الثقافي
تصنيف طابع "الراي" تراثًا عالميًا شهادة حاسمة لصالح الجزائر
عبّرت عن شكرها وامتنانها لكل الدول التي صوّتت للجزائر، الوزيرة مولوجي:
- بقلم حياة س
- نشر في 04 ديسمبر 2022
اعتبرت وزيرة للثقافة والفنون، صورية مولوجي، أنّ قرار منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونيسكو"، بإدراج أغنية الراي الشعبية الجزائرية، في قائمة التراث العالمي غير المادي للإنسانية، يعتبر شهادة حاسمة لصالح الجزائر وهذا الطابع الموسيقي العريق بأصوله الجزائرية.
صورية مولوجي وفي أول تصريح لها عقب الإعلان عن إدراج الراي الجزائري في قائمة التراث العالمي غير المادي للإنسانية، مؤخرا أكّدت في تصريحات للإذاعة الجزائرية عبر ميكرفون "جيل أف أم"، أنّ "التقييم الذي تمّ من قبل الهيئة الخاصة بحماية التراث الثقافي غير المادي كان جد إيجابي وبدون أية تحفظات"، كما أنّ "المصادقة كانت بالإجماع وبدون نقاش من طرف اللجنة الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي في دورتها الـ17"
وعبر ميكروفون إذاعة "جيل أف ام"، هنّأت الوزيرة الشعب الجزائري على هذا المكسب والإنجاز والإعتراف، وعبّرت عن شكرها وإمتنانها لكل الدول التي صوّتت للجزائر، موضحة أنّه "يعتبر شهادة حاسمة في حق الجزائر ولهذا الطابع الموسيقي العريق بأصوله الجزائرية بدون منازع، وعليه أوجه تشكراتي لكل الدول الأعضاء التي ساندت ملف الراي".
وكانت ذات المسؤولة الحكومية قد ثمنت, تسجيل الراي كغناء شعبي جزائري على قائمة التراث اللامادي للإنسانية من طرف منظمة اليونسكو، معتبرة أن هذا التصنيف "يشكل بالنسبة إلى الجزائر شهادة حاسمة باعتراف العالم بهذا النوع الثقافي والفني والموسيقي".
و أشارت مولوجي, في كلمة تم بثها بمناسبة الاجتماع ال 17 للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي لليونسكو الذي عقد بالرباط واختتمت فعالياته أمس السبت 3 ديسمبر 2022 أن "الجزائر تتقدم باسم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون وباسم حكومتها وشعبها بتشكراتها الخالصة لمنظمة اليونيسكو نظير تسجيلها لـ الراي غناء شعبي جزائري ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللامادي للإنسانية".
كما قدمت الوزيرة تشكراتها "للجنة الحكومية الدولية المجتمعة في دورتها السابعة عشر وكذا اللجنة الحالية للتقييم نظير خبرتها الموضوعية والنزيهة التي حققت هذا الاعتراف الدولي (...) و إلى كل الدول التي ساندت هذا الترشح وكذا أمانة الاتفاقية للجهود المبذولة والعمل المنجز في جو التبادل والسماع والمرافقة".
و أردفت وزيرة الثقافة أن تسجيل الراي كغناء شعبي جزائري على قائمة التراث اللامادي للإنسانية "يشكل بالنسبة إلى الجزائر شهادة حاسمة باعتراف العالم بهذا النوع الثقافي والفني والموسيقي كرسالة صداقة وحب وسلام (...) مهداة للعالم وللإنسانية جمعاء", رسالة تعتبرها صورية مولوجي "بمثابة الشاهد الذي يسجل الاحداث التاريخية وأحلام السلام".
وأكدت الوزيرة على "إلتزام الدولة الجزائرية بخدمة كل ما تباشر به اليونيسكو من أجل الثقافة والتراث والفنون العالمية" مشيرة الى "فخر وشرف الجزائر لاحتضانها المركز المكلف بالتراث الثقافي اللامادي لكل القارة الإفريقية" ملتزمة "بتعزيزه بكل الوسائل الضرورية لضمان سيره بانتظام وكفاءة".
- الراي من مهده في الغرب الجزائري إلى تراث الإنسانية
ودخلت أغنية الراي الجزائرية الشعبية المتجذرة بعمق في ثقافة مجتمعها من مهدها في الغرب الجزائري إلى أكبر خشبات العرض في العالم، في قائمة اليونسكو المرموقة للتراث الثقافي اللامادي للإنسانية حسب تقرير لوكالة الأنباء الرسمية، فقد كرست المنظمة الأممية، خلال الدورة ال17 للجنة الحكومية الدولية لحماية التراث الثقافي غير المادي، فن من فنون العرض تحمله التقاليد الشفوية والممارسات الاجتماعية التي تطورت من مهدها بالريف الجزائري لتقتحم الساحات الفنية والثقافية في العديد من بلدان العالم.
في وثيقة التبرير المقدمة إلى الخبراء وممثلي الدول الأعضاء، قدم الراي كأغنية شعبية جزائرية "تتنفس وتنقل علامة قوية للتعبير عن هوية المجتمع الذي ولده واعترف به".
وتوضح ذات الوثيقة أن هذه الأغنية الشعبية من مهدها في مدن غرب الجزائر مثل وهران وعين تموشنت وسيدي بلعباس والسعيدة، " تترجم الواقع الاجتماعي وتغني عن الحب والحرية واليأس والقيود الاجتماعية، دون طابوهات أو رقابة".
وذكر المركز الوطني للبحوث في عصور ما قبل التاريخ وعلم الإنسان والتاريخ، الذي أعد ملف الترشح للتصنيف، أن الأساتذة (الشيوخ) غنوا، منذ قرنين من الزمن، نصوص الشعر "الملحون" (الشعر باللغة العربية العامية) رفقة أوركسترا تقليدية تتكون من "القلال" (دف أنبوبي) و "القصبة" (الناي).
وتؤكد الوثيقة أن النساء (الشيخات) هن اللواتي قدمن، في بداية القرن العشرين، توجها أقل عرضة للغات المتفق عليها من خلال فرض قوانين مخالفة.
وعرف الراي بعد ذلك انتشارا جغرافيا أكبر في الجزائر نحو وسط البلاد وشرقها، ويرجع الفضل في ذلك أساسا إلى ظهور وسائط التسجيل التي سمحت بانتشاره الواسع، قبل فرض نفسه على المستوى الدولي بفضل الجالية الجزائرية المقيمة في الخارج.
وقد أدخل الراي المعروف في شكله الحالي منذ السبعينيات، آلات مثل القيتار الكهربائي والبوق والأكورديون و البيانو الرقمي (le synthétiseur) دون تشويه "روحه".
كما يعرض ملف الترشح هذه الموسيقى على أنها "الناطق باسم الأمل ضد الأصولية الإسلامية" في التسعينيات، ولكن أيضا "كحلقة وصل رمزية مع البلاد" بالنسبة للجالية الجزائرية المقيمة في الخارج.
ومن خلال التعاون المتنوع بين الفنانين المشهورين عالميا، فقد فرض الراي نفسه أيضا كعامل تقارب بين المجتمعات والثقافات ووسيطا في "التفاهم المتبادل والتبادل".
- اليونسكو.. طابع الراي جزائري
وأدرجت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، الخميس الماضيالراي "غناء شعبي جزائري"، في قائمة التراث العالمي غير المادي للإنسانية، وجاء ذلك خلال الاجتماع الـ17 للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي لليونسكو الذي اختتمت فعالياته يوم أمس السبت، وتحصي الجزائر، مع تصنيف غناء الراي، 9 عناصر مدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي وهي أهليل قورارة، ولباس العرس التلمساني (الشدة)، والاحتفال بالمولد النبوي (أسبوع) في تيميمون، وركب اولاد سيدي الشيخ، واحتفال السبيبة، بالإضافة إلى ثلاثة عناصر بالاشتراك مع دول مجاورة وهي "الإمزاد" و"الكسكس" و"الخط العربي".
ظهر الراي في الأوساط البدوية الريفية في الغرب الجزائري كما في ولايات سيدي بلعباس وغليزان وتيارت ومعسكر ومستغانم، لينتقل بعدها إلى المدن بعد الاستقلال وخصوصا وهران أين برز كفن عالمي على يد العديد من المغنيين.
وتميز الراي التقليدي بطريقته في الغناء والألحان والكلمات المستقاة غالبا من الشعر الملحون، حيث برزت آنذاك الكثير من الأصوات التي تعتبر اليوم من أعمدة هذا الفن على غرار الشيخة الريمتي، وإسمها الحقيقي سعدية بدياف، المنحدرة من ولاية بلعباس والتي صدحت بصوتها في سماء أغنية الراي منذ 1952 لتكون بذلك سفيرة بارزة لهذا الطابع.
وعرف الراي عصرنة بعد الاستقلال بفضل الأخوين رشيد وفتحي بابا أحمد وكذا مسعود بلمو، حيث أدخلت العديد من التأثيرات الموسيقية الغربية كما صارت موضوعاته تتمحور أساسا حول المسائل العاطفية، لينتشر بعدها على أوسع نطاق مع ظهور المهرجان الذي خصص له انطلاقا من عام 1985.
وواصل الراي انتشاره الكبير حيث انتشر في مختلف مناطق الجزائر بفضل تطور دعائم التسجيل و النشر واكتسح أيضا الساحة الموسيقية العالمية من خلال أعمال العديد من الفنانين الجزائريين و مشاركة أسماء موسيقية عالمية في مشاريع فنية مشتركة.
وتضم الجزائر العديد من الباحثين في هذا النوع الموسيقي على غرار عبد القادر بن دعماش وعبد الحميد بورايو والراحل الحاج ملياني، أضافة للعديد من الباحثين في علم الانسان والذين خصصوا أبحاثا وإصدارات كثيرة للتأريخ لهذا الفن والتعريف به بهدف حفظ ذاكرته كتراث جزائري.