD (محروقة)؛ وهاتف من نوع ثريا؛ إلى جانب هاتفين نقالين ذكيين وهاتفين نقالين.
وقبلها، كانت مفارز للجيش الوطني الشعبي قد تمكنت في عملية نوعية نفذتها بتمياوين بالقطاع العملياتي برج باجي مختار بالناحية العسكرية السادسة، من إلقاء القبض على ثلاثة إرهابيين ينتمون للجماعات الإرهابية النشطة بمنطقة الساحل، ويتعلق الأمر بميباركي الشيخ المكنى "الحسن" وسولي الحسن المكنى "الدوسحاقي"وبابا أحمد بحادة من جنسية مالية، كما تم في ذات العملية، توقيف ثلاث عناصر دعم ويتعلق الأمر بـ: دلالي محمد من جنسية مالية، عقبة كنتة شريف وعقبة كنتة أحمد، وفي إطار جهودها دائما نفذت وحدات ومفارز للجيش الوطني الشعبي، عديد العمليات التي أسفرت عن نتائج نوعية تعكس مدى الاحترافية العالية واليقظة والاستعداد الدائمين لقواتنا المسلحة في كامل التراب الوطني.
وحول ذلك، نجحت وحدات للجيش الوطني الشعبي بتيبازة في القضاء على ثلاثة إرهابيين وإلقاء القبض على إرهابي آخر واسترجاع 04 أسحلة نارية وذخيرة وأغراض أخرى، كما سلم إرهابي آخر نفسه للسلطات العسكرية بأدرار وبحوزته مسدس رشاش من نوع كلاشنيكوف وكمية من الذخيرة، كما أوقفت مفرزة مشتركة للجيش الوطني الشعبي في نفس السياق، إرهابيا مبحوثا عنه بالوادي، في حين تم توقيف10 عناصر دعم للجماعات الإرهابية في عمليات منفصلة عبر التراب الوطني. فيما أوقفت مفرزة أخرى بتمنراست بالتنسيق مع مصالح الأمن الوطني 05 أشخاص من جنسيات مختلفة بحوزتهم مسدس رشاش من نوع كلاشنيكوف وبندقية صيد وكمية من الذخيرة، فيما تم كشف وتدمير 05 قنابل تقليدية الصنع خلال عملية تمشيط بجيجل.
الجيش.. القوة الداعمة لركائز "الجزائر الجديدة"
وبعيدا عن دوره المحوري في الدفاع عن أمن هذا الوطن، أعلنت المؤسسة الوطنية لجيش في أكثر من مرة دعمها لمسار بناء الجزائر الجديدة، ومساندتها للجهود المبذولة من طرف القيادة العليا للبلاد على أكثر من صعيد، فأشادت بما تم تحقيقه خلال السنوات الأولى من عهدة الرئيس تبون في مختلف المجالات، واعتبرت أن الإصلاحات العميقة والتوجه الجديد للدولة والنتائج المحققة ميدانيا قد جعلت المواطن الجزائري يستعيد ثقته الكاملة في مؤسسات دولته، كما أقرت بأن الجزائر تشهد منذ انتخاب عبد المجيد تبون رئيسا للجمهورية قبل ثلاث سنوات، تحولا كبيرا وتطورا لافتا على مستويات وأصعدة عدة، بعد أن قطعت أشواطا معتبرة في مسار الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وترسيخ دعائم الديمقراطية وتكريس دولة القانون بهدف إرساء أسس جزائر جديدة.
وإذ يؤكد الجيش الوطني الشعبي عزمه على مرافقة مسار بناء الجزائر الجديدة، فإنه يشدد على مسؤولية الجميع في المشاركة في هذا التحدي، خاصة في ظل الرهان الإقليمي والدولي المنقلب الذي تعيشه بلادنا والذي يستدعي أكثر من أي وقت مضى تمتين اللحمة الوطنية وتعزيز الجبهة الداخلية، ملتزما بالمساهمة الفعالة في مسيرة التنمية الوطنية.